الدين والشريعة
*..التأدب في إحتمال الصبر..* السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد..
ابو طارق الحوَّاس..
قال الله تعالى..
*{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اصْبِرُوا وَصَابِرُوا وَرَابِطُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ}*
أخي في الله..
عَوّد النفس على الصبر وإبدء بها..
والجم عنان نفسك واصطبر عليها..
فبقدر إحترامك لنفسك.. يحترمك الناس..
وبالتواضع واحترام الآخرين..
يزداد احترام الناس لك..
وإياك أن تزدري احداً بطراً وَخُيَلاء..
فإنها الحالقة.. كُرهٌ لك في الدنيا وعذابٌ في الآخرة..
ولا تُصَعِّر خَدَّك للناس تعاظما وتفاخرا..
فهذا سلوك المتكبرين..!! وعمل الخاسرين..!!
لذلك إقصد في مِشيَتِكَ دون تبختر..
وَتَوسَّط بها دون المرح وفوق العزم..
واعتدل سيراً وسلوكاً تواضعاً لله..
واصبر على ما أصابك..
فإن الصبر مفتاح الفرج كما قيل..
وحقاً إنَّ ذلك من عزم الأمور..
ولا ترفع صوتك وتؤذي مسامع الحاضرين..
حسبك أن تسمع من تناجي من الأقربين..
وغض الطرف عن محارم الناس..
يغض الناس أبصارهم عن محارمك..!!
وهذا كله والله.. يحتاج إلى الصبر والعزيمة..!!
فليكن قلبك اخي العزيز خفاقاً بحب الآخرين..
وافرش تحت جناحيك دثار المحبة.. واجعله ملجأًً للتائهين..
واجعل من عظيم صبرك.. آيةً للسائلين..
وكن منفرداً في شخصك.. لا تبعاً للآخرين..
فلا يوجد شخصان متشابهان..
ولا يوجد قلبان يخفقان بإيقاع واحد..!!
ولا يعزفان على نفس الوتر والألحان..
فكل له إيقاعه المستقل بذاته..!!
لذلك أخي العزيز.. إن أردت أن تكون مميزاً..
عليك أن تُضحّي من أجل إسعاد الآخرين..
ولا تنتظر تضحيتهم من أجل إسعادك..!!
فإن فعلت ذلك.. فأنت كمن ينظر السراب..!!
وإن ترك الأمر ذلك كله لله..
فهٰذا يَنُمُّ عن حسن أخلاقك وكرم طبعك..
وإحتسب الأجرَ كله والثوابَ عند الله..
وإياك والإكثار من الكلام.. وكثرة القيل والقال..!!
وراعها سمعاً أكثر من الكلام.. تكن مهابَ الجانبَ والجَنان..
فأول العلم الصمت.. وَبَعدُ الإصغاءُ وحسنُ الاستماع.. ومن ثم الحفظ والعمل به.. واخيراً نشر العلم دون الإستئثار به..
وهذا يلزمه الصبر والمصابرة.. والجهد والجهاد..
*..وهذه صفات العظماء..*
لذلك.. تقبل بصدر رحب نقد الآخرين واصبر على ذلك..
فإن أسدى إليك أحدهم نصحاً به شيء من القسوة..
فلا تحاول مقاطعته.. بل استفد من ملاحظاته..
فقد تُخفِي تِلكَ القسوة في ثناياها حباً عظيماً..!!
وإياك أن تكون كالذي كسر المنبّه لأنّه أيقظه..!!
وعليك بالصبر.. فإنه دأب الصالحين وطريق المهتدين..
فإن من أعلى مراتب الصبر.. أن تكتم غيظك..
وتلزم الصمت وفي قلبكَ جراحٌ تنزف..
وَعِرقٌ ينبضُ فيكَ.. يتألم ولا يتكلم..!!
وقمة القوة.. أن ترسم على شفتيك الإبتسامة..
وفي عينيك تحتبس الدموع..!!
وإن تعثرت قدماك في طريق المجد..
فلا تحكم على مستقبلك من أول النهار..
تريث قليلاً وانهض.. فإن بعد العسر يسرا..!!
فالأنبياء عليهم أفضل الصّلاة والسّلام..
رعوا الغنم.. ثم قادوا وسادوا الأمم..
اللهم أفرغ علينا صبراً وثبت أقدامنا وانصرنا على القوم الكافرين..
اللهم واجعلنا ممن إصطفيت من عبادك الصالحين..
وهيئ ويسر لنا طريق الانبياء والمرسلين..
وأدخلنا الجنة بغير حساب مع الصابرين..
واحشرنا تحت لواء سيد الأولين والآخرين..
سيدنا ونبينا وحبيبنا محمد..
وعلى آله وأصحابه الطيبين الطاهرين..
وعنا معهم برحمتك يا أرحم الراحمين
اللهم آمين آمين آمين يارب العالمين..
محبكم في الله.. ابو طارق الحوَّاس..
