الرئيسية
الحذاء الأبيض الجديد / الفنان القدير مرسيل خليفة
كم كان يطيب لي التلذّذ بذلك الشعور البريء وأنا أمضي بخشوع إلى زيّاح أحد الشعنينة . أخف باكراً إلى صحن الكنيسة والخطو على أصابع القدمين بحذاء أبيض جديد يكاد لا يلمس الأرض . فرحت به كثيراً يوم اشترته أمي من السوق العتيق . عقدت رباطه ، ومن ثمّ رجلاي على الأرض ، أقوم بعدد من الخطوات الثابتة ، أنظر إلى الحذاء ، مشغوفاً به ، وآخذاً في السّير مجدداً . أمشي وفي الطريق تتثبّت عيناي عليه . وكنت اسرع في المشي وأعود لأتوقّف ، أنظر إليه باهتمام ، أنحني لأمسحه . ويدور الزيّاح حول الكنيسة وأنا بحذائي أتنقل بين الجموع كالحجل ، أحمل شمعة كبيرة وعيناي إلى تحت إلى الحذاء الأبيض الجديد ، وأحياناً كان يعلق الوحل في النعل وكأنه يعلق في قرارة نفسي . أزاحم على الصف الأول وتغلبني الكثرة فأرضى بما أرضى به في الختام تقبيل القربان في فضاء ضيّق تسيجه الشموع وتنشر عرفها في أرجاء المكان .
زمن سريع يكفي كي يغادر عصره أحد الشعانين ، وكي يتبدّل الذي ما تبدّل .