اقلام حرة

هل المواجهة القادمة بين إيران واسرائيل قد اقتربت؟ أم أن الحواضن الإيرانية ستواجه اسرائيل؟ أم ستتحول المواجهة بين إيران والخليج العربي؟ أم البقاء ضمن معادلة “لا حرب ولا سلم” في الشرق الأوسط؟

هل المواجهة القادمة بين إيران واسرائيل قد اقتربت؟ أم أن الحواضن الإيرانية ستواجه اسرائيل؟ أم ستتحول المواجهة بين إيران والخليج العربي؟ أم البقاء ضمن معادلة “لا حرب ولا سلم” في الشرق الأوسط؟

بقلم الباحثة: تمارا حداد.همسة نت

لا شك أن إيران واسرائيل لاعبان إقليميان قويان في منطقة الشرق الأوسط وكل منهما يلعبان دوراً يتأمل تحقيقه، فإيران تسعى إلى نشر الامبراطورية الفارسية، واسرائيل تهدف نحو الاندماج الفعلي وتشكيل الحلف “الأمني الاسرائيلي_ العربي” في الشرق الأوسط، وتسعى اسرائيل إلى استخدام أسلوب السيطرة الأمنية والاقتصادية والعسكرية لأراضي الضفة الغربية وقطاع غزة والجولان وسيناء ونفوذها داخل الدول العربية للتوظيف السياسي والعسكري حين تتطلب الحاجة لشن مواجهة شاملة، وكما أن إيران تسعى إلى السيطرة على عدد من الدول والحركات الاسلامية من أجل استخدامها للضغط والتوظيف السياسي وإبعاد الأنظار بالتحديد حول برنامجها النووي وأيضاً لتكون رديفاً حين حدوث حرباً إقليمية أو عالمية.
طيلة السنوات الماضية كانت العلاقة بين اسرائيل وايران تسير ضمن مسار “مواجهة الظل” ولكنها لم تصل الى حد نشوب حرب إقليمية بينهما بل بقيت ضمن حدود سياسة البقاء في حالة “لا حرب ولا سلم” بالرغم أن اسرائيل قامت بالعديد من العمليات التي تُسارع في عملية الرد الايراني مثل الاستمرار في عمليات الاغتيال لقيادات في الحرس الثوري وعلماء الطاقة والذرة النووية ومسؤولين سياسيين وقامت بالعديد من الهجمات السيبرانية وهاجمت العديد من النقاط الإيرانية والمصانع الإيرانية في سوريا وقطعت الطريق عن إيران لنقل السلاح إلى لبنان وسوريا، إلا أن هذه العمليات غير المباشرة ضد إيران لم ترد عليها بشكل مباشر بل كانت المواجهة من خلال أذرعها وحواضنها إما حرباً من خلال حزب الله في لبنان أو حروب قطاع غزة من خلال حماس والجهاد الإسلامي أو من خلال الرد من خلال الأذرع وفيالق البدر في سوريا والعراق.
ولكن أحداث الحرب الروسية الأوكرانية قد تلقي بظلالها على منطقة الشرق الأوسط من خلال تسارع التدخل الإقليمي الإيراني والتركي والإسرائيلي والمصري والخليجي لشن حرب شاملة وبالتحديد ان اسرائيل الوكيل الرسمي “لأميركا وللإتحاد الأوروبي” استطاعت عبر اتفاقها الأخير بنقل غاز البحر المتوسط سواء من لبنان او حقول اسرائيل او حصة اسرائيل من غاز غزة أو غيرها، هذا الأمر لن تقبل به روسيا وقوى الاقليم المساندة لها مثل “ايران” لانه سوف يضر بروسيا كونها كانت المصدر الوحيد للغاز نحو أوروبا ولكن الاتفاق الأخير سيجعل روسيا في مأزق اقتصادي بعد إيجاد بديل عن الغاز الروسي ونقله لأوروبا لذلك قد تنشب حرباً وهذه الحرب ستبدأ من منطقة جنوب لبنان كون اسرائيل ولبنان لم يصلا حتى الآن إلى اتفاق ترسيم الحدود البحرية وآلية تقاسم الغاز في منطقة البحر المتوسط وحتى غاز غزة بالرغم أن السلطة وافقت ضمنياً مقابل استمرار المساعدات الأوروبية ودفع الرواتب إلا أن هناك عائقاً في تدفق حصة الفلسطيني من الغاز والمتمثل بحماس “التيار الجزئي المدعوم إيرانياً” وليس “الجزء السياسي والمدعوم قطرياً” ناهيك عن وجود الجهاد الاسلامي المدعوم إيرانياً في غزة، ناهيك عن التواجد الإيراني في سوريا بالتحديد جنوبها والذي ازداد تواجده نتيجة انسحاب القوات الروسية في سوريا بسبب الانشغال في الحرب الأوكرانية الروسية فلذلك قد تتحول المواجهة غير المُعلنة إلى حرب شاملة لعدم اتفاق الدول الكبرى المتمثلة في روسيا وأميركا على تقاسم النفوذ والثروات في العديد من المناطق في العالم بالتحديد في منطقة الشرق الأوسط.
وحدوث حرب إقليمية ليس مرهوناً باستخدام ايران واسرائيل أقصى قدراتهما العسكرية والاستراتيجية وإنما مرهوناً بحسابات أخرى لا تتعلق بموقف كل من ايران واسرئيل من بعضهما فقط بل أيضاً بمواقف العديد من الدول الكبرى على رأسها أميركا وروسيا من هذا الصراع الايراني_ الاسرائيلي.
لذا المواجهة غير المعلنة “الظل” بين اسرائيل وايران قد لا تصل إلى حد الحرب الشاملة وقد يفضي لخيارات أخرى إما مسار تفاوضي أو مسار تصعيد ممنهج يُبقي على استمرار الأزمة ولكن لا تصل إلى حد الحرب الشاملة، ومع استبعاد المسار التفاوضي يبقى الخيار الثاني بقاء الأزمة بين التصعيد والتخفيف وبقاء حالة “لا حرب ولا سلم” حسب مستجدات مواقف الكبار.
كما أن اسرائيل تعمل ضمن سياق التقييمات المستمرة فهي يقظة من حالة فتح العديد من الجبهات لذا دائماً تُصرح من خلال قيادات الجيش الإسرائيلي أو المواقف السياسية بأنهم مع إبرام الاتفاق النووي وضمن شروط اسرائيل الخمسة وهي تمديد الفترة الزمنية لعقد الاتفاق تمتد حتى عام 2034، وعدم رفع الحرس الثوري من قائمة الإرهاب ووقف صنع الصواريخ الباليستية التي تحمل رؤوساً نووية، وتشديد الرقابة على الأنشطة النووية ومطالبة إيران بالتوقف عن دعم أذرع إيران في منطقة الشرق الأوسط.
هذه الشروط لن تقبل إيران بها كونها ستُقيد استمرار أنشطتها النووية، حيث إيران تريد أن تُبرم الاتفاق النووي مقابل شروطاً ايرانية ورفع الحصار الاقتصادي عنها وهذا ما لا تقبله اسرائيل، لذا حالة المواجهة بين اسرائيل وايران سبتقى كما هي إلى أن يتطور الموقف بين روسيا واميركا إلى الحد الذي يُحدث حربا شاملة وهذا الأمر يحدث في أكثر من موضع :
• إما استمرار الحرب الاوكرانية الروسية الذي يُحدث ازمة اقتصادية واستمرار العقوبات على روسيا وعدم شراء الغاز الروسي ووصوله إلى أوروبا.
• استخدام روسيا السلاح النووي الذي يقضي كلياً على حلفاء اميركا .
• تضرر مصالح الولايات المتحدة الاميركية في الشرق الأوسط بسبب تواجد روسيا وأذرعها .
إلى حين حدوث تلك الحالات فإن من المتوقع أن اسرائيل ستستمر في عمليات الاغتيال لقادة إيران ولن تقدم على شن حرب بالتحديد خلال فترة بايدن الحالية والتي لن تؤيد قيام اسرائيل بشن هجمات عسكرية واسعة على إيران تحسباً لتداعيات هذه الهجمات على المصالح الأميركية في الشرق الاوسط وبالتحديد في الخليج العربي وفي ظل انشغالها بالمواجهة مع روسيا والصين على خلفية الحرب الأوكرانية.
أما إيران ليس بمصلحتها بالمطلق حدوث حرب شاملة على المستوى الاقليمي ستعمل ايران فقط بالتمسك بموقفها وهو رد الفعل على العمليات العدائية ضدها من خلال دعم الجماعات والتنظيمات الموالية لها والتي تُهدد أمن اسرائيل وستعمل إيران على دعم تلك التنظيمات على شن حروب سيبرانية ضد اسرائيل.
وايران فتحت تواصل بين افراد الشعب الفلسطيني والتنظيمات ودعمت من رضي بذلك مهما اختلفت الايديولوجيات فبدأت بتركيز جهدها في الضفة الغربية عام 2017 بعد نتائج مؤتمر طهران في ذاك العام وتم دعم تلك الأفراد والعرض شمل ” الجهاد الاسلامي وحماس والجبهة الشعبية وفتح متمثلة بكتائب الاقصى وهذا ما ظهر في مخيم جنين الفلسطيني الذي أصبح “جنوب_ الجنوب” وقد انفصل سياسياً وفكرياً عن محافظات الضفة الغربية بغض النظر عن البُعد الجغرافي.
إيران تعرف أن نقطة ضعف أميركا في منطقة الشرق الأوسط هي أمن اسرائيل لذلك لن تسكت عن عمليات الاغتيال إن استمرت ستستخدم أذرعاً ضد اسرائيل عند الحاجة، إيران لن تترك هدفها القائم على التوسع الجغرافي وتشكيل نواة المد الشيعي، لذلك إن حدثت حرباً شاملة فان الجيش النظامي غير المعلن والذي أنشأه حزب الله تم إعداده على امتداد فلسطين عقائدياً ومادياً ولوجستياً للقيام بمهام بدل إيران إن حدثت حرباً اقليمية وهذا التشكيل له دوراً بارزاً لفلسطيني 1948 ناهيك عن اعتماد ايران على حملة الجنسيات في أوروبا وأميركا لسهولة تحركهم ومهمتهم محصورة في جمع التعليمات العملياتية وحركة الأموال فايران تريد ان تثبت لاسرائيل أنها تملك قرار السلم والحرب في أكثر من بقعة.
واسرائيل ستسعى إلى استخدام أساليب أخرى كشن القلاقل في إيران لبنان والعراق وفلسطين وحروب سيبرانية وخلق مشاكل بين الأحزاب من خلال الإعلام المُضلل المناكف حزبياً ليبقى الحال كما هو وستعمل اسرائيل الى إبعاد الحرب عنها وتوجيهها نحو الخليج ضد ايران، وقد تندلع حرب خليجية_ ايرانية بدل إيرانية اسرائيلية ولكن ايران غزت الخليج بالحواضن الشيعية حيث تتألف النسخ الإيرانية أو فيالق خليجية شيعية في دول الخليج والسعودية من مئات المقاتلين تقوم لخدمة ايران ولإدارة حرب بالوكالة لتقليص الخسائر الايرانية.
فمثلا في البحرين يوجد “احزاب الله الخليجية المتمثلة بالوفاء الاسلامي”، وهناك قواعد سياسية شبه عسكرية في مصر والاردن والمغرب والسودان وأريتريا، اما السعودية فقامت ايران من خلال العملاء بشراء الاراضي السعودية في المدينة المنورة والقطيف واحساء، أما عُمان حيث ان ثلاث ارباع سكانها يعتنقون الفكر الاباضي الاقرب للشيعة وهم رأس الهرم الاقتصادي، وفي قطر يتواجد الشيعة في منطقة الهلال والنعيجة والمطار والروضة والدفنة والنجمة والمتنزه وفريج والدوحة وفريج عبد العزيز وفيها 12 حسينية و7 مساجد للشيعة، أما الامارات يتمركز الشيعة في دبي وابو ظبي والشارقة، لذا ان تحولت الحرب بين الخليج وايران فالحواضن جاهزة.
خلاصة: المواجهة الإقليمية مستبعدة إلا في حال إعطاء ضوء أخضر من قبل الكبار، وإن لم يرضى الكبار حول تقسيم الكعكة ف”قوى الاقليم” يأتي دورهم في لعب دور المواجهة المباشرة كوكلاء للدول العظمى في الشرق الأوسط.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إغلاق