مقالات
ذكرى ميلاد النبي محمد ﷺ الإنسانية والرحمة والقيادة “
د. علي موسى الموسوي متخصص في شؤون الحوار التنويري الإنسانيّ
لقد كان النبي محمد ﷺ الإنسان الخلوق، الصادق، الأمين، والنبي المبلغ لرسالة الله الأخيرة للبشرية. واستطاع أن يحدث انقلابا في البنى العقدية والأخلاقية، لشبه الجزيرة العربية. لنكون أمام لحظة نبوية- حضارية، سيرتقي بها العرب والمسلمون إلى مصاف الحضارات الضاربة في عمق التاريخ.
لقد كان العصر النبوي بشقيه: المكي والمدني، مرحلة أساسية في تاريخ الأمة الإسلامية، بفضل شخصية الرسول الكريم ﷺ الذي بعث ليكمل ما بدأته الرسالات السابقة في هداية البشرية.
فمن كرم الله عز وجل على نبي الإسلام محمد ﷺ أن اختاره لنشر رسالته الأخيرة للناس. هذه الرسالة التي جاءت بقيم إنسانية ستتجاوب مع احتياجات البشرية، بعد نضج الفكر الإنساني لهذا كان النبي ﷺ نبيا وقياديا، وعالميا، وجامعا لكل التعاليم والوصايا التي نادى بها الأنبياء والرسل قبله، لأجل حفظ الإنسان وفك شفرات الوجود. يقول عز وجل على لسان نبيه الكريم{ اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام دينا}.(المائدة،الآية:3).
هي إذن مسيرة نبوة لأجل الارتقاء بالذات الإنسانية من خلال الدعوة إلى التخلق بالقيم الإنسانية النبيلة التي من شأنها كرم الإنسان، وكان خليفة الله في الأرض. وهي الحقيقة التي التقى عندها الفكر الإنساني بشقيه الديني والفلسفي. يقول “ماكس فيبر”: إن المسيح والنبي محمد عليهما السلام، نبيان أخلاقيان قاما ضد الديانات الطقوسية الجوفاء في زمنيهما. بل إن الفكر الفلسفي لم يغفل أيضا الدور الريادي للنبي موسى عليه السلام، الذي أوجد نسقا مغايرا من القيم، لينشئ اجتماعا بشريا وفق قالب إيماني.
من هنا فالمتأمل لمراحل نبوة نبي الرحمة، سيجد أنه ﷺ بلغ الرسالة وتحدى منظومة شبه الجزيرة العربية سواء الاجتماعية، أو السياسية، أو الاقتصادية، لكن وفق استراتيجية مفكر فيها، قوامها{ ادع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة وجادلهم بالتي هي أحسن إن ربك هو أعلم بمن ضل عن سبيله وهو أعلم بالمهتدين}(النحل، الآية:125). لتكون البشرية أمام أكبر ثورة دينية عرفتها البشرية. ثورة ستمتد إلى كل بقاع العالم، لتمتد معها سيرة نبي الأخلاق والقيم الإنسانية الكونية.

