اخبار العالم العربي

زيارة بايدن إلى السعودية: معارضون في المنفى يرون أن ولي العهد السعودي “سحق المجتمع المدني” في البلاد

أولت الصحف البريطانية اهتماما كبيرا بزيارة الرئيس الأمريكي، جو بايدن للسعودية ولقائه ولي العهد السعودي، وتناولت كل منها الزيارة من زاوية مختلفة بين من يرون أنها تطبيع مع النظام السعودي بعد فترة من الفتور ومن يرى أنها صفقة نفطية ومن يعتقد أنها رعاية لتطبيع إسرائيلي سعودي.

البداية من صحيفة الغارديان، التي تقول إن ولي العهد السعودي، الذي اجتمع مع الرئيس الأمريكي جو بايدن في السعودية، بعد مرحلة سادها الفتور في العلاقات بين البلدين منذ تولي بايدن الحكم، هو نفسه السبب وراء اجتماع بين ثلاثة من المعارضين السعوديين في الولايات المتحدة.

وكان الثلاثة، خالد الجابري ولينا الهذلول وعبد الله العودة، قد اجتمعوا على إفطار شرقي في فندق أرلنغتون في ولاية فرجينيا تزامنا مع وصول الرئيس الأمريكي جو بايدن إلى جدة.

وتقول كاتبة الغارديان ستيفاني كريتشغايسنر، التي أجرت مقابلة مع خالد الجابري، إنها استمعت منه إلى ما دار في ذلك اللقاء.

واتهم المعارضون السعوديون الثلاثة جو بايدن بأنه بزيارته إلى السعودية يسعى إلى “التطبيع مع نظام قاتل”، مطالبين بفرض عزلة على بن سلمان وإنقاذ ذويهم من بين يديه.

وقال خالد الجابري لصحيفة الغارديان: “تربينا في نفس الحي تقريبا، لكننا لم نعرف بعضنا البعض إلا هنا. وكان أبي يعمل في الحكومة بينما والد عبد الله كان إصلاحيا وأسرة لينا كانت تدافع عن حقوق المرأة. وفي ظل أنظمة الحكم السابقة كانت أسرنا تعادي بعضها البعض، لكن الجيل الجديد تمكن من تجاوز تلك المحظورات التي كانت مفروضة علينا”.

وأضاف: “تحدثنا عن أن ولي العهد السعودي سحق الحياة المدنية في السعودية وأصبح مكان كل من ينتقد الحكومة هو المنفى الإجباري بدلا من أن يتمكن من أن يعبر عن رأيه بحرية، وتحدثنا أيضا عن مدى ما تتمتع به المعارضة السعودية في الخارج من شجاعة لأن ثمن الانتقاد، كان بالنسبة لخاشقجي، هو الموت”.

ولا تزال شقيقة وشقيق خالد، سارة وعمر، في أيدي السلطات السعودية في محاولة لإخضاع والدهم سعد الجابري، المستشار المقرب من ولي العهد السعودي السابق محمد بن نايف، الذي يعيش في المنفى في كندا.

وتظل لجين أيضا في السعودية ممنوعة من السفر بعد أن أطلق سراحها تزامنا مع دخول بايدن البيت الأبيض من السجن الذي دخلته في 2018. وتستمر شقيقتها لينا وأسرتها، الذين يعيشون في المنفى في أوروبا، في إطلاق الحملات المطالبة برفع حظر السفر عن لجين.

النفط مقابل التقارب

خاشقجي
قال معارضون سعوديون أن ثمن انتقاد خاشقجي للسلطة كان الموت

البودكاست
تغيير بسيط

البودكاست نهاية

وتوقع البعض، من بينهم مراسلة صحيفة التلغراف البريطانية للشؤون الأمريكية جوسي إنسور، ألا تأتي زيارة الرئيس الأمريكي جو بايدن للسعودية بأي نتائج ملموسة لا على مستوى حقوق الإنسان ولا غيره من المستويات.

رغم ذلك، تقع الزيارة على جانب كبير من الأهمية بالنسبة للزعيمين. فولي العهد السعودي يرى الزيارة نهاية لمرحلة كانت فيها المملكة العربية السعودية “منبوذة”، على حد وصف بايدن، كما يرى أنها سوف تعيده إلى الساحة الدولية مرة أخرى بعد أزمة مقتل الصحفي السعودي المعارض جمال خاشقجي، وفقا لإنسور.

من جهة أخرى، يرى الرئيس الأمريكي جو بايدن في زيارته للسعودية حلا محتملا لأزمة الطاقة العالمية ومحاولة لحلحلة الموقف السعودي الرافض لزيادة إنتاج النفط لاستعادة توازن الأسعار العالمية.

فموافقة السعودية والإمارات، بين باقي دول منظمة الدول المصدرة للنفط (أوبك)، ضرورية لأي قرار يتم اتخاذه في اتجاه ضخ المزيد من النفط من قبل الدول الأعضاء في المنظمة. كما أن زيادة الإنتاج تعد من أهم الحلول التي يتطلع باين إليها للتخفيف من وطأة المعاناة الاقتصادية التي تشهدها بلاده.

وربما كان الدافع الأساسي وراء التغير الجذري في موقف بايدن من السعودية، الذي يتضمن زيارته إلى المملكة بعد فترة طويلة من تبني منهجية تتضمن نبذ محمد بن سلمان، هو إقناع ولي العهد السعودي بالسعي في اتجاه زيادة إنتاج النفط

وبينما رحب معتدلون داخل الولايات المتحدة بجولة الرئيس الأمريكي في الشرق الأوسط، بما في ذلك السعودية، مرجحين أنها تأتي في إطار مساعي لتحقيق مصالح أمريكية، يرى المعارضون للزيارة أن التقارب بين الولايات المتحدة وبن سلمان في الوقت الراهن ينطوي على خطر كبير، خاصة وأن الرئيس الأمريكي قد تعهد قبل تولي مقاليد الحكم بأن تكون حقوق الإنسان هي الأساس الذي تقوم عليه السياسة الخارجية للولايات المتحدة.

لكن المؤيدون لأغراض وتوقيت الجولة الحالية لبايدن في الشرق الأوسط يؤكدون أن هناك أهداف أخرى بخلاف إقناع السعودية بزيادة إنتاج النفط، وهو أن الزيارة من شأنها أن تعزز تطبيع العلاقات الذي أعلنته الإمارات والبحرين والسودان والمغرب مع إسرائيل، وهو ما قد يمهد الطريق أكثر أمام تطبيع العلاقات السعودية الإسرائيلية، وفقا للتلغراف.

بايدن والسعودية وإسرائيل

بايدن ولابيد

صدر الصورة، REUTERS

التعليق على الصورة، بايدن ورئيس الوزراء الإسرائيلي يائير لابيد

وختاما أشار مقال نشرته صحيفة فاينانشال تايمز إلى إن السعودية كانت، قبل ساعات قليلة من زيارة الرئيس الأمريكي جو بايدن، قد أعلنت فتح المجال الجوي أمام الطيران الإسرائيلي.

وأشاد بايدن بالقرار السعودي، الذي اتخذ وسط اضطرابات في أسواق النفط العالمية ومحاولة الولايات المتحدة تغيير منهجيتها في التعامل مع السعودية بهدف حلحلة الموقف السعودي الرافض لزيادة الإنتاج من النفط، ووصفه بأنه “تاريخي”.

ولا شك أن توقيت هذا القرار يُعد انتصارات سياسيا للرئيس الأمريكي بايدن الذي عاد إلى المنطقة في جولة شرق أوسطية تستهدف “إعادة ضبط العلاقات”، وهو الفوز الذي تحقق حتى قبل أن يبدأ الرئيس اجتماعه مع ولي العهد السعودي.

ولم يكن بايدن فقط المستفيد من هذا القرار، إذ يعني هذا القرار الكثير لإسرائيل التي سوف تشهد توفيرا لوقت طويل كانت رحلاتها الجوية المتجهة إلى آسيا تستغرقه في الوصول إلى وجهتها قبل أن يُسمح لها بدخول المجال الجوي السعودي.

وجاء هذا الإعلان بعد الاتفاق بين السعودية وإسرائيل، بوساطة أمريكية، على ترتيبات أمنية على الجزيرتين اللتين نقلت مصر تبعيتهما إلى السعودية عام 2017 تيران وصنافير، والتي قد تتضمن نقل القوات الدولية المتمركزة على الجزيرتين بموجب اتفاقية السلام بين إسرائيل ومصر.

كما أشار ولي العهد السعودي محمد بن سلمان في وقت سابق إلى اهتمامه بتحسين العلاقات مع إسرائيل، وهو ما يرجح أن تلك التحركات من الجانبين تأتي في إطار الموقف السعودي الإسرائيلي الموحد من إيران.

فكلا الدولتين ينظر إلى إيران على أنها خطر أمني واستراتيجي في المنطقة. فالسعودية تقود التحالف العسكري في اليمن ضد الحوثيين المدعومين من إيران بينما رددت إسرائيل في أكثر من مناسبة أن إيران تشكل خطرا نوويا على المنطقة بأسرها.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إغلاق