مكتبة الأدب العربي و العالمي

الراعي_وبنت_السلطان جزء ٢

قال محمود : إذا كان ما ذكرته صحيحا ،فلماذا لا تذهبين إلى السّلطان فهو أقدر الناس على حماية مملكته ؟ أجابت العجوز : آه ،أنت لا تعلم شيئا عن ما يحدث، فلقد مات السّلطان منذ شهرين ،ولم يترك إلا بنتا صغيرة إسمها رباب عمرها ستّة عشرة سنة ،واتّفق كبار رجال الدّولة على جعل عمّها وصيّا عليها ،لكن ذلك الرّجل أعجبته نفسه ،وصار يتحكّم في كلّ شيئ، وظلم الناس ونهب أموالهم ،حتى ضاق الأمراء به ذرعا ، واتفقوا على خلعه ،لكنّ العم كان خبيثا، ومستعدّا لأي شيئ للحفاظ على منصبه ،فلجأ إلى مشعوذ لمساعدته ،فنصحه بالذّهاب إلى ساحر يقال أنّه تعلم السّحر عن الشّياطين ،لكنه لا يقدر على مغادرة الغابة بسبب تمائم وضعها وليّ صالح إسمه منصور .ولمّا طلب العمّ من أحد رجاله الذّهاب إلى تلك الغابة الموحشة لإخراجه، إرتعب ،وقال له :يا سيدي أعزك الله، ذلك السّاحر ملعون، وستندم لو فعلت ذلك ،فسحره قويّ، ولا يقدر أحد عليه ،لكن الرّجل أصّر على رأيه بعدما سمع بأنّ العامّة تتجمّع للزحف على القصر، وتنصيب الوزير محمّد مكانه ،وهو شيخ فاضل يخاف الله .
أحد الليالي المقمرة صعد ناصر عمّ الأميرة إلى الجبل ،ودخل الغابة ،فوجد تمائم معلقة على مدخل مغارة مظلمة ،فأحرقها، وبعد قليل خرج شيخ له لحية بيضاء ،وهو يمسك عصا في طرفها جمجمة ،ثم تفرّس فيه ،وقال له : أنا في خدمتك ،أخبرني ما الذي أتى بك إلى هنا ؟ فحكى له عن قصته فأجابه إرجع لقصرك وسأرسل جنود الجنّ لحراستك ،وسيقتلون كل من يقترب منك لكن مقابل ذلك فالأميرة رباب ستكون من نصيبي، وأحملها لمغارتي،فلقد عانيت كثيرا من الوحدة، فوافق ناصر ،فهو لم يعد بحاجة إليها ،ومن الأفضل أن تختفي حتى يصبح سلطان هذه البلاد .
كان محمود يستمع للكاهنة بدهشة إلى درجة أنّه نسى ما جاء من أجله وجديه اللذان تركهما في القرية ،ثمّ صاح :: يا لها من حكاية وماذا حصل بعد ذلك ؟ تنهّدت العجوز، وقالت :لم يستمع ناصر للنّصيحة ،وشرع السّاحر في الإنتقام من الأولياء والمشائخ ،وحرق الزّوايا، ونبش القبور ،وبدأت أعداد الغربان تزيد في المدينة، أما ناصر فلم يكن يعنيه شيئ ،المهم أنه في قصره تحيط به الجواري والقيان ،وبالعكس فإن ما يفعله السّاحر من شرّ قد راق له، والعامّة التي ثارت عليه تأخذ الآن جزاءها .قال محمود : حسنا ،وكيف سأحارب هذا السّاحر، وأنقذ الأميرة رباب ؟ قالت العجوز : إسمع ،هناك ثلاثة أشياء سحريّة يملكها ملوك الجان، لو تحصّلت عليها ستساعدك للوقوف في وجهه، لكن لن تنتصر إلا بالخير،لهذا لا تستهن بأضعف المخلوقات ،ولمّا تحين المعركة يجب أن تجمعها معك لا ينقص منها شيئ ،هل فهمت يا محمود ؟ فقال :أرجو من الله أن يوفّقني لما فيه الخير لهؤلاء الناس .
قالت له الكاهنة: إذهب في إتّجاه الشرق، وبعد ثلاثة أيام ستجد نفسك في أرض قاحلة فيها سنديانة وارفة الظّلال ،عليك أن تقترب منها، وتسمع حديث ملوك الجان ،وهم لا يجتمعون إلا مرّة في السّنة للتّفاخر فيما بينهم، ،وأعلمك بأن تلك الأرض كانت في الماضي مقبرة يدفن فيها موتى الطاعون ،ومن قطعت رؤوسم ،فلا تخف ممّا ستراه، وسبّح، واستغفر الله ،وإياك أن تنطق بكلمة واحد مهما حدث ،فلم يحدث أن دخل أحد وخرج حيّا .ولمّا تجمع تلك الأشياء الثلاثة عليك بالذهاب إلى المدينة ،وما حولها من القرى لتوقف إنتشار السّحر فيها، وتنقذ الأرض والناس، وبعد ذلك تخرج الأميرة من المغارة ،وتتزوّجها ،وحذار من الخفافيش السامة ، لكن السّاحر لن يستسلم وسيجمع حوله قوى الشرّ ،،ولو إنتصرت، فإنّ أهل المملكة ينصّبونك سلطانا عليهم ،لقد قلت لك ما عندي ،والآن توكّل على الله ،وستكون دعواتي الصّالحة معك ،فسكون في حاجة إليها …

حكاية #الرّاعي_وإبنة_السّلطان الجزء الاول


يتبع الحلقة 3

من قصص حكايا العالم. الاخر

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إغلاق