إنجاز فلسطينالرئيسيةالمبدع المتميز الصاعد
النجاة / بقلم الطالب تيسير عبد الحق.
التدقيق والمراجعة اللغوية أ. مريم المصري.
جلسنا نشاهد أمواج البحر الزّرقاء،عاكسةً نقاءَوصفاءَالسماء. كلما تأملت في جمال البحر غرقت في سحره، يسحبني بجماله إلى عالم الخيال. أقذف فيه كل آلامي وهمومي،أشكو إليه كل أحزاني وأفراحي، فحياتي هي للبحر، والبحر هو حياتي. بدأ ذلك البحر يمتلئ بخيوط الغروب. غادرت الشمس مرتديةً ثوبها الأحمر، غارسة في قلوبنا الشوق والأمل. يعلمنا الغروب أنه لابد من الرحيل ولا بد من الفراق؛ ولكن ستشرق شمس الحياة من جديد، وتنكسرقيود الحزن والهموم. سمعنا صوتاً قوياً وصاخباً اخترق القلوب والآفاق، وما أن تبين أنّ قاع السفينة قد تحطم، وابتلعه البحر، بدأ الجميع بالصراخ، وبدت لبعضهم أنها النهاية، فجلسوا مسلّمين أرواحهم، مستسلمين للحياة، ساكنين كنار أخمدت بماء الصدمة، وبعضهم ضاع في قيود الخوف والهلع، ابتلعه بحر الخوف قبل أن يبتلعه البحر الحقيقي، وما أن مرّت الدقائق، حتى أدركنا أن السفينة ارتطمت بصخرة مرتفعة على مستوى قاع السفينة، والآن هي أشلاءٌ تطفو على البحر. تعلقت بخشبة من بقايا السفينة، تعلق الأم بإبنها ، تعلق بها أيضاً صديقي ليث. كان ليثٌ ليثاً، لا يهاب باطلًا، ويقف مع الحق وقفة صخرة شامخة لا مفككة. غرقت في آفاق أحلامي، نظرت إلى السماء، فوجدت الطيور من فوقي، حدثتها: أيتها الطيور المهاجرة، ليتني أستطيع التحليق فوق جناحيك ؛ لأرتوي أملًا من مقلتيك، احمليني على خافقيك، واتركيني أغفو على ساعديك، وحدثيني عن الغربة… أكانت أشد من حالي…؟ فقدت نفسي وتهت في أعماقي، نمت وما أيقظني إلا رجل بدا لي مألوفًا… وأرجعني للحياة -التي لم أتلذذ بطعمها منذ فترة-، ليث، ومعه بشرى، التفتّ خلفي وإذا هي بجزيرة على بعد مسافة قريبة منا. استقبلتنا الجزيرةُ نصف أموات. أشرقت شمس الأمل مع وصول رجال الإنقاذ، الذين كانوا في الحقيقة يبحثون عن أناس أصبحوا جزءًا لا يتجزأ من البحر الهادئ، الذي ذابت فيه كل الأحزان وابتلع في أعماقه الكثير من الأحباب…
