مكتبة الأدب العربي و العالمي

قصة حمار ابن حمار\ كتبها الشاعر أحمد مطرو

كان يا مكان في أحد الإسطبلات العربية مجموعة من الحمير
وذات يوم أضرب حمار عن الطعام مدة من الزمن… فضعف جسده وتهدّلت أذناه وكاد جسده يقع على الأرض من الوهن…فأدرك الحمار الأب أن وضع ابنه يتدهور كل يوم ،
وأراد أن يفهم منه سبب ذلك، فأتاه على انفراد يستطلع حالته النفسية والصحية التي تزداد تدهورا…
فقال له :” ما بك يا بني ؟؟’ لقد أحضرت إليك أفضل أنواع الشعير.. وأنت لا تزال رافضا أن تأكل ..أخبرني ما بك ؟ ولماذا تفعل ذلك بنفسك ؟ هل أزعجك أحد ؟”
رفع الحمار الابن رأسه وخاطب والده قائلا :” نعم يا أبي… إنهم البشر …”
دُهش الأب الحمار وقال لأبنه الصغير:”وما بهم البشر يا بني ؟”
فقال له :” إنهم يسخرون منّا نحن معشر الحمير …”
فقال الأب:” وكيف ذلك ؟”
قال الابن:” ألا تراهم كلما قام أحدهم بفعل مشين يقولون له يا حمار …!!! وكلما قام أحد أبنائهم برذيلة يقولون له يا حمار …!!! أنحن حقا كذلك ؟ يصفون أغبياءهم بالحمير …ونحن لسنا كذلك يا أبي ..إننا نعمل دون كلل أو ملل … ونفهم وندرك … ولنا مشاعر …”
عندها ارتبك الحمار الأب ولم يعرف كيف يردّ على تساؤلات صغيره وهو في هذه الحالة السيئة، ولكن سُرعان ما حرّك أذنيه يُمنة ويسرة ثم بدأ يحاور ابنه محاولا إقناعه حسب منطق الحمير … قائلا له :”انظر يا بني إنهم معشر البشر خلقهم الله وفضّلهم على سائر المخلوقات لكنّهم أساؤوا لأنفسهم كثيرا قبل أن يتوجهوا لنا نحن *معشر الحمير* بالإساءة …فانظر مثلا …
هل رأيت حمارا خلال عمرك كله يسرق مال أخيه ؟!! هل سمعت بذلك ؟!
هل رأيت حماراً يعذب بقية الحمير ليس لشيء إلا لأنهم أضعف منه أو أنه لا يعجبه ما يقولون ؟!!
هل رأيت حمارا عنصريا يعامل الآخرين من الحمير بعنصرية اللون والجنس واللغة ؟!
هل سمعت عن قمة حمير لا يعرفون لماذا مجتمعين ؟!
هل سمعت يوماً ما أن الحمير الأمريكان يخططون لقتل الحمير العرب !! من أجل الحصول على الشعير؟
هل رأيت حماراً عميلاً لدولة أجنبية ويتآمر ضد حمير بلده ؟
هل رأيت حماراً يفرق بين أهله على أساس طائفي ؟
طبعا لم تسمع بمثل هذه الجرائم الإنسانية في عالم الحمير ؟؟!!
ولكن البشر هل يعرفون الحكمة من خلقهم ويعملون بمقتضاها جيدا؟!
لهذا يــــا ولدي أطلب منك أن تحكم عقلك الحماري… وأطلب منك أن ترفع رأسي ورأس أمك عاليا …وتبقى كعهدي بك *حمار ابن حمار* واتركهم يــا ولدي يقولون ما يشاؤون … فيكفينا فخراً أننا حمير
*لا نــكـــذب
*لا نـقـتـــــل
*لا نــســـرق
*لا نـغـتــــاب
*لا نــشــتـــم
*لا نرقص فرحـا وبيننا جريح وقتيل…
أعجبت هذه الكلمات الحمار الابن فقام وراح يلتهم الشعير وهو يقول :” نعم سأبقى كما عهدتني يا أبي .. سأبقى أفتخر أنني * حمار ابن حمار* ثم أكون ترابا ولا أدخل
النار التي وقودها الناس والأحجار..
من يوميات الشاعر احمد_مطر

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إغلاق