الرئيسية

الصمت يُشرعن العنف في الرياضة

شاعر الأمة محمد ثابت

الصمت يُشرعن العنف في الرياضة

بقلم:غزال ابو ريا

إن صمت الإعلام العبري، إلى جانب صمت المسؤولين في اتحاد الدوري والجهات الرسمية ذات الصلة، إزاء ما جرى في مباراة بيتار القدس أمام فريق اتحاد أبناء سخنين، لم يعد مجرد تقصير مهني أو إداري، بل بات موقفًا مقلقًا يرقى إلى مستوى شرعنة العنف والعنصرية في الملاعب.

فالهتافات العنصرية الخطيرة، وعلى رأسها شعار “الموت للعرب”، إلى جانب رشق الأغراض باتجاه أرضية الملعب وباتجاه حارس المرمى بصورة مباشرة، تشكّل اعتداءً واضحًا على سلامة اللاعبين، وانتهاكًا صارخًا لكل القيم الرياضية والإنسانية. هذه الممارسات لا يمكن تبريرها أو التقليل من خطورتها تحت أي ذريعة، ولا يجوز التعامل معها كجزء من “أجواء المنافسة”.

والأخطر من ذلك، أن هذا الصمت يثير تساؤلات جدية حول دوافعه. فإذا كان التجاهل ناجمًا عن كون الفريق المتضرر فريقًا عربيًا، فإن في ذلك تمييزًا خطيرًا ومرفوضًا، ورسالة ضمنية مفادها أن التحريض والعنف يصبحان أقل خطورة حين يكون الضحية عربيًا. مثل هذه الرسالة لا تقف عند حدود مباراة أو فريق بعينه، بل تؤسس لواقع يسمح بتفشي العنف وتطبيعه.

لقد بدأنا نشهد بالفعل كيف يتسع هذا العنف ويقوى، ولا يقتصر على المباريات التي تشارك فيها فرق عربية، بل بات يزحف أيضًا إلى مواجهات بين فرق يهودية نفسها. ما يجري اليوم يؤكد حقيقة واضحة: العنصرية إذا لم تُواجَه بحزم منذ بدايتها، فإنها لا تعرف حدودًا، وسرعان ما تنقلب على الجميع دون استثناء.

إن غضّ الطرف عمّا يحدث اليوم يهدد مستقبل الرياضة برمّتها، ويحوّل الملاعب من فضاء للتنافس الشريف وبناء القيم، إلى ساحات تحريض وكراهية وعنف. كما أن هذا الواقع لا يضر فقط بالفرق العربية، بل بدأ يلحق الضرر بالفرق اليهودية نفسها، وبالجمهور الرياضي عامة، وبصورة كرة القدم في المجتمع بأسره.

وعليه، فإننا نحمّل اتحاد الدوري، والإعلام، وكافة الجهات المسؤولة، مسؤولية أخلاقية وقانونية كاملة عمّا يحدث، ونطالب بفتح تحقيق جدي وشفاف، واتخاذ خطوات رادعة وواضحة بحق كل من يحرّض أو يمارس العنصرية والعنف، دون تمييز أو انتقائية.

إن حماية الرياضة، وسلامة اللاعبين والجماهير، والحفاظ على قيم الاحترام والمساواة، ليست قضية تخص فريقًا بعينه، بل مسؤولية جماعية. فالصمت اليوم هو مشاركة غير مباشرة في الخطر القادم، وخسارته لن تكون على طرف واحد، بل على المجتمع الرياضي كله.

إغلاق