مقالات اقتصادية
لماذا انتهجت المملكة سياسة اقتصادية تتضمن تعزيز وتنمية وتنويع الصادرات؟
يتبادر هذا الطرح عند مناقشة التركيب الهيكلي لاقتصاد المملكة كدولة -حباها الله- موارد نفطية هائلة لتكون مصدر أساسي للدخل، وتأصلت هذه الطروحات مع وجود نفوذ حكومي قوي على الأنشطة الاقتصادية الرئيسية. انطلاق من تملك المملكة 25٪ من احتياطيات النفط المؤكدة في العالم، وهي تُصنف كأكبر مصدر النفط ، وتلعب دورًا رائدًا في منظمة أوبك. فقد مثلتإيرادات قطاع النفط ما نسبته 75٪ من الإيرادات العامة، و45٪ من الناتج المحلي الإجمالي، و 90٪ من عائدات التصدير. وهو ما انعكس على معدلات النمو الاقتصادي خلال العقود السابقة واتصف بالتذبذب الشديد بسبب تقلبات أسعار النفط العالمية ويتضح ذلك جليا في أرقام مؤشر الانكشاف الاقتصادي وارتباط هذا المؤشر بصورة طردية بما يجرى من تطورات على أسعار النفط العالمية ارتفعا وانخفاضا، فكلما زادت أسعار النفط زادت حصيلة الصادرات من الإيرادات النفطية ومن ثم حجم الاستيراد وارتفع على أثرها قيمة المؤشر،والعكس صحيح، وانعكس ذلك الانخفاض الشديد في الإيرادات النفطية على ميزانية الدولة ولجأت إلى تقليص حجم نفقاتها العامة.
ويحمل الاعتماد على النفط مخاطر جسيمة على استدامة النمو. فإضافة الى مخاطر التبعية الاقتصادية فان المخاطر تشمل أيضا التقلبات والتدهور البيئي وعدم الاستقرار السياسي والصراعات والضعف المؤسسي والفساد وهو ما تتصف به دول العالم الثالث ذات الاقتصاد الريعي. وهناك مخاطرأخرى أقل غير ملموسة وتتعلق بعدم التوافق بين قاعدة الموارد المتوفرة للاقتصاد واستخدامها، وكذلك التقدم والتطورات التكنولوجية لتكون بديلاً منخفض الانبعاثات الكربونية للوقود الأحفوري في المستقبل. لذلك تمثل تنمية الصادرات وتنويعها إحدى الاستراتيجيات الرئيسية التي تتبناها الدولة ضمن سياسة التنويع الاقتصادي والإنتاجي، من خلال إحداث تغيير هيكلي في البنية الاقتصادية اعتمادا على زيادة ودعم وتنمية النهضة الصناعية والقطاعات الاخرى، وهو الامر جعل استراتيجية تنمية الصادرات وتنويعها إحدى أهم القضايا الرئيسية في الاقتصاد خاصة بعدما حققته من فوائد ونتائج تتمثل بصفة أساسية في تحقيق التنويع الإنتاجي وتوسيع البنية الصناعية والزراعية، وإيجاد فرص عمل لتوظيف الأعداد المتزايدة التي تنضم إلى قوة العمل من المواطنين، وعلاج اختلالات ميزان المدفوعات والتوازن الخارجي، وتوفير العملات الصعبة الضرورية لتمويل الواردات الاحتياجات التنموية، الانتاجية والاستهلاكية.
وقد ضمنت رؤية المملكة 2030 تلبية احتياجات التنمية الشاملة مع التأكيد على عدد من الأهداف الأساسية، والتي تعد عناصر ضرورية للتقدم في تنفيذ الرؤية بمحورها الاقتصادي، وهي الحفاظ على الاستقرار الاجتماعي والأمن الداخلي، وتعزيز النمو المتوازن بالاستفادة المثلى من موارد الدولة، وتحقيق نمو متوازن على مستوى الدولة، وتحسين مستوى المعيشة ونوعية الحياة، وتنمية الموارد البشرية المحلية، وتنويع الاقتصاد بعيداً عن الاعتماد على النفط، وتعزيز مكانة المملكة من خلال التكامل الاقتصادي العالمي، والحفاظ على القيم الإسلامية، و وتنساب تلك العناصر مجتمعة الى منظومة متكاملة للدفاع عن الوطن. ومع وضع هذه الأهداف في الاعتبار، كانت إدارة التنمية الاقتصادية من خلال سلسلة من خطط التنمية الخمسية وصولا الى رؤية المملكة 2030، تعمل على تخصيص دخل الدولة النفطي لتحويل اقتصادها القائم على النفط إلى اقتصاد دولة صناعية حديثة، وعلى الرغم من أن المخططين الاقتصاديين لم يحققوا جميع أهدافهم بالخطط السابقة، فقد تقدم الاقتصاد بمعدلات نمو متسارعة، وكان لإسهام الثروة النفطية الدور الأكبر في رفع مستوى معيشة المواطن السعودي، وهو ما يتطلب دفع الجهود وتركيز الخطط على تفادي اعتماد الاقتصاد الشديد على عائدات النفط، ورفع مساهمة قطاع الصناعة المغذي الرئيس لتنويع الصادرات بحصة أكبر في النشاط الاقتصادي ليتحقق الغرض في تعزيز وتنمية وتنويع الصادرات.