مقالات

الأقصى في عيون الحكام العرب إبراهيم أمين مؤمن/ مصر

منذ أن أعلنت أمريكا عن امتلاكها لقنابل الثقوبالسوداء ومؤيد يموت تدريجيًا، فقد كان يأمل أنتساعده اليابان في دحر مخطط يعقوب إسحاق الذيلا يكلّ ولا يمل عن امضائه، فقد جاءته أنباء بأن وزارةالعلوم والتكنولوجيا الإسرائيلية تمكنت أخيرا منابتكار مادة تستطيع من خلالها صهر حقول القوىالتي تمثل أقوى نقطة تعتمد عليها المقاومة فيتحصين أنفاقهم، وعلى ذلك يتوقع مداهمة الأنفاق فيالقريب العاجل.

وكما توقع مؤيد جاءه خبر الاقتحام من قادة ألويةالمقاومة التي تتمركز أنفاقها في جميع أنحاء فلسطينولاسيما قطاع غزة منها.

إذ قال له رئيس المقاومة عبر الهاتف: «تقدّمت فرقالاقتحام بسيوف شعاعية ذات تركيب خاص وثقبتالستارة الثلاثية الخاصة بحقل القوة، واقتحمتالأنفاق بسهولة

سأل مؤيد وهو في حالة هياج شديد: «وأين كنتم حينداهموكم؟»

– «طول أمد الحصار وسط خذلان العالم لنا ولاسيماأولئك الذين من المفترض أننا عضو من جسدهاالأنظمة العربية والإسلامية قد أضعف قوانا، فكنانتساقط من الجوع قبل أن يداهمونا في الأصل، وأنتتعرف أن أسلحتنا نفدت هي الأخرى بعد أن أحكمواعلينا الحصار من الساحل وعبر الأنفاق

– «وماذا حدث بعد ذلك؟»

– «حدث التحام بيننا وبينهم في أكثر من مائة نفق،ولم يدم الالتحام طويلا بسبب الإعياء الذي نحن فيه،وبسبب قلة السلاح لدينا، وعلى الجهة المقابلة كانتمعهم سيوف شعاعية التي فتكت بنا على الفور

سقط الهاتف من يد مؤيد على الفور، وكان واقفا، فلماأراد أن يجلس اتكأ على جدار الحجرة حتى أدركالكرسي.

وانهد عليه كالجبل المنهار، وأخذ يحدث نفسه: كنامنتصرين، ألا لعنة الله على الأنظمة العربيةوالإسلامية الذين باعونا لإسرائيل، كنا منتصرينبالاكتفاء الذاتي لدينا، لكنه لم يعد يجدي نفعا بعدذلك فقد كنا نحتاج لدعم. كنا منتصرين، في الوقتالذي كنا نحارب بضراوة لم نجد أحدا يمد يده إلينالنستكمل كفاحنا، كانت إسرائيل تمتد إليها ألف يد منأمريكا ودول أوروبا، وكان ثمة أيادي أخرى تكتسيبرداء يلذ الناظرين في شكله، لكن داخله أقبح ما فيالوجود، إنها أيادي الخذلان العربية والإسلامية، ألالعنة الله على كراسي الحكم

صمت لحظات، وسكن كالميت، ثم عاود حديث النفس: والعالم الآن منشغل برحلة جاك من أجل القضاء علىالثقب الذي كاد أن يلتهم الشمس منذ بضعة أيام.وإسرائيل لن تألوا جهدا في المضي قدما في تنفيذمخططهم. ضاع، ضاع كل شيء يا مؤيد، وذهب كلكفاحنا مع الريح.

وأخذ يزفر وهو ممسك بقلبه الذي لا يكاد يقوى بعدعلى التنفس. وفك ربطة عنق بذلته بيد مرتعشة كأنهاتغيثه غوث الغريق.

ومرت بضعة أشهر، خلالها كانت المقاومة تتهاوى فيغفلة من العالم أجمع الذي انشغل بثقب سحابة أورطإلى أن تلاشت.

لذلك انتهزها يعقوب إسحاق فرصة من أجل وضعخطة لهدم الأقصى ومن ثم بناء الهيكل وانتظار نزولالمسيح.

يرى يعقوب أن الحصول على قنابل الثقوب السوداءبات مستحيلا بعد عبور فهمان إلى الجن.

كما يرى أن المسيح قادر على صنع الكثير من تلكالقنابل بمدد من الله الذي حباهم وفضلهم علىالعالمين.

لذلك شرع في إعداد التجهيزات التي سوف تقومبعملية الهدم والبناء.

واستغرقت تلك التجهيزات ثلاثة أشهر أخرى.

من داخل وكالة الفضاء الأمريكية ناسا كان جاك يعملعلى تجهيز الجاز الشامل الذي سيلازم الفضائيين فيرحلتهم المرتقبة إلى سحابة أورط.

دخل عليه رئيس ناس وهو منهمك في صناعة الجهاز.

قال له جاك: «أخبرني عن آخر استعدادات العالمسيادة الرئيس

قال رئيس ناسا: «كلّ مصاعد الفضاء في العالم تعملليلاً ونهارًا لنقل ما يستطيعون من تقنيين وخبراء منمختلف أجناس العالم، فضلاً عن عشرات الألوف منالروبوتات المبرمجة لاستكمال بناء المحطات الليزريّة

ترك جاك ما في يده وتنهد تنهدات المتوجع وقال: «أكبر همي تلك المحطات الليزرية، تحتاج إلى جيشمن الروبوتات وآلاف الفنيين لتشيدها على الوجهالأكمل، وسوف تستغرق وقتا طويلا لبنائها وسوفتستنزف اقتصاد العالم

قال رئيس ناسا مستدركا: «فعلا، لما قرأت رسالةالدكتوراه الخاصة بك شعرت بأنك كنت تتألم وأنتتتكلم عنها، كما كنت تخشى عن عدم تمكن العالم منتخليق حقل مغناطيسي يتحمل درجة حرارة الاندماجويعمل على استمراره

لم يكد ينتهي من كلامه حتى ارتعش جسد جاك وجرتدموع العبرة والبين على خديه، ثم ما لبث أن قال: «الوحيد الذي كنت أثق في قدرته على إيجاد هذاالحقل المغناطيسي قد ذهب، ذهب بلا رجعة

وأجهش جاك بالبكاء.

طيب رئيس ناسا خاطره بقوله: «هوّن على نفسك،فهمان ذهب إلى الشيطان وهو يحمل أنبل رسالةكونية، رسالة الأنبياء، لعله ينجح في قتل إبليس

سكت وهو يحاول رفع الهم عن جاك أكثر فقال: «الروس يحاولون، وأنا متأكد أنهم قادرون على تخليقهذا الحقل المغناطيسي

قال جاك: «وما أخبار هيليوم-3؟ اتعظوا أم لا؟»

أجابه: «اتعظوا، اتعظوا يا جاك، فطب نفسا

تبسم جاك وسأله في لهفة: «أخبرني بالتفاصيل

أجابه: «يصل لخبراء الفيزياء النووية كل ما تمالكشف عنه (هيليوم-3) على سطح القمر بوساطةالروبوتات من أجل بناء مفاعلي الاندماج والانشطار،ومنه منع منعا باتا تصدير أي منه إلى الأرض، بلوأرسلت كل الدول النووية كل ما لديها من هيليوم-3 إلى سطح القمر عبر المصاعد الفضائية

هز جاك رأسه بعد أن طابت نفسه.

وعاود العمل على الجهاز الشامل وهو يقول: «وأخبارمحطة ناسا ومحطة الروس والصين؟»

– «خبراء الفيزياء النووية والفضاء يشرفون عليهاعلى أكمل وجه

سكت رئيس ناسا لحظات ينظر فيها إلى جاك المنهمكفي عمل الجهاز، فتراءى له أن يخبره بباقي أعمالتجهيزات رحلته.

قال: «وخبراء آخرون يصعدون درج المصاعد الفضائيّةللوصول إلى الشراع المثبت في مداره الأرضيّ ليركّبواالخلايا الشمسيّة النانويّة على كامل طوله وهو واحدكيلومتر.

وقد كان خبراء اليابان أمهر الخبراء في تنفيذ خطواتتصميمك، فهم يصممونه من الرسم الهندسيّ الموجودفي رسالتك، ويصُممونه على أن يكون سيرانه بصورةدائريّة طول الرحلة لإحداث جاذبيّة صناعيّة تساويجاذبيّة الأرض تزيد أو تقلّ قليلاً، كما سيزود بكاميراومحرك صاروخيّ ومعدات اتصال وملاحة

«كم تكلفت هذه التجهيزات حتى الآن؟ ومن أنفقعليها؟»

«لقد بلغت التكلفة حتى الآن رقما خياليًا، قرابةمائتى تريليون من الدولارات، الشعوب كلّها تتبرعللحكومات، كلّهم يتسارعون إلى وكالات فضائهمبالدمع الحار لينجوا من الموت، كلّهم يدعون لأمريكا،كلّهم يدعون لك، لكَ أنتَ يا جاك

مر بضع دقائق وجاك يعمل فيها على الجهاز، وفجأةقال: «هذا الجهاز أخذ بلب عقلي، لكني على وشكالانتهاء منه، وفور أن أنتهي منه سوف أجربه

                                    ***

ورغم أنّ الرئيس مهديّ يتفطّر قلبه حرقًا على المسجدالأقصى إلَا أنّه لم يجد وسيلة لردعهم إلّا الشجبوالاستنكار.

هو يتابع الأحداث العالميّة، كلُّ الوكالات تركّز علىالثقب الأسود وتتابع تجهيزات رحلة جاك فيصحوهم ومنامهم ولم تعد تهتم أيضًا بالقضيةالفلسطينية إلّا تهميشًا.

أمّا القنوات الإسرائيليّة الدينيّة فتركّز على دعوة الربّلهم بالعمل على إقامة دولة إسرائيل الكبرى بداية منأرض فلسطين وتقول: إنّ المسيح قد ينزل في أيّ وقتبعد بناء الهيكل الذي أمرنا الله ببنائه.

واستغرق في التفكير، واجتمع بالمجلس العسكريأكثر من مرة لإيجاد حل يردع به اليهود التي تود هدمالأقصى وسط انشغال العالم كله بشأن ثقب سحابةأورط.

ولم يصلوا لحل.

وفي ذات يوم صلى الفجر وجلس يفكر وحده فيالمسجد بعد أن صرف حرسه الرئاسي حتى قال بعدزفرة عجز وألم: «إذن، لا بد مما ليس منه بد، لابد أنأجبره

ونهض، ومضى إلى قصره بعد أن أرسل في طلبفهمان الذي يعلم بمكانه بالضبط، وعلى ملامح وجههالعناد والحزم.

وتراءى له أن يتصل به.

واتصل، الهاتف مغلق.

واتصل عشرات المرات بيد أن الهاتف مغلق علىالدوام.

حتى قال: «يبدو أنه منهمك مع جاك في التجارب علىالمصادم

وأخيرا عاد من أرسله مهدي، دخل عليه وهو خائف منمغبة الخبر عليه.

سأله مهدي في حذر ودهشة: «أين؟ أين فهمان

أجابه ورأسه في الأرض: «عبر، وترك لنا صديقه هذاالخطاب

لكزه مهدي في أعلى كتفه بقوة حتى كاد يقع الرجلعلى الأرض وهو يقول: «عبر ماذا؟ ما بك يا رجل؟»

قال الرجل وهو يرفع بالخطاب نحوه: «خير إجابة فيهذا الخطاب

نزعه مهدي منه في ضيق شديد، نظر مهدي فيهوالغضب يتفجر منه، فتحه بوجل وقرأ: أنت تبحث عنفهمان، فهمان عبر إلى الجنّ ولن يعود، أيها الذئبالملقب بالمهدي، شعبك خرج من الجحور إلى القصورسابحًا في أنهار من دماء الأمريكيين، ولن أدعك حتىآخذ حق أبناء وطني.

ضغط على الخطاب بقبضة يده التي بدت مرتعشةفكومه وضرب به الأرض بقوة، وأطبق على أسنانهيحرك وجهه يمنة ويسرة، واحمرّ وجهه غضبًا.

وقال غير مكترث لوعيد جاك له: لا شأن لي يا جاك بماحدث لوطنك، أنا فحسب كنت أريد أن أخرج بالمصريينمن أنياب المجاعة التي تفشت فيهم وقد نجحت.

وخرّ مندكا كالجبل بعد عبور فهمان.

وظلّ يكلم نفسه متحسرًا: عبرت، عبرت، أكنت تخدعناطول هذا الوقت؟ أردت المصادم لتعمل على هدايةالبشريّة ولم تقصده للنهوض ببلدك.

أتظنَّ يا ولدي أنّ البشريّة من الممكن أن يأتيها يوموتعيش في سلام! لقد كنت طوباويًا حالمًا إلى أقصىدرجة يا بني.

ثمّ قال معاتبًا: لِمَ يا ولدي؟ لِم يا فهمانَ؟

والآن ضاع الأمل الأخير الذي كنّا سنتَوَكَّأ عليه لنحيانحن العرب بكرامة، وها هم العرب يلبسون طرحالنساء تاركين اليهود يهدمون ثاني قبلة للمسلمين،كنت سأمنعهم بقنابلك، والآن لا أمل.

لن أقوى على مجابهة المخطط الصهيوني وحدي،وليس معي ما يردعهم.

صمت هنيهة ثمّ قال في حسرة وهو يضرب كلتا يديهببعضهما: ليس معي كان معك، سامحك الله. ثمّ أطرقرأسه في الأرض ودعا كلّ العرب أن يطرقوا معه بعد أنفازت إسرائيل بكل الجولات بعد أن انغمسوا في العلمبينما انغمس العرب في الشهوات.

                                       تدقيق في يوم     7/2/2024

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إغلاق