أخبار عالميهاخبار اقليميهالرئيسية

فوضى.. مسلسل إسرائيلي يحول معاناة الفلسطينيين إلى تسلية

يصور المسلسل الفلسطينيين على أنهم مخلوقات مخيفة لا تجرؤ إلا القوات الخاصة على المغامرة بمواجهتها (مواقع التواصل)
يصور المسلسل الفلسطينيين على أنهم مخلوقات مخيفة لا تجرؤ إلا القوات الخاصة على المغامرة بمواجهتها (مواقع التواصل)

يتناول المسلسل التلفزيوني “فوضى” قصة وحدة إسرائيلية سرية تسمى “مستعرفيم” (المستعربون)، تنفذ قواتها الخاصة مهمات في الأراضي الفلسطينية المحتلة وهي تتنكر كالعرب.

وفي تقريرها الذي نشره موقع “ميدل إيست آي” البريطاني، قالت الكاتبة أورلي نوي إن المسلسل حصل على العديد من الجوائز من بين أكثر المسلسلات الدرامية الإسرائيلية نجاحا على الإطلاق، سواء في إسرائيل أو خارجها.

الغطرسة الوقحة
ركز الجزء الأول والثاني من المسلسل على العمليات السرية للوحدة في الضفة الغربية المحتلة، وتدور أحداث الموسم الثالث -الذي بدأ لتوه- حول العمليات المنفذة في غزة.

وقبل بث الموسم الحالي، أطلق المنتجون حملة إعلانية شرسة غمرت شوارع إسرائيل بلوحات إعلانية ضخمة، تصوّر الموسم الجديد بوجه ممثل ذي نظرة ثاقبة مليء بالكدمات وإلى جانبه عبارة “مرحبا بكم في غزة” مكتوبة باللغة الإنجليزية، ولكن باستخدام الحروف العبرية.

وأشارت الكاتبة إلى القطاع المحاصر الذي أغلقته إسرائيل منذ أكثر من عقد من الزمان، والطريقة التي عاقبت بها أكثر من مليوني إنسان فيه بالموت البطيء، ويبدو أن هذا المسلسل يمثل ملعبا افتراضيا جديدا من شأنه أن يروي عطش المشاهدين الإسرائيليين للإثارة.

علاوة على ذلك، وصف موقع إعلامي عبري يميل إلى اليمين الموسم الجديد قائلا “يعود مسلسل فوضى وعناصر وحدة المستعربين السريين بقيادة دورون (ليئور راز) بموسم آخر مثير للإعجاب”.

غزة.. أسطورة للإسرائيليين
مع مشاهدة التحديات المثيرة والمهام الجريئة الجديدة، كما هو الحال في ألعاب الفيديو المعقدة، يمكن للمشاهد أن يستلقي وينسجم مع الدراما في المسلسل، ولكن دون أن يدرك المشاهد الدرامية التي تتعرض لها غزة.

وهكذا يصبح الوضع الوحشي الذي يعاني منه مليونا إنسان تحت الحصار مجرد مرحلة تحددها القصة، وعلى هذا النحو يصبح حصار غزة نفسه أفضل عرض ترويجي للمسلسل التلفزيوني.

وبفضل عام آخر من الحصار، أصبحت غزة نوعا من الأساطير بالنسبة للإسرائيليين، أي إنها ليست حقيقية تماما، بمعنى أن الناس الحقيقيين ما زالوا يعيشون هناك، لكنها في الوقت نفسه مخيفة للغاية ومهددة.

في الواقع، يشكل جهل الإسرائيليين العاديين الذي يزدهر خلف الشاشة المظلمة التي فرضتها إسرائيل حول الضفة الغربية وقطاع غزة، إضافة إلى الخوف الأولي الذي يولده هذا الجهل، عنصرين رئيسيين وراء نجاح هذه السلسلة.

علاوة على ذلك، يشجع معظم المشاهدين عمليات الإعدام أو الاحتجاز أو الكمائن المتطورة التي يرونها على شاشاتهم، ولا يقتصر الأمر على الإجراءات التي اتخذت في غزة المحاصرة، فأجزاء المسلسل تشمل الضفة الغربية أيضا.

فقد أصبحت كل من نابلس ورام الله وجنين تمثل رمزا للعالم السفلي الذي يدخله الإسرائيليون ويغادرونه بـ”شجاعة”، بدلا من كونها مدنا نابضة بالحياة تبعد مسافة قصيرة بالسيارة عن المكان الذي يعيشون فيه.

مخيفة وغريبة
ولا يعتمد المسلسل فقط على الخوف من المساحات الفلسطينية، بل يضخّمه ويشرعه، حيث يصور الفلسطينيين على أنهم مخلوقات مخيفة وغريبة تعيش في أماكن لا تجرؤ إلا القوات الخاصة على المغامرة بدخولها.

تمكنت الصهيونية من تحويل الفلسطينيين إلى شخصيات غريبة في وطنهم، لكن بعض المدافعين عن مسلسل فوضى، زعموا أن هذه السلسلة تجسد في الواقع مخططا إنسانيا وحتى يساريا، لأنها تصور تعقيد حياة الفلسطينيين، وتبين أن الناس على الجانب الآخر بشر أيضا.

لكن هذه النقطة تستحق التأمل، خصوصا بعد سنوات عديدة من حكم إسرائيل العنيف على ملايين الفلسطينيين بالحرمان من حقوقهم.

وأفادت الكاتبة في تقريرها بأنه بالنظر إلى واقع قطاع غزة الذي صنف في تقرير صادر عن الأمم المتحدة قبل سنوات على لن يكون مناسبا للسكن البشري بحلول عام 2020، فإنه لا حجة لما يقولون.

فهذا المكان سُحق لعقود من الزمن من قبل نظام من العنف والفقر والدمار والموت، تسبب فيها واحد من أقوى الجيوش في العالم، يحتفظ بالسيطرة المطلقة على مصير الناس في القطاع.

معاناة لا توصف
وقد أُنتجت سلسلة فوضى من قبل أشخاص لعبوا دورا نشطا في نظام التحكم والإساءة هذا، ومن غير الأخلاقي تحويل معاناة الضحية إلى تسلية لمن يلعب دور الضحية، كما أن من غير أخلاقي أن يستسلم الإسرائيليون لإدمان الحصول على الإثارة على حساب الذين تهددهم أسلحتهم.

لا تمثل غزة مسرحا لمسلسل درامي، بل هو مكان حقيقي يعيش فيه ناس حقيقيون يرزحون تحت معاناة لا توصف يفرضها الإسرائيليون عليهم كل يوم.

وخلصت الكاتبة إلى أن من المهم معرفة ما يجري في غزة بما أنها تتفكك تحت الحصار، ولكن ليس عن طريق تقديم ما يحدث فيها كترفيه للجماهير.

المصدر : الصحافة البريطانية

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إغلاق