عواصم ثقافيه

قصص من أمريكا نبيل عودة

1 – شتاء بارد جدا
الزعيم الجديد لقبيلة من الهنود الحمر، القاطنين في محمية طبيعية في أمريكا بعد هزيمتهم على أيدي البيض.. لم يتعلم طرق أجداده في الكشف عن الآتي، وخاصة معرفة ما سيكون عليه فصل الشتاء من أمطار وبرد..
كان فصل الشتاء على الأبواب، أراد زعيم قبيلة الهنود الحمر ان يعرف حال الشتاء القادم، وهل سيكون باردا .. أم لطيفا ؟ وكيف سيوجه أبناء قبيلته للاستعداد للشتاء؟ ما هي النصائح الصحيحة من اجل الاستعداد للشتاء؟
لعدم خبرته بأساليب أبائه وأجداده في الكشف عن حال الطقس والتنبؤ بما سيكون عليه الشتاء من برد، قرر أن الإحتياط أفضل، لذا دعا أبناء قبيلته إلى جمع الحطب استعدادا لشتاء بارد. بدا أبناء القبيلة بجمع الحطب استعدادا لشتاء بارد. من أجل التأكد من قراراته، اتصل زعيم القبيلة بدائرة الأحوال الجوية مستفسرا عن توقعاتهم للشتاء القادم.. وهل سيكون باردا؟ قالوا انهم يتوقعون شتاء باردا. اطمأن لقراره وشجع قبيلته على جمع المزيد من الحطب.
تراكمت كميات كبيرة جدا من الحطب، أبناء القبيلة بدؤوا يتشاورن عن أفضل الطرق لمواجهة الشتاء القارص الذي يقترب منهم. جمعوا الكثير من الطعام أيضا خوفا من ان تغلق الطرق بسبب الثلوج.
بعد أسابيع اتصل زعيم القبيلة مرة أخرى بدائرة الأرصاد الجوية، ليطمئن على صحة قراراته. قالوا أنهم حقا يتوقعون شتاء باردا جدا جدا. بناء على ذلك أصدر توجيهاته بجمع المزيد والمزيد من الحطب لأن الشتاء سيكون باردا جدا جدا…وقد يكون طويلا أيضا أكثر من فصول الشتاء السابقة. أصيبت محمية الهنود بقلق كبير، جددوا جمع الحطب حتى من أماكن بعيد جدا، كي لا يفاجئهم الشتاء ببرده وثلوجه. أضحت المحمية مخزنا هائلا للحطب… فقط ممرات ضيقة ظلت مفتوحة بين البيوت من اجل حالات الطوارئ.
عاد زعيم القبيلة للاتصال مع دائرة الأرصاد الجوية .. حتى يطمئن على سلامة قراراته بجمع الحطب، اذ كان فصل الشتاء قد بدأ ولا يظهر البرد الشديد، فهل تكون كميات الحطب التي ملأت بيوت وساحات المحمية الطبيعية بلا فائدة، وتظل متراكمة في الصيف القادم في مكانها ؟
سأل زعيم القبيلة المسئول في دائرة الأرصاد الجوية:
– هل حقا انتم متأكدون ان هذا الشتاء سيكون باردا جدا ؟
– أجل باردا جدا جدا !!
– وكيف تأكدتم من ذلك؟
أجابه المسئول: نحن متأكدون ان الشتاء سيكون باردا جدا لأن الهنود الحمر في المحمية المجاورة يجمعون الحطب بشكل جنوني .. لذلك عرفنا إننا مقبلون على شتاء بارد جدا جدا!!
******
2 – جيران…
روى لي مواطن أمريكي حكاية، بعد ان عرف اني فلسطيني من مدينة الناصرة، التي صادرت إسرائيل أراضيها أسوة بمصادرة 90% من أراضي الفلسطينيين المواطنين في إسرائيل.
تقول الحكاية أن يهوديا اشترى قطعة ارض بجوار عزبة الملياردير الأمريكي روكفلر، بنى عليها فيلا كانت نسخة صغيرة ولكنها طبق الأصل لقصر روكفلر، أقام لنفسه ساحة غولف صغيرة ولكنها نسخة مشابهة بالضبط لساحة غولف روكفلر الهائلة وبنى أيضا بركة سباحة صغيرة بنفس أسلوب هندسة بركة روكفلر الكبيرة . كذلك انشأ ملعب تنس مشابه تماما لملعب تنس روكفلر. ذات يوم التقى روكفلر بجاره اليهودي وقال له: حسنا، الآن لديك كل شيء مشابه تماما لما لدى روكفلر، ولا بد أنك تشعر نفسك سعيدا كروكفلر.
اجاب اليهودي: انا اشعر بالسعادة أكثر بكثير منك يا جاري العزيز روكفلر.
تعجب روكفلر: كيف هذا وارضي تساوي عشرين ضعفا مما لديك وبأموالي أستطيع شراء نصف أمريكا؟
فأجاب اليهودي: كل هذا غير هام والسبب بسيط، أنت لديك جار يهودي وأنا ليس لدي جار يهودي!!
******
3 – اوباما في حينا
أصيبت الإدارة الأمريكية وعلى رأسها الرئيس لأمريكي براك اوباما بقلق كبير لأن أخبار الولايات المتحدة يعرفها اليهود وتنشر في اسرائيل قبل ان تصل للجمهور الأمريكي، حتى ان بعض الأخبار السرية والتي تتعلق بأمن الدولة، هي أيضا مكشوفة أمام إسرائيل والمواطنين اليهود، مما يشكل اختراقاً أمنياً خطيراً قد يسبب إشكاليات كارثية في المستقبل.
استدعى أوباما بشكل عاجل مدراء مكاتب المخابرات كلها وعلى راسهم مدير الـ”C.I.A” الى اجتماع طارئ، طلب إغلاق أبواب قاعة الاجتماعات ووضع حراس بمنع أي شخص من الاقتراب، منعاً لتسرب خبر الاجتماع وتفاصيل البحث. أبلغ اوباما الحاضرين المتفاجئين من الترتيبات الأمنية غير العادية لاجتماع في داخل البيت الأبيض، خاصة اجبارهم على تسليم تلفوناتهم النقالة للأمن الرئاسي، بان الاجتماع “سريٌّ وممنوع من نقل تفاصيله لوكالات الأنباء او للموظفين الأصغر في المؤسسات الأمنية المختلفة لنفحص من اين تتسرب أخبارنا وأسرارنا الى اليهود ومنها الى اسرائيل”.
طرح أوباما الموضوع بلهجة غاضبة مبيناً الخطورة من تسرب الأنباء الحساسة لليهود الأمريكان ونقلها فوراً الى إسرائيل. لدرجة ان نتنياهو يأتي لزيارة الولايات المتحدة وهو على علم بقراراتنا بحيث لا نستطيع ان نحصل منه على ما يغطي أقفيتنا أمام أصدقائنا العرب؟!
قال لهم: أسرارنا هي سرٌّ على الشعب الأمريكي فقط، بينما اليهود عندنا يعرفون كل التفاصيل، اسرائيل تعرف وتنشر صحافتها قراراتنا قبل ان يعلم بها الشعب الأمريكي، هذا يسبب لنا إرباكاً سياسياً مع حلفائنا الشيوخ والأمراء والسلاطين العرب.. وخللاً في وظائف أجهزة الأمن والسياسة الخارجية. على الأقل كنا نجبره على تصريح لا تغطية له حول أوهام السلام مع الفلسطينيين. مثلا من سرب قرارنا السري اننا سنضاعف الدعم العسكري لإسرائيل ونجعلها متفوقة على كل العرب؟
هذه مسؤولياتكم ان تكشفوا كيف تتسرب أخبارنا.
مدير السي.آي.إيه استخف بالمعلومة وقال انه: “دائما ساد هذا الوضع ولا أعتقد انه يمكن تبديله إلا إذا بدلنا أمريكا كلها”.
اوباما تفاجأ وقال: “هذا تهاون واستخفاف بالدولة الأمريكية، يجب ان نعرف كيف تتسرب المعلومات ووقف التسرب.. حتى لا نبدو أمام العالم منفذين لسياسة إسرائيل”.
مدير أمن الداخلية قال: “ان اليهود شعب حشري يستفسر أبناؤه دائماً عما هو جديد، وفوراً ينتشر الخبر بينهم، بينما الأمريكيون يهتمون بالـ”هامبورغر” والـ”هات دوغ” والـ”فاست فود” المختلف وألعاب الكرة المختلفة”.
قال اوباما: “هل انتم “جهاز مسؤول” وعاجزون حتى عن تفسير مسألة تسرب أسرارنا؟”
وقال بعد صمت ليسيطر على أعصابه: “يبدو ان انتقال المعلومات السرية لا يمكن كشفه الا اذا كنت يهودياً، هذا ما أفهمه من كلامكم؟ لأن اليهود يتناقلون المعلومات بين بعضهم البعض فقط ولا يردون على من ليس يهودياً، وبذلك يتعذر علينا معرفة مصدر وصول المعلومات لهم.. هذا هو تبريركم؟!”.
حسنا سأفحص الموضوع حسب طريقتي.
في نفس اليوم قرر اوباما بشكل سري حتى عن زوجته وابنتيه، ان يتنكر بملابس يهودي، وضع لحية اصطناعية، شبك قبعة دينية سوداء بشعر رأسة (الكيباة بالعبرية) لبس الملابس السوداء التي يرتديها اليهود المتدينون الأورتوذكس، وأخذ أول طائرة متوجهة الى نيويورك، ثم الى بروكلين اليهودية ومنها الى الحي الأكثر يهودية في نيويورك – حي “كراون هيتس”.
التقى هناك بيهودي كبير في السن، سأله: هل من أخبار جديدة يا أخي؟
رد عليه اليهودي بصوت خافت: ألم تسمع آخر خبر؟ السافل اوباما تنكر ليهودي ووصل الى حينا!!
******
4 – الشتيمة نفسها في واشنطن وفي موسكو
حدثني عجوز أمريكي عاصر فترة الرئيس السابق ايزنهاور، وقد حدث في وقته هبوط للتوتر بين الولايات المتحدة والاتحاد السوفييتي السابق، ووصل الأمر الى دعوة نيكيتا خروتشوف لزيارة الولايات المتحدة، وأحدثت الزيارة انفتاحا هاما في العلاقات السياسية، لكن كما قال، للأسف لم يستمر هذا الوضع بسبب حماقة ارتكبتها المخابرات العسكرية للولايات المتحدة، اذ ارسلت طائرة تجسس للأجواء السوفييتية ونجحت وسائل الدفاع الجوي السوفياتية بإسقاط الطائرة بما فيها من معدات وأسرت الطيار الأمريكي، وبذلك عاد التوتر الى العلاقات وتأزم الوضع ووصل الى درجة خطر نشوب حرب نووية ثالثة حول الصواريخ التي اراد الاتحاد السوفييتي ان ينصبها في كوبا وذلك في فترة الرئيس الأمريكي كندي. لكن ما يذكره ذلك العجوز الذي كان من رجال النظام الأمريكي في فترة ايزنهاور هو الحوار الجميل بين خروتشوف وايزنهاور حول موضوع الديمقراطية وحرية الرأي، اذا تفاخر ايزنهاور بان الولايات المتحدة دولة ديموقراطية ليبرالية وللمواطن حرية كاملة بان يعتنق الفكر الذي يراه اقرب لتفكيره ولن يواجه أي عقاب من السلطة كما هو الحال في الاتحاد السوفييتي. رد خروتشوف بأن النظام السوفييتي هو نظام سلطة الطبقة العاملة، والطبقة العاملة تبني مستقبلها بإبداع في التخطيط والتجند لتنفيذ المهام العظمى التي تعود بالخير على كل المجتمع وليس على فئة من الاستغلاليين الرأسماليين كما هو الحال في أمريكا. وان الديمقراطية الحقيقة هي في الابداع لبناء مستقبل نقي من الاستغلال البشع الذي هو المميز للنظام الأمريكي ولسائر الأنظمة الرأسمالية. فقال ايزنهاور ان اهم مبادئ الديمقراطية هو حق الانسان ان يعبر عن نفسه حتى لو كان موقفه ضد النظام وهذا ما يفتقده النظام السوفييتي. مثلا في أي مكان في الولايات المتحدة ، وحتى بقرب البيت الأبيض تسمع المواطن الغاضب يشتم الرئيس الأمريكي ايزنهاور بحرية، فهل تسمحون في موسكو بشتم السلطة السوفييتية وقادة الدولة؟
رد خروتشوف: صدقني يا سيادة الرئيس ايزنهاور، ايضا في موسكو لشعبنا الحق الديمقراطي ان ينتقد ، وحتى بجانب سور الكرملين تسمع المواطن السوفييتي الغاضب من الامبريالية الأمريكية يشتم الرئيس ايزنهاور دون ان يتعرض للعقاب!!
نبيل عودة- بوفلو- الولايات المتحدة
[email protected]

مقالات ذات صلة

شاهد أيضاً

إغلاق
إغلاق