إنجاز فلسطين

الأسرى الفلسطينيون ينتزعون حريتهم بفضل معركة “الأمعاء الخاوية”

 معركة الأمعاء الخاوية” هو الاسم الذي يطلقه الفلسطينيون على سياسة الإضراب المفتوح عن الطعام التي ينتهجها الأسرى في سجون الاحتلال الإسرائيلي بين الحين والآخر، احتجاجاً على ممارسات إدارات السجون ضدهم وللمطالبة بحقوقهم.

وتقوم فكرة الإضراب على امتناع الأسرى المضربين عن الطعام وإرجاع الوجبات التي تقدمها إدارة سجون الاحتلال، مكتفيين بالماء المخلوط بملح الطعام وذلك للحفاظ على نشاط المعدة، ويعاني الأسرى خلال الإضراب أوضاعاً صحية غاية في الصعوبة.

ويلجأ الأسرى الفلسطينيون لقرار الإضراب عن الطعام، بعد مراحل عدة من الاحتجاجات المتصاعدة وفي ظل إصرار إدارة السجون الإسرائيلية على عدم الاستجابة لمطالبهم، فالحركة الأسيرة ترى في الإضراب المفتوح عن الطعام وسيلة لتحقيق أهدافها، وهي أكثر الأساليب النضالية وأهمها، من حيث الفعالية والتأثير على إدارة المعتقل والسلطات الإسرائيلية والرأي العام لتحقيق مطالبهم الإنسانية.

يعود تاريخ الإضرابات الفلسطينية في سجون الاحتلال الإسرائيلي للعام 1969، حيث خاض الأسرى في سجون الاحتلال إضراباً عن الطعام استمر ثلاثة أيام احتجاجاً على سياسة الضرب والإذلال التي كانوا يتعرضون لها على يد الجنود الإسرائيليين، وللمطالبة بتحسين أوضاعهم المعيشية والإنسانية، ثم توالت بعد ذلك الإضرابات الفلسطينية.

وفي عام 1969، خاضت الحركة الأسيرة إضراباً عن الطعام لتحسين مطالبهم وظروفهم في السجن؛ وأدت إلى ارتقاء عدد من الشهداء، منهم “عبد القادر أبو الفح، راسم حلاوة، علي الجعفري”، وهم أوائل شهداء الحركة الأسيرة.

ويعد إضراب يوليو (تموز) 1980 من أشهر الإضرابات عن الطعام والذي استمر 33 يوماً وسقط على إثره عدد من الشهداء من الاسرى الفلسطينيين، وأقدمت سلطات الاحتلال على مهاجمة المضربين بقسوة، وجرى اتخاذ إجراءات عنيفة، إلا أن حملة التضامن الواسعة أجبرت الحكومة الإسرائيلية على الرضوخ لمطالب الأسرى.

وفي 17 نسيان (أبريل) 2012 خاض الأسرى الفلسطينيون أكثر الإضرابات ضراوة في تاريخ الحركة الأسيرة، حيث امتنع 1600 أسير فلسطيني عن تناول وجبات الطعام، في خطوة أطلقوا عليها “معركة الأمعاء الخاوية”، وذلك احتجاجًا على ممارسات إدارة السجون وإجراءاتها التعسفية بحق الأسرى.

شكّل عام 2012 علامة فارقة في تاريخ إضرابات الحركة الأسيرة، حيث شرع الأسير خضر عدنان في إضراب مفتوح عن الطعام احتجاجاً على سياسة الاعتقال الإداري بحقه، لتبدأ جولة الإضرابات الفردية والتي أرهقت سلطات الاحتلال الإسرائيلي.

أضرب الأسير خضر عدنان عن الطعام لمدة 65 يوماً على التوالي، لتلحق به الأسيرة هناء شلبي التي أضربت 45 يوماً، فيما أضرب الأسيران بلال دياب وثائر حلالة لمدة 77، ولحق بهم لاعب كرة القدم الأسير محمود السرسك والذي واصل إضرابهم لما يزيد عن المئة يوم، وجميعهم رفضوا فك الإضراب لحين تحديد موعد للإفراج عنهم وضمان عدم تجديد اعتقالهم الإداري.

ويعتبر الأسير خضر عدنان مفجر ثورة الإضراب الفردي عن الطعام وينسب إليه المختصون في مجال الأسرى الفضل لبداية حملة الاحتجاج على سياسة الاعتقال الإداري والتي أدت إلى دخول عدد كبير من الأسرى الإداريين إضرابا مفتوحا عن الطعام أفضى إلى إطلاق سراحهم.

فيما الأسير سامر العيساوي صاحب أطول إضراب عن الطعام على مر التاريخ، والذي أضرب عن الطعام في الأول اغسطس (آب) عام 2012، احتجاجاً على اعتقاله ومطالبته بمحاكمة عادلة، حيث استمر إضرابه عن الطعام لمدة 211 يوم.

وكان العيساوي وهو أحد محرري صفقة شاليط التي جرت بين حركة حماس والحكومة الإسرائيلية عام 2011، إلا أن سلطات الاحتلال وخلافاً لما جرى الاتفاق عليه أعادت اعتقاله إدارياً، ليبدأ إضراباً عن الطعام بشكل جزئي ووسع إضرابه ليصبح كاملاً.

واستمرت معركة الأسرى مع سلطات الاحتلال الإسرائيلية من خلال الأسير الصحافي محمد القيق، والذي أضرب عن الطعام لـ94 يوماً بدأت في نوفمبر (تشرين ثاني) احتجاجاً على التعذيب خلال التحقيق، وانتهت بقرار سلطات الاحتلال الإسرائيلي الاتفاق على إطلاق سراحه بعد انتهاء مدة اعتقاله الإداري.

ورفض القيق كل العروض الإسرائيلية لفك إضرابه، كما أنه رفض إجراء الفحوصات الطبية وتناول المدعمات بالرغم من فقده القدرة النطق والسمع والنظر وتدهور حالته الصحية، كما يعد القيق أول أسير ينفذ بحقه قانون التغذية القسرية.

آخر الأسرى الفلسطينيين الذين استطاعوا انتزاع قرار إسرائيلي بفعل إضرابهم عن الطعام، كان الأسير بلال كايد والذي قضى في سجون الاحتلال الإسرائيلي نحو خمسة عشر عاماً بداية من العام 2001، وفي الوقت الذي كان ينتظر كايد الإفراج عنه بعد انتهاء مدة محكوميته، قررت سلطات الاحتلال تمديد اعتقاله الإداري في سبتمبر (أيلول) عام 2015 لستة شهور.

بعد انتهاء مدة الاعتقال الإداري فوجئ الأسير كايد بقرار سلطات الاحتلال تمديد اعتقاله الإداري لمدة أخرى، ليقرر على إثر ذلك خوض إضراب عن الطعام أفضى إلى موافقة إدارة السجون الإسرائيلية الإفراج عنه نهاية العام الجاري، بعد 70 يوماً من الإضراب المفتوح عن الطعام.

ويواصل أربعة من الأسرى الفلسطينيين في سجون الاحتلال الإسرائيلي إضرابهم المتواصل عن الطعام ضد سياسة الاعتقال الإداري في ظل ظروف صحية صعبة، والشقيقين محمد ومحمود البلبول، والأسير عياد الهريمي، ومالك القاضي، وجميعهم بدأوا إضرابهم عن الطعام في شهر تموز (يوليو) الماضي.

ويعد قانون الاعتقال الإداري من أكثر القوانين الإسرائيلية إجحافاً بحق الأسرى الفلسطينيين، حيث يجري اعتقال الأسرى دون أي تهمة أو محاكمة، وهو القانون الذي فرضته سلطات الانتداب البريطاني إبان حكمها لفلسطين عام 1936.

مقالات ذات صلة

إغلاق