اخبار العالم العربي

تداعيات أزمة قطر على الأمن الجماعي في منطقة الخليج … بقلم ….. سامية بن يحي / الجزائر

تداعيات أزمة قطر على الأمن الجماعي في منطقة الخليج

 

 

تعود فكرة الأمن الجماعي إلى معاهدة ويستفاليا 1648 التي حددت القواعد والأسس لتحقيق فكرة أمن الدول بشكل جماعي ومع بداية القرن 20 أصبح مفهوم الأمن الجماعي في العلاقات الدولية يقصد به المحافظة على الأمن والسلم الدوليين استجابة لمختلف التهديدات الأمنية ومنع الحروب ، وقد تمت صياغة نظام الأمن الجماعي بعد فشل عصبة الأمم في تجسيده على أرض الواقع ضمن هيئة الأمم المتحدة بعد الحرب العالمية الثانية .

يعرف الأمن الجماعي بمفهومه العام أنه ترتيب تتخذه الدول لحماية مصالحها وتحقيق أمنها ضد أي تهديد محتمل .

فكرة الأمن الجماعي في منطقة الخليج

تتميز منطقة الخليج بموقع جيوستراتيجي هام فهي منطقة تتوسط العالم القديم وبعد اكتشاف النفط فيها أصبحت أكبر منطقة بترولية  في العالم إذ تشكل أهمية اقتصادية لا يستهان بها فهي سوق  مهم جدا لأوروبا وللدول الكبرى  ومحط أنظار العالم .

لهذا سعت دول الخليج للدفاع عن أمنها الجماعي من خلال تأسيس مجلس التعاون الخليجي سنة 1981 فكان في البداية عبارة عن تحالف أمني لمواجهة الحرب الإيرانية العراقية وتأسيس قوات درع الجزيرة سنة 1982 واستخدم أيضا في حرب الخليج الثانية وفي أحداث البحرين سنة 2011 غير أن  هذا الدرع لم يرقى إلى طموح الخليجيين في الدفاع عن أمنها .

وقد أدى عدم استقرار منطقة الشرق الأوسط  بعد نهاية الحرب الباردة وبروز تحولات جديدة في المجتمع الدولي وفي المنطقة العربية مثل الثورات العربية الأخيرة وتنامي ظاهرة الإرهاب وتنظيم داعش والأزمات النفطية وتزايد حدة الصراع الغربي مع إيران وتنافس الدول الكبرى على المنطقة خاصة بعد احتلال العراق وتفكيكه والحرب على سوريا إلى قناعة الدول الخليجية بضرورة تعزيز أمنها الجماعي لمواجهة كل هذه التحولات والتهديدات خاصة بعد تمدد إيران وتوسيع نفوذها في الشرق الأوسط وتنامي خطر الجماعات المتطرفة ، فعمد مجلس التعاون الخليجي إلى توقيع اتفاقية الدفاع المشترك لدول مجلس التعاون الخليجي ضد التهديدات الخارجية في 2009 كمحاولة لتجسيد الأمن والتعاون في المنطقة وقطع الطريق أمام ايران وقد قادت الدول الخليجية بقيادة السعودية حربا ضد الحوثيين في اليمن بدعم عربي وغير عربي مايسمى بعاصفة الحزم سنة 2015 ، فاستقرار اليمن يعني الحفاظ على مصالح دول مجلس التعاون الخليجي وأمنها كما قامت بدعم ترسنتها العسكرية واتخاذ إجراءات أكثر تعاونا على المستوى الداخلي والخارجي  خاصة بعد تأثير الثورات العربية مايسمى بالربيع العربي على المنطقة الخليجية وخطر الأقليات هذا من جهة ومن جهة أخرى تأثير الدول الغربية وتنافسها لتحقيق مصالحها من خلال خلق الصراعات والتوترات داخل المنطقة .

ويبقى السؤال الذي يطرح نفسه هل حققت فعلا دول مجلس التعاون الخليجي أمنها الجماعي ؟

إن مسألة تجسيد الأمن الجماعي لدول مجلس التعاون الخليجي تخضع لإرادة كل دولة خليجية أمام ما تواجهه من تهديدات سواء داخلية مثل الخلافات بين الأسرة الحاكمة وتأثير الأقليات العرقية وخارجية كتنامي الدور الإيراني .

لقد كان تعاطي كل دولة خليجية لمسألة أمنها الجماعي بشكل فردي على حساب بقية الدول الخليجية من خلال تعزيز أمنها الداخلي أكثر من أمنها الخارجي  وهذا مازاد من تنامي الدور  الإيراني وهيمنة الولايات المتحدة الأمريكية  وأصبح  دور مجلس التعاون الخليجي ضعيفا والدليل على ذلك ظهور توترات وأزمات بين دول المجلس كان آخرها أزمة سحب السفراء من قطر في 2014  وأزمة قطر  2017 أضف إلى ذلك  السباق نحو التسلح والإنفاق العسكري الذي لم تشهده من قبل الدول الخليجية خاصة في عامي 2012 و2015  فحسب تقرير معهد ستوكهولم لأبحاث السلام 2016  تنفق دول الخليج العربية باستثناء قطر أكثر مما تنفقه الولايات المتحدة على الدفاع كنسبة من ناتجها القومي  3.9 % وأنفقت دول مجلس التعاون الخليجي مجتمعة ما يقارب 91 مليار دولار عام 2016 كما أنفقت السعودية  87 مليار دولار أي 13.7 % من ناتجها القومي 5.2  % من إنفاق العالم على التسلح عام 2015 واحتل الاقتصاد السعودي المرتبة الثالثة عالميا في الإنفاق العسكري بعد الولايات المتحدة الأمريكية والصين وهذا كله على حساب برامج التنمية الداخلية ولم يحقق هذا السباق نحو التسلح حتى الأهداف الإستراتيجية والعسكرية المرجوة في  المنطقة .

الأمن الجماعي وأزمة قطر التحديات والرهانات

بدأت أزمة قطر في 23/ماي/2017 بعد التسريبات التي بثت عند  اختراق  موقع وكالة الأنباء القطرية المتعلقة بأمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني تأزمت بعد اتهام صحيفة واشنطون بوست الإمارات العربية المتحدة أنها وراء جريمة القرصنة الإلكترونية فقامت على إثرها السعودية وعديد من الدول بمقاطعة وحصار قطر ، ورغم المحاولات الحثيثة لحل الأزمة وتخفيف حدة التوتر الحاصل من قبل جهود دولة الكويت وخارجية فرنسا بقيادة وزيرها  لودريان ومساعي تركيا وبريطانيا إلا أن الدول المحاصرة تؤكد استمرار قرار المقاطعة إلى حين عدول قطر عن سياساتها في دعم الجماعات الإرهابية والاستجابة لمطالبها وهي مصر السعودية والإمارات والبحرين .

وقد أكد دونالد ترانب الرئيس الأمريكي على وحدة منطقة الخليج في محاربة الإرهاب وتعزيز استقرار وأمن المنطقة كما أكد وزير خارجية قطر استعداد بلاده للحوار وحل الأزمة بشرط عدم المساس بسيادة دولة قطر والتزامه في إطار مجلس التعاون الخليجي وجامعة الدول العربية .هذا وقد نددت العديد من المنظمات والدول بحصار قطر واعتبرته غير قانوني وغير منطقي.

ومن هنا يطرح السؤال مامدى تأثير هذه الأزمة على أمن  المنطقة وفعالية مجلس التعاون الخليجي ؟

كان لأزمة قطر العديد من الآثار نذكر منها :

– اتجاه  قطر بعد عزلها خليجيا إلى تعزيز العلاقات التعاونية التركية وقبول المساعدة من تركيا وايران

– تعهد رئيس لجنة العلاقات الخارجية في مجلس الشيوخ الأمريكي بوب كوركر في 26 /  6 / 2017 بعرقلة صفقات السلاح للخليج حتى تحل أزمة الحصار المفروض على قطر وطالب دول المنطقة ببذل الجهود لمحاربة الإرهاب وصرح أنه سيسحب موافقته على مبيعات السلاح الأمريكي لدول مجلس التعاون الخليجي إلى حين إيجاد حل للأزمة .

– توقيع قطر لاتفاقية شراء مقاتلات أف 15 ضمن صفقة تقدر بـ 12 مليار دولار 72 مقاتلة  في 14 /6/2017 وهذا يؤثر على سياسة التسلح المشتركة .

–  في 16 /6/2017 إجراء مناورات عسكرية لسفينتين من القوات البحرية الأمريكية القطرية .

–  صمت مجلس التعاون الخليجي والجامعة العربية أمام الأزمة وعدم القيام بدور فعال .

–  التأثير على عدم استقرار المنطقة وإعطاء الفرصة للصراعات الإقليمية .

–  التأثيرات الاقتصادية خاصة على السوق الخليجية المشتركة .

– التأثير على المكاسب المشتركة وسياسات التعاون .

–  التأثير على استقرار مجلس التعاون الخليجي .

كل هذه التـأثيرات توسع الهوة بين الأشقاء الخليجيين خاصة بعد تسريبات مواقع إلكترونية تظهر سعي الإمارات إلى تحجيم دور قطر الإقليمي والتحريض على استهدافها أمنيا وسياسيا .

يواجه تحقيق الأمن الجماعي في منطقة الخليج  العديد من التحديات والرهانات منها :

* الخلافات المتكررة بين دول مجلس التعاون الخليجي مع قطر والتنافس الإقليمي بينها.

* العنف السياسي وتزايد حدة التوترات الطائفية .

* عدم استقرار العراق واليمن .

* تزايد الدور الإيراني وامتلاكها قدرات صاروخية باليستية لاتتوفر لدى دول الخليج .

* تأثيرات ثورات الربيع العربي والتهديد الإسرائيلي .

* التبعية لأمريكا من قبل أغلب دول الخليج.

  حلول وآفاق مستقبلية

* حل كل الخلافات بين دول مجلس التعاون الخليجي على رأسها الأزمة القطرية.

* تفعيل دور مجلس التعاون الخليجي .

* تعزيز أمن الدول الخليجية داخليا وخارجيا.

* تغيير السياسات وتفعيل المواطنة الخليجية.

* التغيير السياسي وتوسيع الإصلاحات وتفعيل المشاركة السياسية .

* تفعيل سياسة التسلح المشتركة.

بقلم سامية بن يحي  ماستر إدارة دولية / الجزائر

البريد الإلكتروني

[email protected]

الوسوم

مقالات ذات صلة

إغلاق