مقالات

بعد قصيدته ” داست نعالي” كرم شقور يرد على …

ردا على رسالة الاديب والشاعر عزيزي وصديق الصبا الفيلسوف (حائز على لقب دكتوراه في موضوع الفلسفه ) معين حاطوم . إضطررت أن أنشر الرد على رسالته هنا لأن حضرة السيد الفيس بوك لم يوافق على نشرها كإجابة لرسالته سبب كبر الرساله .
تمهيد وفكره عن رسالته : بعد ان قرأ الاخ معين حاطوم قصيدتي بعنوان “داست نعالي” التي أهاجم فيها الشعر السائب ، الشعر الذي أصبح يحتل صفحات المواقع الادبيه بل ويتصدرها ، وأصبح كل من يعرف القراءه والكتابه يكتبه ليقولوا عنه شاعرا ً (حتى لا ينتظر ان يقولوا عنه شاعرا ، أصبح يكتب قبل اسمه : الشاعر فلان . أو الشاعره فلانه ) ههههههه . من سخريات القدر والله . وهو لم يقرأ بيتاً واحداً من الشعر الأصيل . وأُناشد بقصيدتي الرجوع للشعر الأصيل الا وهو الشعر العمودي . فدافع الأديب معين حاطوم برسالته عن هذا الشعر الجديد وشجع كتابته واحتوت رسالته على بعض الجمل بها هاجم الشعر العمودي بعض الشيء . للصديق معين حاطوم أقول (عذرا إن وقع بردي على رسالته أخطاء املائيه أو نحويه أو تعبيريه لأني كتبتها على عجل ومن شدة حرصي ان يقرأ أحدهم رسالته ويشرع بكتابة الشعر السائب متشجعا باقوال معين قمت بنشرها على الفور دون تنقيح أو مراجعه )اما ردي فهو ؛

اخي معين .. اعط للشعر احترامه . وأما عن النثر الذي يطلقون عليه شعرا . ليطلقون عليه اسماً آخر . نثراً جميلاً مثلاً . أو لوحات ادبيه جميله . أو خواطر أدبيه . أو أي شيء .للشعر قوانينه وقواعده ولا تجعل منه أضحوكه . هل بك ان تغيير قواعد اللغه . ان تنصب الفاعل وترفع المفعول به . هذه قدسية اللغه . وقدسية الشعر هي تلك النغمه المموسقه التي تميزه عن النثر . حتى في الاغاني وبكل اللغات . للأغاني قافيه وللاغاني وزن وللاغاني لحن على إحدى المقامات الموسيقيه . والمقامات في الموسيقى يقابلها بحور الشعر وتفعيلاتها . أوافقك أنه ليس كل شعر موزون ومقفى هو جيد . أنا لا أتكلم عن هذا الشعر . ولكن كل شعر يخلو من الوزن والقافيه ليس شعرا . لماذا ندعوه شعرا . ليبتكروا له اسما آخر . لذلك انا لن أتزحزح عن رأي . سأحارب هذا النوع من الهراء . هؤلاء الذين يكتبون شعرا نثريا ، هل يعرفون الاوزان والبحور والتفعيلات . لو أنهم يعرفونها وفي جعبتهم بعض القصائد منها وتوجهوا لكتابة النثر الحر (نص مصيبه ) ولكنهم لا يعرفونها ابدا . ويساعدون في طمسها وتلاشيها . اليس من الأحرام بحق لغتنا الجميله أن يختفي منها هذا النوع من الادب الجميل . هل سمعت مطربا غنى اغنيه في الشعر الحر السائب الذي لا يخضع لاي نوع من قوانين الشعر . بينما بالمقابل تسمع الكثير من القصائد العموديه لحنت وغنيّت بأصوات عمالقة الطرب وطرِب لسماعها المستمعون وما زالت حيّه وتُسمع منذ عشرات السنين حتى الأن أكثر من تلك الاغاني الرخيصه . اسألك لماذا …؟ وعن تساؤلاتك عن عدد الذين يكتبون شعراً عمودياً موزونا ومقارنتهم بالذين يتحررون من هذه القيود ويكتبون شعرا حرا . نعم صحيح ان عدد الذين يكتبون شعرا حرا في تزايد وهم كُثر . لماذا ..؟ أليس لأن كتابته أسهل بملايين المرات من كتابة الشعر العمودي .. هناك مقومات للشعر علينا مراعاتها . الشعر ينقصه الشعور ايضا ليغدوَ شعراً ليس فقط الوزن والقافيه . يجب ان تبحث بين الكلمات عن الشعر ، عن الشعور ، عن الومضه ، عن الرعشه ، عن ان تقول عندما تقرأه واووووووو . عن ان تسكر لسماعه أو قراءته . اتحدا كل من يكتب او يشجع الشحر السائب . ادعوه شعرا سائبا لا أهل له ولا أصل ولا حسب ولا نسب .. اتحداهم أن يأتوني ببيت واحد أو بقصيده سائبه تبحث عن حل شعرها تضاهي او تنافس . بيتا واحدا من قصيدة ابن زيدون التي مطلعها :
أضحى التنائي بديلاً من تدانينا

وناب عن طيب لقيانا تجافينا

بنتم وبنا فما ابتلت جوانحنا

شوقا اليكم وما جفت مآقينا

ولا تسألني عن المتنبي حين قال مرتجلا لسيف الدوله عندما رماه سيف الدوله خنجراً في محضر الأصمعي وجرحه في اذنه :
إن كان سركمُو ما قال حاسدنا
فما لجرحٍ إذا أرضاكم ألم .
واسترسل وقال :
أنام ملء جفوني عن شواردها ويسهر الخلق جراها ويختصم

ويزيد بن معاويه عندما قال أبلغ بيت في الغزل

وأمطرت لؤلؤاً من نرجسٍ وسقت
ورداً وعضت على العناب بالبرد

ايحسدوني على موتي فوا أسفي
حتى على الموتِ لا أخلو من الحسد .

هل هذه الأبيات تخلو من النكهه الشعريه ومتعة الشعر يا ابا شادي .

وأحمد بن يوسف الدمشقي الذي لم يقل الشعر كثيرا حين نظم رائعته التي قال عنه المعري انت أشعر من بالشام والتي يقول فيها :

وقانا لفحة الرمضاء وادٍ — سقاه مضاعفُ الغيثِ العميمِ

نزلنا دوحهُ فحنا علينا — حُنو المرضعاتِ على الفطيمِ

وأرشفنا على ظمــإِ زلالاً — ألــذ من المدامة للنديمِ

يصدُّ الشمس أنىِ واجهتنا — فيحجبها ويأذن للنسيمِِ

يروعُ حصاهُ حاليةَ العذارى — فتلمسُ جانب العقدِ النظيمِ.

واين الشعر التي تطالبون بتشجيعه ليحل بديلاً من بيتِ شعر واحد قاله الشاعر السوداني ادريس جماع اذ قال :

السيفُ بالغمدِ لا تخشى مضاربُه
وسيف عينيكِ في الحالين بتار ُ

وزن وقافيه وموسيقى ومعنى

لماذا لا نكتب شعراً تتوفر به الثلاث صفات تلك . الوزن القافيه التي تكمل الوزن لنحصل على نغمه وايضا معنى وشاعريه .

لماذا لم نكتب ونشجع مثل هذا الشعر ..؟ الأنه صعب . والله أضحكتني .

انت تطلب مني اخي معين كمن يطلب من المطرب غناء اغنيه بلا لحن .. او عزف يبعد كل البعد عما يغني المطرب . وهل تصلح الأغنيه بلا لحن أو بلا عزف .
والعزف له قوانينه له اوزانه ومقاماته . لماذا اطلقوا عليه مقام …؟ لانه ذو مقامٍ عالٍ . اعط لكل شيء بالحياه حقه . للمسائل الحسابيه قوانينها وبدونها لا تحل .لقيادة السياره قوانين . وهل بإمكانك ان تقود سيارتك كما يحلو لك بدون الأنصياع لقوانين السياقه ..؟ مثلها مثل كتابة القصيده التي تحترم نفسها . بها يفتخر كاتبها . أحلفك بالله .. هل بإمكانك أن تخفظ عن ظهر قلب قصيده من الشعر السائب . وكم قصيده عموديه ترددها عن ظهر قلب …؟ هل الشعر السائب يحافظ على وجوده وكينونته لالاف السنين كما الشعر المحترم الشعر العمودي . انه مثل الاغاني التحاريه المنتشره بكثره في هذه الفتره . أغانٍ موسميه لا تتحاوز الشهر وتتلاشى . وهل يسرك ان يتلاشى شعرنا .. جيد ان الشعراء الاوائل ماتوا . جيد أنهم لم يسمعوا بالنداء الذي ينادي بطمس الشعر العمودي وانتشار الشعر السائب . أصلاً هذا ليس شعرا وحرام ثم حرام ان نسميه شعرا . من ينادي بتشجيعه انه مجرم بحق اللغة العربيه وهو مدسوس لطمسها . لغتنا جميله وأجمل شيء فيها هو الشعر وعلينا الحفاظ عليه ، ومن يعمل عكس ذلك فهو لا ينتمي لا للعرب ولا للعروبه .
وفي النهايه بربك ان تقرأ هذه القصيده التي أهديك اياها وهي من نظمي :

ألوشم
شعر : كرم شقور

ألـوَشـمَ تَـنْـقُــشُ كي تُـزَيّـنَ نَـفْــسَهـا
سـتُ الحسانِ وأنتِ وشمٌ يُـنـقـشُ

ألـكحـلُ مـِن عـيـنـيــكِ تـأخـذُهُ الـمَـها
والطِّيبُ مِن عبَراتِ جَفْنكِ يُنْعشُ

وتـرُ الــكــمانِ جـَعَـلْـنـَهُ مُـتـــشـابـهـًا
لوتارِ صوتِك, دونَها قـدْ يَـجهشُ

والشمسُ إنْ مدَتْ خُـيوطاً في الفـضا
منْ شعرِكِ الذهـبي حقلاً تفرُشُ

والظامئاتُ مِنَ الحواري في الهوى
إنْ لمْ ترِدْنَ إلى شفاهـِكِ تَـعْطـشُ

فـعـلامَ يــا أحـلـى الـخـلائــــقِ يا مها
تَجري الـفراشةُ خـَلْفَـها تـتَحَـرَشُ

ألــكـي تَــنــــالَ مـِنَ الأنـــوثـــةِ ذَرةً
تَسبي بها قلبَ الحبيبِ وتـرْعِــشُ

لـو خَــيـَّرَ الّـلـهُ الـرجـالَ لـــفـَـضـَلُوا
عـيشـاً بـقربـكِ والجَنانَ لَهَـمَـشُوا

ألّـلـهُ أدهــشَ خــلــقـَـهُ بــِجـــَمــالـِها
مِنْ بَـعْـدِها لم يأتِ شَيــئٌ يـُدهـشُ

عـرشُ الـجـمـالِ عـلـيهِ أنتِ تَـرَبـَعي
لا تسمـحي لِوَصِـيفَـةٍ تـَـتَـعَـرشُ

مقالات ذات صلة

إغلاق