مقالات

التطهير العرقي.. سياسة تقوم على القوة بقلم: د. حنا عيسى – أستاذ القانون الدولي

التطهير العرقي هو عملية الطرد بالقوة لسكان غير مرغوب فيهم من إقليممعين على خلفية تمييز ديني أو عرقي أو سياسي أو استراتيجي أو لاعتباراتأيدولوجية أو مزيج من الخلفيات المذكورة من خلال السجن، القتل أو التهجيرالذي تقوم به مجموعة عرقية تشكل الغالبية على مجموعة عرقية أخرى تشكلالأقلية من أجل الحصول على مناطق تقطنها المجموعة الثانية التي تنتمي لهاالأغلبية. وقد تكون عمليات التطهير العرقي وفي حالات عديدة مرافقة لمجازرترتكب ضد الأقلية المستهدفة.

يذكر أن هذا المصطلح قد درج استخدامه بعد سنة 1990 خلال عملياتالتطهير العرقي في يوغسلافيا السابقة ومذابح رواندا.

وهو محاولة خلق حيز جغرافي متجانس عرقياً بإخلائه من مجموعة عرقية معينةباستخدام القوة المسلحة، أو التخويف، أو الترحيل القسري، أو الاضطهاد، أوطمس الخصوصية الثقافية واللغوية والإثنية، عبر القضاء عليها نهائياً أوتذويبها في المحيط الإثني الذي يُراد له أن يسود.

النشأة

رغم أن مفهوم التطهير العرقي يعود للحقبة المعاصرة، فإن بعض المؤرخينيرجعون الظاهرة إلى ما قبل التاريخ الميلادي، ويذكرون في هذا الباب عملياتترحيل واسعة تشير مصادر تاريخية إلى أن الآشوريين نفذوها في حقمجموعات عرقية بين القرنين التاسع والسابع قبل الميلاد، بيد أن تلك المراجع لاتُشير إلى دافع عمليات الترحيل تلك، وفي 1002 بعد الميلاد، ارتكبالبريطانيون مجازر واسعة النطاق في حق الدانماركيين، صنفها بعضالمؤرخين الغربيين على أنها عملية تطهير عرقي. وفي القرون الوسطى، حاولالتشيك إخلاء أرضهم من العنصر الجرماني مستخدمين القتل والترحيلالقسري.

وارتبطت عبارة التطهير العرقي أو الإثني في العصر الحديث بالحرب الأهليةالتي شهدتها يوغسلافيا السابقة (1991-1995)  وما عرفته من انتهاكاتجسيمة وإبادة ومجازر كان المتضرر الأكبر منها مسلمو كوسوفو. والغريب أنمصطلح التطهير العرقي نشأ على أرض يوغسلافيا نفسها قبل 130 سنة منتلك الحرب. ففي عام 1860، استخدم الكاتب الصربي فيك كارزيتش مصطلحالتطهير العرقي لوصف ممارسات مجلس الحكومة الصربي في حق الأتراكوالمسلمين خلال الانتفاضة الصربية على الحكم العثماني عام 1805، وهيالانتفاضة التي انتهت عام 1807 بسيطرة الصرب على بلغراد وإخلائها تمامامن الأتراك والمسلمين بوصفهم الدعامة الرئيسية للحكم العثماني.

التطهير العرقي لفلسطين هو مصطلح يشير إلى عمليات قامت بها الحركةالصهيونية لطرد العرب الفلسطينيين من أجل تطبيق خطتها طويلة الأمد لتطهيرفلسطين من سكانها الفلسطينيين ولتأسيس دولة يهودية فيها بوجود أقل عددممكن من العرب.

حاولت الدول العربية وقف هذا التطهير، إلا أن هذه الدول الناشئة حديثاًبمعظمها كانت تعاني من الانقسام وكل دولة كانت تركز على تحسين نفسهامما أدى إلى جعل محاولتها غير فعالة لوقف اجتثاث أكثر من نصف سكانفلسطين الأصليين وتدمير أكثر من نصف قراها ومدنها وقتل الآلاف.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إغلاق