
الفصل الأول: يوم صيفي تغيّر فيه كل شيء
كانت إيما كلارك وزوجها يقضيان يومًا هادئًا مع طفليهما التوأم، لوكا وإيفان، في مخيم صغير قرب البحيرة.
ضحكات الأطفال كانت تملأ المكان، يركضون خلف الفراشات ويجمعون الحصى الملونة على ضفة الماء.
في المساء، وصل “ريتشارد” — شقيق زوج إيما — مبتسمًا كعادته، يحمل قطع حلوى صغيرة للتوأمين.
قال:
— “دعوني آخذ الصغيرين لجمع بعض الحطب. لن نتأخر.”
لم تشك إيما. كان الأطفال يثقون به، وكانوا يحبون اللعب معه.
مرّت عشر دقائق… نصف ساعة… ساعة كاملة.
نادت إيما وركضت بين الأشجار، وقلبها يضرب بعنف.
إلى أن عثرت على حذاء لوكا الصغير ملقى على الطريق الترابي المؤدي خارج الغابة… وبجواره آثار عجلات سيارة كبيرة.
واختفى ريتشارد.
واختفى التوأمان معه.
تلك الليلة… انتهى عالم إيما كما عرفته.
الفصل الثاني: البحث العقيم
بدأت إيما حملة بحث مكثفة، بدعم الشرطة والمتطوعين.
الإعلانات على التلفاز، الملصقات على أعمدة المدينة، البحث في الغابات القريبة… كل شيء.
استمر البحث ثلاث سنوات كاملة:
- الشرطة عثرت على بعض آثار محتملة، لكنها لم تكن مؤكدة.
- المحققون راجعوا كاميرات الطرقات، استجوبوا الشهود، لكن كل خيط كان ينتهي بلا جدوى.
- أصابت اليأس إيما تدريجيًا، لكنها لم تتوقف عن الأمل، وظلت كل ليلة تهمس:
— “ستجداني… سأجدكما يومًا ما.”
الثلاث سنوات كانت مليئة بالقلق، الحزن، والأسئلة التي لم يجد أحد إجابة لها.
ثم، بعد مرور السنوات، بدأت الشرطة تفقد الأمل، وقلّ عدد المحققين الذين يتابعون القضية يوميًا.
الفصل الثالث: السنوات خلف الجدران
استيقظ التوأمان في بيت ريفي قديم، بعيد ومعزول، جدرانه تئن من الرطوبة.
كان ريتشارد عصبيًا دائمًا، يصرخ على أي صوت، ويضع قواعد صارمة:
- لا تقتربا من الباب.
- لا تسألا عن أمكما.
- لا تصنعا ضجيجًا.
- لا تنظرا إليه حين يغضب.
كان يترك لهما الطعام مرة يوميًا — غالبًا قطعة خبز يابس، أو حساء بارد — ويغيب أيامًا طويلة، أحيانًا بدون سبب.
كانت الغرفة ضيقة، بلا نوافذ حقيقية، فقط فتحة صغيرة في أعلى الجدار تدخل منها القليل من الضوء.
في كل ليلة، كان إيفان يسأل:
— “لوكا… هل تعتقد أن ماما تبحث عنا؟”
وكان لوكا يشدّ يد أخيه قائلاً:
— “ماما لا تنسى… ستجدنا يومًا.”
هذا الأمل كان كل ما يبقيهما على قيد الحياة.
الفصل الرابع: الليلة التي قررا فيها الهرب
في ليلة باردة، كان ريتشارد أكثر غضبًا من المعتاد.
سمعاه يتحدث عبر الهاتف:
— “لا… لا يمكنني إبقاؤهما أكثر. يجب أن يختفيا… الليلة.”
تجمّد الدم في عروقهما.
عادا إلى الغرفة مرتجفين، مدركين أن الوقت ينفد.
بعد منتصف الليل، نام ريتشارد — أو بدا كذلك — خلف الباب الكبير.
نظر لوكا إلى النافذة الصغيرة.
اللوح الخشبي الذي يسدّها قديم ومتهالك.
دفع صندوقًا خشبيًا، صعد فوقه، وبدأ بمحاولة نزع اللوح.
كان الخشب يئنّ، والمسامير تصرخ، وكل صوت كان مفزعًا.
قال إيفان بخوف:
— “لوكا! سيستيقظ!”
لكن لوكا ضغط بقوة أكبر، وأخيرًا انكسر اللوح ودخل الهواء البارد.
زحف إيفان أولًا، ثم لوكا.
سقطا على العشب الخارجي، مرتجفين من البرد والخوف، لكنهما يركضان إلى الحرية.
الفصل الخامس: الوصول إلى المدينة
بعد ساعات من الركض وسط الغابة والطرقات، وصلا إلى بوابة المدينة.
تبعَا الناس دون أن يلفتا الأنظار، مرهقان، جائعان، وملابسهما ممزقة.
دخلَا الأحياء المزدحمة، وفي النهاية انجذبا نحو مطعم فاخر، أضواؤه دافئة، ورائحته قوية.
وقفا بخجل بجانب إحدى الطاولات، اقترب لوكا وقال:
— “يا سيدتي… هل يمكن أن نتناول بقايا طعامك؟”
الفصل السادس: اللقاء الذي أعاد النبض
رفعت إيما رأسها، وتجمّدت.
الملامح…
النظرات…
والشامة الصغيرة تحت العين اليسرى.
همست بصوت مرتجف:
— “ما… ما اسميكما؟”
قال لوكا:
— “أنا لوكا… وهذا إيفان.”
نفس الاسمَين.
نفس العمر.
نفس الوجوه.
بدأت الدموع تنهمر دون إذن.
أخذتهما إلى حضنها دون تفكير، وشمت شعرهما، ترابهما، خوفهما…
وفي تلك اللحظة استعاد قلبها نبضه.
قالت:
— “أنتما بأمان… أنا هنا… أنا أمكما.”
انفجر إيفان بالبكاء، ولحقه لوكا، وعانقتهما إيما وكأنها تمسك بالعالم كله بين ذراعيها.
الفصل السابع: اللحظة الحرجة… نقطة التشويق
من زاوية المطعم، رأت إيما ظل الرجل الطويل، يقف عند طرف الشارع.
قلبها انقبض. كان ريتشارد.
وصلت سيارات الشرطة بسرعة، لكن الرجل لم يكن يعتزم الاستسلام بسهولة.
وقف فجأة، حائرًا، وهو يرى السيارات والمحققين من كل جهة.
قلبه يخفق… الشرطة تحاصره من كل مكان.
إيما أمسكت يدَي التوأمين بقوة، وعيونها مليئة بالقلق، والدموع لم تتوقف.
الفصل الثامن: البقية – مطاردة ريتشارد ونهاية القصة
وصل الضباط بسرعة، وأحاطوا بالشارع من كل جانب.
حاول ريتشارد الركض، لكنه تعثر بين الحشود والسيارات، بينما كان قلبه يخفق بشدة.
أمسكه أحد الضباط من كتفه بقوة، وقال بصوت حازم:
— “قف! الشرطة!”
نظر إلى الأم وطفليها، والدهشة على وجهه، لكنه لم يكن هناك مخرج.
اقتيد بعيدًا، وقد انتهى الكابوس الذي استمر ست سنوات.
استعادة الأمان
جلست إيما في المطعم، وأحاطت بالتوأمين بين ذراعيها.
لوكا وإيفان، الذين عاشوا سنوات من الخوف والجوع، بدأوا يشعرون بالدفء والطمأنينة لأول مرة.
قالت لهم إيما وهي تمسح دموعها:
— “لن يلمسنا أحد مرة أخرى… أنتما في أمان الآن، ومعي للأبد.”
ابتسم الأطفال، وعانقوها بشدة، وكأنهم يعوضون كل سنوات الغياب في لحظة واحدة.
ما بعد القبض على ريتشارد
تم نقل ريتشارد إلى مركز الشرطة، حيث بدأت التحقيقات الرسمية.
تم التأكد من جميع الأدلة، وفحص بصماته والـDNA، وكلها أكدت حقيقة اختطافه للأطفال.
أما الأم والتوأمان، فقد انتقلوا إلى مكان آمن تحت حماية الشرطة، مع دعم نفسي كامل لهم.
في الليلة الأولى بعد الهروب، جلسوا جميعًا معًا، وسمعوا صوت الرياح خارج النافذة، لكن لم يعد هناك خوف.
الحرية كانت هنا… في حضن الأم، في دفء الأسرة، في الحب الذي لم يمت رغم كل السنوات.
الخاتمة
نظرت إيما إلى السماء وهمست:
— “عدتما إليّ… لن أفقدكما أبدًا.”
ابتسم لوكا وإيفان، وعيونهما تلمع بالفرح.
كانت تلك النهاية، وبداية حياة جديدة مليئة بالأمان، بالحب، وبالأمل.
حقوق القصة محفوظة حصريًا للدكتورة فاطمة أبوواصل إغبارية

