الرئيسية

ماذا كتب الفنان مرسيل خليفة عن اخته الراحلة كلود “

Lebanese musician Marcel Khalife sings and plays the oud at the World Music Institute’s ‘The Cultural World of Islam: Marcel Khalife & Al Mayadine Ensemble’ concert at Town Hall, New York, New York, November 13, 2004. (Photo by Jack Vartoogian/Getty Images)

أختي الصغيرة قلبك الكبير كالطفل في وجع غموضه ، تضرّج خجلاً ليشيّد كونه .
لن تضيع قطوف كرومك العذبة وحصاد حياتك وحناياها .
سأظلّ أنتظرك كل مساء لتعودي من عملك في صيدليّة نوڤل قرب الجسر العتيق .
تدخلين ومعك لغة الحياة الأولى الحب العظيم حيث لا لغة قبلها .
تدخلين ومعكِ أشياءكِ الجميلة ، حيث لا قبح في العالم .
تدخلين ومعكِ رياح الصمت الصادح في فضائك المدهش : فضاء الأرض التي أتيتِ منها ، لتدخلين كطفلة أبديّة حضن أمومتها الدافئة وتذكيرنا بالوجود والوحدة والألم والفرح وهي حقاً الانفعال الجوهريّ برغبة الحياة .
الموت يا أختي لا يقدر على مصادرة حقّ الحب ، مثلما يفترق العشّاق ويبقى الحب .
لقد كبرنا يا أختي قبل أن ننتبه ، لم يُسمح لنا بأن نكبر على مهل ، غافلنا العمر ، فوجدنا أنفسنا وقد كبرنا .
شفيفة أنتِ كضوء يعبر الروح .
أجنحتُك عامرة بالرّغبة في التحليق .
أغرقت نفسك في الظلّ العميق .
أفهم صوت نجومك وصمت أشجارك وشذى عبورك السريع على الحياة يشي بسرّه الشجيّ .
كلود أختي الصامتة الرقيقة ، أعرف بأن الأيّام عرقلت خطاكِ بغبارها الخانق ، ولكن نَفَسها المتقطّع نزل عليكِ جاعلاً أفكارك معطرّة .
شكراً لبهجتك التي تسكن خلف حجاب النور ، وسوف أظلّ في سفري الفيّاض أتفيأ بظلالك الوارفة .
” كلود ” كانت تفرح عندما أعود من أيّ سَفْرَةْ وترى دائماً اليّ فارساً عائداً من رحلة الاسطورة . أرجوها دائماً أن تكّف عن تمجيدي . فما أنا إلاّ أخاها وما هي إلاّ أختي . أضمّها وتضمني ودائماً تستقبلني بلازمتها المعهودة : وليشْ طوّلت الغيبة يا خيّي ؟!
أختي هي أختي وبالنسبة لها الزمن الذي عشناه سويّة قبل أحداث ال ٧٥ هو الفردوس المفقود .
طعنتها الحرب في القلب وخاصة عندما تَهَجَرْت قسريّاً من عمشيت وظلّت مع والدي في البيت تقاوم
الاصوات البليدة التي حاولت اقتحام بيتنا بالسلاح لمرّات عدّة وكنت انا خارج المكان .
قاومتهم ” كلود ” بالكبرياء والشجاعة الروحيّة والتي أمدّتها بقوة فَرَسْ .
لا تتعب أو لا تأذن للتعب بأن ينطق بالشكوى بل بهجاء الزمن الذي هَجَّرْ خَيْها عشرين سنة . وبالسخريّة اللاذعة طوعّت الشقاء على الامتناع عن الاهانة .
اختي هي أختي عندما نكون معاً أما في حضرة الآخرين فانها تلعب دور الشاهد تصون مسافة تبقيني ضيفاً على أُخوتّها وشخصاً عاماً لا تدافع عن حقّها في امتلاكه .
قلت لأختي : لا بدّ للخلاص من وثبة روح جريئة .
من يقطع كل هذا الألم باحثاً عن الخلاص يهتدي .
واختي تلوذ بالصمت الخجول او ربّما رددت في نفسها الآخ ممهورة بنُسك روح يتجلّى لها المطلق .
توازن صعب بين المُشتهى والمُنتهى .
لا بُدَّ من أمل ولو مستحيل لنقول شكراً للحياة .
وأخيراً وكما أوصيتني يا أختي ، أقف الآن باسمك كي أشكر مُشَيِِّعيكِ الى هذا السفر الأخير ، وادعوهم الى اختصار الصلاة والانصراف الى ارتشاف كأس من النبيذ يليق بذكراكِ .
يا أختي النائمة على بزوغ البياض من أبدية بأي شكلٍ أحمي معناكِ من الهباء .
شكراً للحياة لأنك أختي
وشكراً لكِ على كل هذا الحب . .
مرسيل خليفة

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إغلاق