مكتبة الأدب العربي و العالمي

بنات_الحطاب_والغزاله_الجريحه الجزء الثاني

كانت تسكن في ذلك الكوخ غولة إسمها دوجة مع إبنها، فقالت له :إذهب واملأ هذا الوعاء بالحليب ،وسأطبخ لك عصيدة .فرجع لها، وقال :يا أمي ليس في ضرع البقرة نقطة حليب واحدة ،فغضبت منه، وردّت : يا لك من أحمق ،سأذهب بنفسي ،والويل لك إن كنت تكذب !!! وما كادت تدخل الإسطبل حتى شمّت رائحة غريبة ،فنظرت حولها ،ثمّ إقتربت من القشّ، وهناك وجدت سبعة بنات جميلات مثل القمر ،فقالت في نفسها: سأحبسكنّ، وآكل كلّ يوم واحدة منكنّ ،ثمّ أنهضتهنّ ،وقالت لهنّ : تعالوا عندي، فلي فراش وثير ،وبإمكانكنّ أن تتعشّين،على مائدتي .دخلت البنات، ووجدن طاولة عليها رءوس خرفان مطبوخة ،يدور حولها الذّباب ،فإمتنعن عن الأكل، لكن الصّغيرة كانت جائعة ،فأكلت رغم أّنّ إخواتها أردن منعها ، وكانت تصيح قائلة : يا خالة إن أخواتي يمنعنني من الأكل !!! فقالت :ويحكنّ ، دعن أختكنّ تأكل !!! فالخير كثير، وأطيب ما في رأس الخروف هو المخّ والعينين ،وزاد إشمئزاز البنات منها لمّا رأينها تكسر الرّؤوس ،وتغمس أصابعها فيها ،ثمّ تمصّها .
ولمّا حان وقت النوم جعلت الغولة على رأس البنت الصّغرى قبعة حمراء من الصوف ووضعت ولدها الصغير معهم لكي يشعرن بالإطمئنان ، إلا أن البنات أدركن الخطر الذي يهددهن، فقررن الهروب في الليل عندما تنام الغولة ، فسألن ابنها “متى تنام أمك ،وما علامة ذلك؟ فأخبرهم أنها عندما يعلو شخيرها تكون مستيقظة، وأنها لا تنام إلا عندما ينعق البوم فانتظرت الفتيات حتى نامت الغولة وإبنها وحينها أخذن القبّعة ،ووضعن على رأس إبنها ،وفي منتصف الليل جاءت الغولة في الظلام، وتحسّست بيدها حتى وجدت قبّعة الصّوف، فأخذت صاحبها ،وأكلته ،ثمّ رجعت إلى فراشها، ونامت بعد أن أشبعت بطنها ،نهضت البنات ،وأخذن بطانيّة كبيرة وسلّة بالخبز والفواكه ،لكن الصّغرى رأت صندوقا مليئا بالفضّة ،فسرقت سوارا أخفته عن إخوتها ،ثمّ تسلّلن من الدّار ،وجرين بأقصى سرعة ،وهنّ لا يعرفن أين يذهبن في ذلك اللّيل …
ولمّا استيقظت الغولة نادت على إبنها ،لكنّه لم يردّ عليها، ولمّا ذهبت للمطبخ إكتشفت أنّ من أكلته في الليل ليس تلك الطفلة الصغيرة، بل إبنها ولم يبق منه شي إلا قبّعة الصّوف،وفهمت أنّ البنات خدعنها ،وخرجت تجري ورائهنّ ،وقد إشتدّت ثائرتها ،وفي الطريق عثرت على إبن المرأة تائها وقد أنهكه الجوع ،فلمّا رأته لاحظت الشرّ واللؤم على وجهه، فقالت في نفسها: سأحمله إلى داري ،وأربّيه مثل الأغوال، وأجعله مكان إبني الذي قتلته بيدي ،وسأجد تلكم البنات وأضعهنّ في سفّود من حديد ،وأشويهنّ على النّار، وسآكلهن ،وأنهش عظامهنّ !!! ،والآن سأعود ،وأرتاح قليلا بعد ما جرى لي في تلك الليلة المشؤومة .
أخذت البنات يسرن في الغابة حتى وجدن بئرا ،فشربن، وغسلن أيديهن و وجوههن،لكن الصغرى نست سوارها ، فلمّا ابتعدن تذكّرت البنت أنّها نسيت سوار الفضة، الذي سرقته من الغولة، فقالت لهن أن شيئا سقط منها ،وسترجع لأخذه بسرعة ،، فلم توافق أخواتها لخوفهن عليها، لكنّها أصرّت على الذّهاب لوحدها وقالت لهن: لن يستغرق الأمر سوى بعض الوقت، انتظرت الأخوات ،وبدأ الوقت يمر، وعندما رجعن إلى البئر لم يجدن أحدا، ،وأحسسن بالحزن عليها ،وندمن لتركها تذهب لوحدها ،فهي لا تسمع الكلام ،ولا تسبّب إلا المشاكل ،وبعد بحث طويل ، واصلن طريقهن،،وهن يحاولن تذكّر البقعة التي جئن منها ،هذا ما كان من أمرهنّ .
أمّا الأخت الصّغيرة ،فلمّا وصلت إلى البئر ،وجدت رجلا من‎ أتباع سيدي الهدّاوي (وليّ صالح) يشرب منه ،فسالته إن كان يعرف الطّريق إلى القرية ؟ فأجابها: هناك مسرب ضيق بين الأشجار وسيدلّها عليه ،ففرحت ،وحين انحنت لتأخذ السّوار الفضي ،أمسك بها وربط يديها ،ثمّ أركبها على حماره ،وقال لها: أنت الرّزق مفتوح في وجهك، وسأربح عن طريقك كثيرا من المال ،ثم حملها إلى المدينة، فكان يخرج للتّسول وهي معه ،ويخاطبها :تتظاهري بالبكاء أيّتها اللّئيمة ، ليجزل النّاس لنا العطاء !!! فتردّ عليه قائلة : دخلنا لكوخ الغولة ،وخرجنا منه أحياء ،وستأتي أخواتي وينتهي العناء ،فكم ظلمت الدنيا من أطفال أبرياء !!!فيضربها بعكّازه ،وهكذا حاله معها كلّ يوم….

 

من قصص حكايا ألعالم الاخر

يتبع الحلقة 3

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إغلاق