ثقافه وفكر حر

قُدسٰٰية بقلم – الشاعر الكبير صالح احمد كناعة – عرابة الجليل

فُدسِيَّة

يا امرأةَ الأحلامِ السَّكرى،
يا عَطَشَ البَرقِ لأغنِيَةِ الغيمِ الشّارِدِ من موسِمِهِ،
يا أخلاق الصّيفِ السّارِقِ من لَهَبِ الشّفتينِ
حرارَةَ أمنية للثّقة الأولى من لغةِ الحَدّين.
أهوى حدّ الموتِ الهدهدةَ الأولى لطفولة فجرٍ
في حضنِ التَّعتيمِ الآفلِ عُمرًا ويَدَين.
أهوى حدّ الصّمتِ غموضَ الدّغدَغَةِ الأولى
من ضحكةِ عينٍ لمعتُها..
لم تعرف بعدُ حدودَ “الكَيفَ”، وسرَّ “الأينْ”.
أوحَت: صومي لغتي، أهوى لُغَةً
هزَّت جذعَ النّخلَةِ، شقَّت صدرَ المألوفِ
ولم تجزَع لمخاضٍ أعسَرَ مِن لُغَةٍ ما فازَت يومًا بحنانٍ
يتدَفَّقُ ببهاءِ الزّلزَلَةِ القصوى لأكُفٍّ صَنَعَت بَرقَين.
برقَ الرّعشَةِ حينَ يفيضُ جَنينُ الصّرخَةِ
مِن تَنّورِ الجرحِ، وعَرَقِ الأحلامِ الفِضّي..
وبرقَ الهَيبَةِ حينَ تُخَضِّبُ غالِيَةٌ كفَّيها
من نَزفِ الموعودِ لعَرشِ بكارَتِها الشّمسِي.
يا امرأةَ الأحلامِ القصوى! يا قمري اليومي..
ما كانَ البرقُ ليكمِلَني لو أنَّكِ ما كنتِ ..
جَديلةَ نَجمٍ لا يَغرُبُ عن أفُقي ..
ويصيرُ حياةً حينَ تثيرُ القدسُ مَشاعِلَ ذاكِرَتي،
وأثورُ، أعانِدُ فصلَ الرّيحِ، وعقدَ النارِ…
أصيرُ عناصِرَ طبعِ الموجِ …
خصوبَةَ رحمِ المَطَرِ النّاظِرِ رشحَةَ مولِدِهِ الحَتمِي
تستَلقي الشّمسُ على ظَهري، لتصيرَ منازِلَها كَتِفَي
وهنالِكَ تكتَمِلُ الأبعادُ، تُمارِسُ كلَّ رؤاها فِيّ!
صمتُ الأحلامِ يُعَرّي لونَ مَواجِعِنا، الزّبَدُ خَفِي
دَع عَنكَ مَطامِعَ مقتولٍ بالصّمتِ،
وتيّاراتِ الزّبَدِ الغَربِي..
واشرَب من بئرٍ ما نَضَبَت أبَدًا..
بارَكَها زيتونُ بلادي القُدسِي.
واقبِس من رحمٍ لي فيكَ، وقلبٍ لَكَ فِيّ…
شمسًا وبِذارًا للقُدسِ الشّامِخِ وَسَطِيّا
أسقِط مِن ذاكِرَةِ رجائِكَ شرقًا غَربِيّا..
كُن قُدسِيّا..
أسقِط من ذاكِرَةِ نهارِكَ غربًا خانَ، وشرقًا دانَ…
وتَذَكَّر: لِمْ ذَبَحوا بَقَرَة؟
مسكينٌ مَن أغشاهُ غبارُ العابِرِ، أمسى لا يُبصِرُ أثَرَه.
صوتي فيكَ يُعَرِّفُني ليَدَيكَ، فقُم واصرُخ بي كَفًّا…
يَرتاحُ دَمي لوَريدٍ فيكَ سيَنبِضُ فِيَّ
براءَةَ فجري مِن رَجعِ الصّمتِ العَبَثِي..
إيماني حَي..
يتغَذّى مِن نورِ سَمائي..
يَتَنامى في طينِ رَجائي..
مِنّي .. وإلَيّ
لا شَرقِيّ
لا غَربِيّ
نبضي قُدسِيّ
عبَثًا يرجوني أن أغدو شَلّالَ دموعٍ،
أن أمضي مِن غَيرِ رُجوعٍ،
زَمَني المخدوعُ بشيطانِ العُهرِ العصرِيّ..
أنا عبدُ اللهِ وحافِظُ قدسَ رسالَتِهِ …
آتاني نورَ مَحَبَّتِهِ
أوصى أن أرفَعَ رايَةَ إحسانٍ وخُشوعٍ قُدسِيّة..
لا شرقِيَة..
لا غربِيَّة..
… صالح أحمد (كناعنة) …
___ تفعيلة المتدارك

مقالات ذات صلة

إغلاق