نشاطات

الفتاة_والمارد النصف الاول

كان يا مكان في سالف العصر والأوان..
في كوخ بحري صغير بعيد عن سائر البيوت، عاش عجوز مع زوجته ابنتيه “فردجوند” و “أولغا”
وكانت تعيش معهم فتاة إسمها “هيلغا” كانت يتيمة الوالدين، قام العجوز وزوجته بتربيتها لما كانت صغيرة فقسوا عليها وجعلوا منها خادمة لديهم .. ولما أصبحت شابة في عمر الزهور اصبحت الفتاتين يكرهانها لشدة جمالها وحسنها..

وعلى الرغم من أنهم لم يكونوا من الأثرياء، وان كل ما يملكونه لا يتجاوز بضعة هكتارات من الأرض يعملون فيها بأنفسهم، فقد عاشت فردجوند و أولغا كالأميرات لا تقومان بأي عمل سوى التسلية وتزيين نفسيهما بأدوات الزينة التي احضرها لهما والدهما من البلدة المجاورة، اما الصغرى “هيلغا” التي فاقت فردجوند واولغا جمالا وذكاء، فقد كانت دائما بعيدة عن الأنظار لا تشاركهما لهوهما أو تحصل على الهدايا، بل تعمل وتكد مند الصباح الباكر حتى آخر النهار ولا تحصل في النهاية إلا على نظرات البغض من العجوز وزجته أو على الضرب من الفتاتين..

حدث ذات يوم أن خمدت النار في موقدهم وبما أن هيلغا كانت مشغولة تعمل في الحقل وكانت الطريق لإحضار الفحم طويلة، فقد طلب العجوز من ابنته فريدجوند أن تذهب لجلب الفحم..

تذمرت فردجوند في البداية بسبب انشغالها في تصفيف شعرها ثم خطر لها أن النزهة في الغابة يمكن ان تكون فكرة جيدة فانطلقت، وبعد أن قطعت مسافة قصيرة وصلت إلى تلة صغيرة وهناك سمعت صوتا عميقا يقول: “هل تفضلين أن اكون معك أو ضدك؟”
ظنت الفتاة أنه صوت أحد العمال أو الحطابين وبما أنها لم تكن تهتم بمن هم ادنى منها فقد قالت في نفسها انها لوقاحة منه أن يكلمني ومضت في طريقها إلى المكان الذي ستحضر منه الفحم..

عندما وصلت إلى المكان رأت كهفا بالقرب منه اصابتها الدهشة ومشت ببطئ حتى دخلت إليه فوجدت قدرا كبيرة مليئة باللحم تغلي على النار وإلى جانبها مقلاة مليئة بالعجين الجاهز للخبز ولم يكن هناك أي مخلوق، وبما أنها جائعة جدا بعد أن مشت طويلا فقد دكت النار أكثر تحت القدر لتعجل باستواء اللحم وبدات تخبز الكعك فصنعت لنفسها كعكة مميزة وتركت الباقي ليحترق، حتى أصبح غير صالح للأكل ولما نضج اللحم تناولت طبقا عن الرف وملأته بأفضل قطع اللحم وجلست تتناول وجبتها الفخمة التي ختمتها بالكعك…
عندما إنتهت دخل الكهف كلب أسود ضخم واتجه نحوها محركا ذيله يريد طعاما لكن فريدجون ضربته بغضب وطردته مما أثار غضب الكلب فانقض عليها وعض يدها فصرخت من الألم والخوف وانطلقت مسرعة إلى البيت لتخبر والديها بما حدث ناسية أمر الفحم الذي ذهبت من أجله..

حزن الوالدان لما حل بيدها وقاما بتنضيف الجرح وتضميده، كما استاءا بشدة لأنها لم تحظر الفحم فذلك المكان هو الأقرب للحصول عليه وكان من المعتاد استخدام الفحم النباتي في المواقد
بالرغم من عدم رغبتهم بارسال مدللتهم والمفضلة لديهم أولغا إلا أنها أجبرت على الذهاب فقد كانوا جميعا يخشون ان تهرب هيلغا ولا ترجع ثانية ان هما ارسلوها، وهكذا لن تعود موجودة لتتحمل طباعهم السيئة وتؤدي كل الأعمال المنزلية من دون أن تنتظر منهم مساعدتها، ولهذا قرروا ان يرسلوا أولغا لإحضار الفحم..

لكن للأسف كانت حال أولغا أسوأ من حال أختها، فقد كانت فتاة مدللة تعتقد أنها يجب أن تحصل دائما على الأفضل لهذا عندما وصلت رأت الكهف هي أيضاً ودخلت إليه وانتقت لنفسها أفضل قطعة من اللحم وصنعت لنفسها كعكة رائعة ثم رمت بقية العجين في النار، ثم جاء الكلب هازا ذيله يريد أن يأكل، عندها أحضرت أولغا قليلا من الحساء المغلي ورشقته به مما أثار جنون الكلب فانقض عليها وعضها في أنفها فهربت إلى البيت تصرخ باكية بنصف أنف فقط ومن دون فحم..

بعد اخفاق أولغا ايضا جلس الوالدان يملأهما الغضب وقررا أن يرسلا هيلغا لتحضر الفحم بعد ان عادت متعبة من العمل في الحقل،ان هي نجحت كان ذلك حسنا وإن اخفقت فربما يأكلها الكلب وبذلك يتخلصون جميعا منها ……

… وهكذا أخذت هيلغا مجرفة الفحم ومضت في طريقها إلى الكهف وعندما اجتازت التلة هي أيضا سمعت صوتا يقول: “هل تفضلين أن اكون معك أو ضدك؟”
فردت قائلة: “هناك حكمة مشهورة تقول (ليس من شيء بالغ السوء إلى درجة أن يفضل المرء ان يكون معه بدلا من أن يكون ضده)، ولكن بما أنني لا اعرفك ولا أعرف من يسألني هذا السؤال فأنا أفضل أن تكون معي لا ان تكون ضدي”
وعندما لم ترى احدا ولم تسمع شيئاً آخر اكملت طريقها وعندما وصلت إلى المكان فرأت هي أيضا الكهف ومشت حتى دخلت إليه فوجدت الأشياء نفسها التي وجدتها أختاها من قبل..
القدر على النار والعجين الجاهزة للخبز لكن بدلا من ان تفكر في نفسها تفقدت هيلغا اللحم ولما وجدت أنه نضج جيدا بدات تخبز العجينة بعناية لتصنع الكعك، ولم تفكر في ان تأخذ أي شيء لنفسها على الرغم من كونها جائعة جدا، فهي لم تتناول الفطور سوى كسرات من الخبز الجاف وكأسا من الماء البارد، حتى انها لم ترد أن تأخذ الفحم من دون استئذان صاحب الكهف..
وبما انها مشت طويلا فقد شعرت بالتعب الشديد وارادت أن تستريح ولكن ما إن جلست على المقعد حتى سمعت ضجيجا عاليا ودويا وبدأت الأرض تهتز
ظنت أن الكهف سينهار فنهضت بسرعة عن المقعد ولما استدارت لتهرب رأت ماردا ضخما بثلاث رؤوس يقف في مدخل الكهف يتبعه كلب أسود ضخم……

الفتاة_والمارد
النصف الاول

قصص حكايا العالم الاخر

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إغلاق