نشاطات
رحيل الأبناء ومتلازمة العش الفارغ
رحيل الأبناء ومتلازمة العش الفارغ
بقلم / مزنة بنت مبارك الجريد*
نعم رحيل الأبناء يُشبه رحيلَ الروح عند الآباء وهذه حقيقةً رأيتها بكل حزن وأنا كنت أعتقد أن موت الوالدين ألم يكسر القلب ويحرق الروح ويترك جراح لا تشفى وشروخ لا تداويها سنين الحياة الطويلة لأن هنآك غصة رحيل وموت ذكريات جميلة وأشياء سعيدة بينهما وموت روحًا وأنت على قيد الحياة لأن وفاة الوالدين تموت معها الكثير من الأشياء التي لا نشعر بها في حياتهما .
وتظهر أمور لم تكن ظاهرة بين الأخوة بعضهما بعض مما يجعل حياة الأبناء تصل أقصى مراحل الحزن العميق حتى وإن لم يتحدثوا بذلك لأن عمق الجراح سيزداد عمقًا وألماً وعلى هذا الأساس نرى أمور لم تكن موجودة في حياة الأبناء بوجود الوالدين.
لكن الذي شد انتباهي وبشكل واضح : هو فاجعة رحيل الأبناء على الآباء والتي تظهر بشكلٍ مفزع لأنها تحرك في داخلهم متلازمة مؤلمة جدًا وهي ( العش الفارغ ) الذي يخافه الآباء وأنت تنظر إلى وجوه الآباء في لحظات صعبة من رحيل أبنائهم وما أقسى لحظات المواساة في مضغة القلب وعديل الروح ذلك السند المنتظر والحلم الجميل .الذي يكسر قلوبهم ويعيشون وجع رحيلهم وكم يكون الألم مضاعفًا إذا كان ذلك الابن أو الابنة في ريعان الشباب مما يزيد لوعة الفراق المؤلمة التي مزقت أحلامهما برحيل موجع وفراغ مخيف بعد رحيل الحلم السند وانطفأ فرحة العمر ولحظات الفرح والسعادة التي طالما انتظرا أخذ الدور الذي من المفترض ان يكون لهما كمًا ربيناهم صغارًا
لكنه القدر والحكمة الإلهية في عبادة ليعرف الآباء ألم هذه المتلازمة القاتل .
كنت أنظر إلى تلك الوجوه التي اقتص موت الأبناء عافيتها بوجع سيظل مغروس في الروح لا يعلم به إلا الله عزوجل وأسمع تمتمات الدعوات والاستغفار وطلب الصفح من الله للابن الراحل وهم يعيشون في حالة من ذهول الصدمة
ينظرون بألم إلى من يقدم واجب العزاء بكل حزن وكأنهم يقولون اللهم أربط على قلوبنا وأجبرها جبرًا وأنت وليها كانوا يقبلون تلك الوجوه البريئة
قبل لحظات الرحيل وأنفاسهم تسبق أوجاعهم
بقول اللهم أجمعنا وإياهم في جنتك ويتمنون أن يعطوا جزءا من أروحهم لذلك الجسد المسجى أمامهم .صورة عجزت إن تفارق خيالي لذلك الألم الذي يعتصر القلوب الحنونة والتي تتساءل بينها وبين ذاتها هل الموت نسيانًا ؟
أم ستبقى هذه الوجوه وهذا الجسد عالقًا في الذاكرة حتى يلحقوا بهم إنها مشاعر الفراق الأبدي تلك المشاعر التي ليس عليها من سبيل .
وهنا تذكرت سيد الأمة محمد صلى الله عليه وسلم وقد بكى النَّبي – صلَّى الله عليه وسلَّم – على ولدِه إبراهيم يوم أن مات، وقال: ((إنَّ العين لتدْمع، وإنَّ القلب ليحزن، وإنَّا لفراقك – يا إبراهيم – لمحزنون)).
فرجوت عيني أن تكفّ
دموعها
يومَ الوداع ناشدتها لا
تدمعي
اغمضتها كي لا تفيض فأمطرت
أيقنت أني لست املك مدمعي
اللهم رحمة وعوضًا وجبرًا لكل من فقد قطعة من روحه
• الاستشارية الاسرية