كان قبل هذا العام اليوم الرابع عشر من الأشهر الأول من كل سنة و منذ 2011..هو عيد الثورة.. أو قل عيد الربيع العربي.
بقدرة قادر، و هكذا قررت السلطة التونسية، و لأسباب سياسية بحتة تغير عيد الثورة بيوم السابع عشر من شهر ديسمبر.
هذه السنة تحونا الي شارع الثورة، كما يحلو للبعض مناداته، و شارع الحبيب بورقيبة بالعاصمة، التسمية التاريخية.
منذ الوهلة الأولى، و منذ السابعة صباحا، شارع بورقيبة كان مقسما الى مربعات يصعب اختراقها وعدد الامنيين كبير وكبير جدا ، انقسم المتظاهرون الى مجموعات متفرقة مجموعة في شارع جون جويراس ، مجموعة اخرى قريبة من الباساج والمجموعة الاكبر كانت في شارع محمد الخامس .
كنت متواجدا مع المجموعة التي استطاعت الدخول لشارع بورقيبة من جهة الكنيسة ووزارة المرأة ، مجموعة صغيرة حوالي مائتي شخص تجمهرت ورفعت شعارات لمدة زمنية محدودة لكن حاصرها البوليس وبدأ التدافع وبما ان الاغلبية كانوا من كبار السن (60 سنة فما فوق )نجح الامن في تفريقنا وكان الركل والضرب والايقافات في الشوارع الجانبية ولم تسلم من ذلك النساء ، تمكنت من الوصول الى محمد الخامس وكان الكر والفر على اشده ومطاردة على طول الشارع حتى بلغت الحشود المنڤالة وكان العدد كبير جدا لكن تم استعمال الغاز والمياه المخلوطة بالكلور ثم السيارات والدراجات النارية ولم يسلم الا القليل من دوش بارد والا ضربات ماتراك واللي سلم من هاذم اخذ نصيبه من الغاز ، نجح الامن في تفريق المتظاهرين لكن عاد البعض وكنت منهم والتحقنا بوقفة حزب العمال لكن انتبهت الى ان بعض الشعارات المرفوعة تشير الى وجود جهات اخرى “وينه نورالدين ، سيب سيف الدين “بقينا هنالك فترة وفي طريق العودة لاحظت وجود مجموعة على مستوى شارع باريس عددها ليس بالكبير تحاور الامنيين منهم عصام الشابي والعربي الجلاصي وخليل الزاوية وغيرهم للمطالبة بفك الحصار عن الشارع
المحصلة شارع مناهض متنوع من كل الحساسيات السياسية يغلب على الجمهور الكهول والشيوخ لكنها معارضة مازالت تكابر في التواجد صفا واحدا في معارضة الانقلاب رغم ذلك نجح كل من موقعه في المساهمة في تعريته خاصة امام الصحافة العالمية التي كانت حاضرة ووثقت كل الاعتداءات على المتظاهرين ، اعتداءات كانت تتم بحقد وشماتة كبيرة خاصة من طرف الامنيين الشباب ولا يفرقون في ذلك بين رجل وامرأة بين شاب وشيخ في حين كانت القيادات ذات الرتب العالية تحاول تهدئتهم ومنعهم من ذلك وقد لاحظت ذلك عن قرب في اكثر من مناسبة .
أخيرا وبنهاية هذا اليوم الطويل الملئ بالاحداث والكر والفر بالغاز والمياه وفحش السباب انتهى كل ذلك ولم تبقى الا اثار الكدمات والضربات التي ستزول سريعا لكن ستبقى دون شك عبارات البغض والكراهية والشماتة التي اصبحت تؤثث الفضاء العام وشبكات التواصل الاجتماعي وستزيد في انقسام الشارع الذي هو منقسم اصلا .