أخبارمحلية
النظام الديمقراطي النموذجي ودولة الرفاهية في الدنمارك ..
كيف ظلت الأسطورة الدنماركية منذ عقود قائمة على فكرة الحريات والديمقراطية والتكافل والتضامن الاجتماعي ؟
كتب الاعلامي هاني الريس
لقد بدأت خطوة الالف ميل لمسيرة الحياة الديمقراطية والحريات والتضامن الاجتماعي، في مملكة الدنمارك تحث الخطى منذ العام 1849 وحتى اللحظة الراهنة مرتكزة على نصوص وقواعد دستور البلاد الصادر في مطلع العام 1849 والذي خضع للعديد من التعديلات على مر التاريخ، بسبب التطورات والتغيرات الجديدة المواكبة لكل العصور، كما حصل على سبيل المثال لا الحصر في العام 1915، عندما منحت النساء في الدنمارك حق التصويت.في الانتخابات
ويعود تاريخ الدستور الدنماركي الحالي إلى العام 1953، ولكن العديد من مبادئه الاساسية ظلت ثوابتها قائمة، منذ ذلك الوقت إلى يومنا هذا من دون أية تغييرات جوهرية.
يعد المجتمع الدنماركي مجتمعاً ديمقراطياً محافظا وقائماً على سيادة القانون، ويعني ذلك أن الحكومة والجهاز الإداري للدولة، بما في ذلك الشرطة وسلك القضاء، يخضعون للرقابة الديمقراطية وحكم القانون، وأن المحاكم تتصرف باستقلالية عن الحكومة. ويتمتع جميع المواطنين بحقوق وحريات أساسية، ويلتزمون باحترام القانون. ولجميع المواطنين الحق في المعاملة بالشكل المناسب ووفقاً للقانون من جانب السلطات الإدارية والمحاكم.
ترتكز نصوص وبنود الدستور الدنماركي على قواعد شبه ثابتة لادارة شؤون الدولة والمجتمع، وتتجسد خلالها ضمانات العديد من الحقوق والواجبات والحريات الاساسية لجميع المواطنين من دول تمييز أو تفضيل، ويعتبر القانون فوق مستوى الجميع، والشعب هو مصدر السلطات جميعا. كما يصون الدستور الدنماركي، حق الملكية الخاصة، والحريات الشخصية العامة، وحرية ممارسة الشعائر الدينية، وحرية تكوين الجمعيات والاندية، وحرية الاحتجاج والتظاهرات، وحرية الرأي والتعبير الكتابية منها أو الشفهية، وحرية الاعلام والكلمة والصحافة. ولهذا تعد الدنمارك من بين أبرز الممالك الدستورية في العالم، التي تولي أهتماما بالغا بالحقوق المدنية العامة وحقوق الأنسان ورفاهية المجتمع.
تتمتع كل من السلطات الثلاث، التشريعية، والتنفيذية، والقضائية في الدنمارك باستقلال تام عن بعضها البعض. حيث يقوم البرلمان الوطني الدنماركي، Folketinget، بتمرير القوانين الوضعية. وتقوم الحكومة بتطبيق تلك القوانين بمساعدة الجهاز الإداري للدولة. بينما تصدر المحاكم – أي المحاكم الإقليمية، والمحاكم العليا، ومحكمة النقض- الأحكام وتقرر العقوبات.
وتعني حرية التعبير، في الدنمارك، حرية أي فرد في نشر ما يشعر به وما يعتقده. ولكن مع إيلاء الاعتبار الواجب للمحاكم والقوانين بصفة عامة. فمن الممكن أن تحاكم لإهانة شرف شخص ما أو مخاطبة الآخرين بطريقة تهديدية أو مهينة، ومن ذلك على سبيل المثال، ما يتعلق بمعتقداتهم أو أصولهم العرقية. تتمتع المحاكم الدنماركية باستقلالية تامة. ولا يمكن للحكومة أو البرلمان أن يملي على المحاكم ما يجب عليها فعله في قضية من القضايا العامة او الخاصة.
ويعد الحوار والمشاركة في اتخاذ القرارات العامة، أمرين لهما أهميتهما على جميع مستويات المجتمع. حيث يُشجَّع المواطنون على المشاركة في العملية الديمقراطية، من خلال المشاركة – على سبيل المثال، في السلطة البلدية، أو في أي حزب سياسي، أو في المناطق السكنية المحلية، أو في الجمعيات الثقافية والترفيهية، أو في المدارس أو حضانات الأطفال .
هاني الريس
19 شباط/ فبراير 2023