الرئيسيةمقالاتمنظمة همسة سماء

تاريخ دراسة اللغة العربية بأوروبا/كتاب الخطبة الافتتاحية لبوستل.

فاطمة ابوواصل اغبارية

كتاب الخطبة الافتتاحية لبوستل.
وبعد غياب بوستل عن فيينا اضمحلت الطباعة العربية فيها،
وقد اتُّهم مدة إقامته في باريس سنة ١٥٦٢ بالعصيان الديني، وجاء البوليس إلى منزله ليبحث عن كتبه، وقبض عليه وحُبس، وحُكم عليه بالنفي إلى دير ماري مارتان Couvent St, Martin ليعيش هناك تحت مراقبة الرهبان، وكان البرلمان الفرنسي قد بحث في أمره، والمظنون أن كتابه (فتوح النساء العجيبة) كان سبب سجنه، ويهمنا معرفة ما يقوله راهب دير سان مارتان الخوري مارييه Marrier.
في كتابه Histoire du couvent St. Martin (لم يُظهر أحد غَيرةً على الدين طول مدة إقامة بوستل في الدير أكثر منه، وكان من ولعه الديني، وخشوع نفسه أن الرهبان رأوه عندما انتهى من مراسم القداسة ووجهه مبلل بالدموع، وفي مجالس السرور كان كامل الوقار والبشاشة؛ فزاده ذلك جلالًا وهيبة؛ لأنه شيخ هرم ذو لحية بيضاء؛ فكان منظره يؤثر في الجالسين، وكان رنين صوته رائقًا يدخل إلى قلوب سامعيه، فيوقظ فيهم لهذا الشيخ شعور الإكرام والتمجيد، وكان كل من يحتاج إلى شيء علمي خاص بالشرق لا يسأل غير بوستل، فيجيبه وكله تواضع وخضوع. وخرج بوستل يتنزه في بستان الدير، وهو منهمك الأفكار يراجع في ذهنه ما وقع له من حوادث الدهر الغريبة وانقلاب أمور الدنيا، وبعدما اعترف بكل خطاياه توفي يوم ٦ سبتمبر سنة ١٥٨١، ودفن بقرب هيكل كنيسة العذراء البتول في دير سان مارتان، وينبغي لنا ألَّا نختم الكلام عن الأستاذ بوستل إلا بهذه الخلاصة: ومهما قيل عن ازدياد أغلاطه الناتجة عن آرائه في عصره القابل لكل اقتراح ديني أو فلسفي، فإنه كان بطلًا مقدامًا في لغات الشرق، وبالأخص في لغة العرب، ويَشكر همَّتَه المفرطة كلُّ من يحب هذا اللسان البديع، وها هي صورة بوستل:

Guiglielmo Postel.
وقد أسس هنري الثالث سنة ١٥٨٧ قسمًا لدراسة اللغة العربية بالمدرسة المسماة Institut de France بباريس، وأنشأ البابا جريجوريوس الثالث عشر مدرسة أيضًا للغات الشرقية تسهيلًا لأعمال المبشِّرين المرسَلين إلى الشرق، وكان في تأسيس هذه المدارس ما يبعث على الاهتمام بعلوم الشرق في أوروبا، خصوصًا أن وسائل النشر المطبعي في زمن لويس الثالث عشر كانت على أحسن منوال، وكادت تبلغ الغاية في الظرف والجمال. وقد أمر لويس الرابع عشر باستعمال الحروف التي وضعها المستشرق بريف Brèves وأرسل إلى الشرق المبشرين والعلماء؛ لجمع الخطوط والمكتبات النفيسة ونشرها، أما منذ القرن الثالث عشر، فقد أصبحت لغات الشرق ذات أهمية عظيمة، وقام بين العلماء من اشتهر بمؤلفاته التي لا تزال معروفة حتى الآن، ولا يفوتنا أيضًا أن هولندا كان مقرًّا ممتازًا للدروس الشرقية.

مؤلفات بوستل التي أصدرها بعد سياحاته في الشرق:
Description et charte de la Terre Saincte، qui est la proprieté de Jésus christ, Paris 1553 (Röhricht, Bibliogr. geogr. Palaestinae [1553] Berlin 1890).
De la Republique des Turcs et des meurs et loy de tous Muhamedistes par Postel, Cosmopolite, Poitiers 1560.
Alcorani et Evangelistarum Concordia, Paris 1543.
Abrahami patriarchae liber Jesirah, Paris 1553.
Signorum coelestium vera configuratis, Paris 1553.

المصادر :  تاريخ دراسة اللغة العربية بأوروبا

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إغلاق