مقالات

الواقع العربي فراغ سياسي غلى مستوى الدول والحكام

بقلم / محمد جبر الريفي

يتميز الواقع السياسي العربي الآن على مستوى الدول والحكام؛ بوجود فراغ سياسي هائل في مواجهة المخططات الخارجية، أي كان مصدرها سواء أكانت من قبل التحالف الأمريكي الصهيوني الذي بدأ عدوانه على الحقوق الوطنية الفلسطينية المشروعة بشكل غير مسبوق في عهد الإدارة الأمريكية السابقة، الذي كان يرأسها المتصهين الأصولي العنصري رجل الأعمال الرئيس ترامب أو من بعض الدول الإقليمية غير العربية المجاورة التي لها تأثيرها السياسي ووجودها العسكري ونزعتها القومية، مثل: تركيا وإيران، وكلها تحاول الاستفادة من هذا الفراغ السياسي الهائل، الذي سببه غياب دولة مركزية عربية؛ ذات سياسة قومية تحررية، كما كان الحال في مصر الناصرية في فترة الخمسينيات والستينيات، حيث تتميز تلك المرحلة بتعاظم المد القومي في مواجهة الاستعمار وسياساته العدوانية والرجعية العربية ومؤامرتها على هدف الوحدة العربية. فالطابع العام للواقع السياسي العربي؛ يتجسد الآن في وجود دول ضعيفة منكفئة داخل حدودها السياسية القطرية التي رسمتها حالة التجزئة السياسية الممنهجة؛ يمزق البعض منها الصراع الداخلي المدمر على السلطة السياسية، في ظل وجود قادة قطريين في موقع الحكم وعلى رأس هذه الدول وضعاف في انتمائهم السياسي والفكري.. لا ينتهجون سياسية قومية تحررية؛ سواء أكانوا رؤساءً أو ملوكًا أو أمراءً، وغير قادرين على قيادة شعوبهم نحو التحرر الكامل والخلاص من علاقات التبعية، وذلك بإحداث عملية تنمية حقيقية في مواجهة المشاكل الاجتماعية والأزمات الاقتصادية؛ همهم الأول الاستمرار في البقاء في قيادة الدول، ولو كان ذلك على حساب مصالح الشعب وحقوقه.

الواقع السياسي العربي الآن وهو يعاني من فراغ قيادي قومي تحرري ومن غياب مرجعية قومية مركزية؛ بحاجة بالفعل في هذه المرحلة الهامة التي تزداد بها المخاطر والتحديات الخارجية الصهيونية والأمريكية وغيرهما؛ إلى تغيير ثوري جذري عميق على مستوى الدول والحكام على حد سواء؛ لأن ما تمخض عن ثورات ما تُسمى بالربيع العربي؛ اقتصر على بعض الحكام العرب الذين وصف حكمهم بالاستبداد السياسي ومعاداة الديموقراطية، في حين بقت قلاع الرجعية العربية؛ متمثلة بالنظم الملكية الوراثية المستبدة، بمعزل عن حراك ذلك الربيع الذي تحول إلى خريف معتم بما سببه من فوضى سياسية وأمنية…
ما لم يحدث ذلك التغيير الثوري المنشود على مستوى الدول والحكام؛ فسوف تجد المخططات الخارجية الإقليمية والدولية طريقها إلى التحقيق، وعند ذلك تتغير الخارطة السياسية العربية بوجود دول جديدة في المنطقة على أساس ديني وطائفي وعرقي؛ تكريسًا لحالة التجزئة السياسية وتحقيقًا لما جاء في وثيقة بانرمان البريطانية الاستعمارية التي رأت في بقاء هذه الحالة الجغرافية العربية التي يسودها التمزق والتفكك والتعارض في المصالح السياسية؛ ضمانة فعالة وأكيدة لبقاء عملية النهب الاستعماري، لمقدرات الوطن العربي، وأن الخطر الحقيقي على المصالح الاستعمارية الغربية في المنطقة العربية يكمن في الحقيقة؛ بوجود شعب عربي واحد على الشواطئ الشرقية والجنوبية للبحر الأبيض المتوسط؛ شعب متجانس حضاريًا من المحيط إلى الخليج وفي حال قيام دولته القومية الواحدة، فإن مصير هذه المصالح الحيوية الاستعمارية: الزوال.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إغلاق