هكذا ردت وزيرة الهجرة الدنماركية السابقة على التهم المنسوبة ضدها بخرق القانون وتضليل البرلمان .. مضى أكثر من عام على استجواب وزيرة الهجرة واللاجئين والتكامل الدنماركية السابقة، أنغر ستوبيرغ، أمام لجنة التوجيه القضائية في محكمة فريدرسبيرغ في العاصمة الدنماركية كوبنهاجن، حول القرار الذي أصدرته في العام 2016 بخصوص فصل الازواج اللاجئين عن بعضهم البعض في مخيمات اللجوء الدنماركية، إذا كان أحدهم قاصرا، والذي أحدث حينها ضجة عارمة في الاوساط السياسية والحقوقية والقانونية في الدنمارك، التي اعتبرت ذلك القرار بمثابة خرق واضح وفاضح للقانون المعمول به في البلاد . في 14 كانون الاول/ ديسمبر 2020، نشرت لجنة التوجيهات القضائية الدنماركية نسخة تفصيلية من تقريرها الجزئي الاول، حول نتائج التحقيقات التي استمرت تحث الخطى على امتداد أكثر من عام مع وزيرة الهجرة السابقة، أنغر ستوبيرغ، والذي كان قد اشار في بعض جوانبه، بأن الوزيرة انتهكت عمدا القانون، وضللت البرلمان، وكذبت على الجميع، وأنه من المحتمل أن تواجه عقوبة مشددة عندما تمثل أمام المحكمة الوطنية العليا، التي سوف تتخد جميع اجراءاتها القانونية بنهاية أكتمال كافة التحقيقات . ومنذ ذلك الوقت وحتى اللحظة الراهنة، ظلت الوزيرة، أنغر ستوبيرغ، تدافع بكل شراسة عن قرارها “الصحيح” التي أتخدته في ذلك الحين، وترفض أن تكون قد خالفت نصوص القانون، وتقول، “أنها كانت تحرص كل الحرص على حماية الفتيات القاصرات، من الاستغلال، والعبودية الجنسية وظلم الآباء والامهات، الذين يفرضون على بناتهم القاصرات الزواج من رجال يكبرونهم سنا، وذلك لاسباب متعددة في نظر أحد الوالدين أو كلاهما معا ” . واضافت :” أنه على الرغم من كافة الاعتراضات والانتقادات والشكوى القضائية الموجة ضدي بهذا الخصوص، فإنني سوف أكون سعيدة للغاية، للذهاب إلى أي محكمة قضائية في معركتي لحماية الفتيات القاصرات، من غوائل مظالم الآباء غير المكبوحة، الذين يزوجون بناتهم من رجال تتخطى أعمارهم سنوات الاربعينات أو الخمسينات والستينات، عن طريق القوة، وبشكل يخالف كافة القيم الأخلاقية والانسانية، كما انني استطيع القول وبكل وضوح، أن الشيء الوحيد الذي يزعجني حتى هذا اليوم، هو انه لم يتم فصل جميع الفتيات القاصرات عن أزواجهم الاكبر منهم سنا، وذلك تحت ذريعة الخوف والقلق من الاعتراضات والانتقادات الدولية للدنمارك بسبب خرقها للمعاهدات الدولية، وهذا أمر مزعج ومؤلم للغاية، وأعتقد أنه من الواضح للجميع، بانني عملت بكل ما في وسعي من جهود لحماية الفتيات القاصرات اللاتي ليست لديهم القدرة الكافية على مواجهة غضب الآباء وبطشهم وتحديهم غير المحدود، وأعتقد أيضا أنه في مجتمع دنماركي عصري وحر، فانه يتوجب علينا جميعا الالتزام بمحاربة هذه الظاهرة الخطيرة والمذمومة، التي تبعث الخوف والقلق في نفوس الضعفاء من الفتيات القصر، وعلينا القبول في أن يكون لجميع الفتيات اختيار الحرية لانفسهم وحدهم، وليس بواسطة العنف وفرض الأكراه، وهذا هو مبدائي الصحيح وأصر عليه، وهذا هو رأيي أيضا، بأنه لا يتوجب علينا السكوت عن طريقة العيش التي تشبه حياة التخلف في عهود القرون الوسطى، والتي قد حملها البعض معهم اليوم إلى الدنمارك، وهي طريقه مشينه للغاية، ولا يمكن لنا القبول بها مطلقا في نطاق مجتمعنا المتحظر ” ولهذا السبب ولغيره، فانني لا أشعر بالندم مطلقا حيال هذا القرار الشجاع، الذي أصدرته، والذي قد يكون صالحا للغاية، لمكافحة ظاهرة العرائس الأطفال في الدنمارك . ردود الأفعال : وبالرغم من وضوح رؤية المحققين في لجنة التوجيهات الخاصة بتلك القضية، التي تقول بأن الوزيرة السابقة، أنغر ستوبيرغ، قد أنتهكت مادة خطيرة في القانون، ويجب محاسبتها على فعلها أمام محكمة وطنية، فأن هناك ردود أفعال مختلفة صدرت من عدة جهات سياسية وحقوقية وقانونية، بعضها يطالب بأن يأخد القانون مجراة ويدفع بها إلى المحكمة الوطنية وتلقي القصاص هناك، والبعض الآخر يعتبر الأمر مجرد هفوة، وهناك من يعتقد بأن نص القرار كان محقا وضروريا لكبح ظاهرة العرائس الاطفال في البلاد، وبينما يرى أساتذة القانون في الدنمارك، بأن التقرير الجزئي الصادر عن لجنة التوجيات في 14 كانون الاول/ ديسمبر 2020، يحتوي على مواد كافية لادانتها وتقديمها إلى محكمة وطنية، وهذا الرأي ظلت تؤيده أحزاب الكتلة الحمراء اليسارية بما فيها الحزب الاشتراكي الديمقراطي الحاكم، التي تقدمت بطرح الشكوى ضد الوزيرة السابقة امام القضاة، وكذلك بعض أحزاب المعارضة، المنظوية تحت راية التكتل الأزرق اليميني، مثل حزب التحالف الليبرالي، الذي أعلن دعمه لقضية محكمة وطنية، فيما أعلن حزب الشعب الدنماركي أنه ليس من الضرورة بمكان رفع هذه القضية أمام أي محكمة وطنية، ويرى حزب المواطنين الجدد، بأن القرار كان صائبا ومحقا، وأما بالنسبة لحزب اليسار الليبرالي، التي تنتمي إليه الوزيرة السابقة، ونائبة رئيس الحزب الحالية، أنغر ستوبيرغ، فانه قد اصبح منقسما على نفسه بشأن تلك القضية المعقدة والساخنة، ولكن الغالبية في أوساط الحزب بما فيهم زعيم الحزب جاكوب اليمان ـ جنسن، وقياديين بارزين، يؤيدون رفع دعوى قضائية في المحكمة الوطنية، ضد نائبة الرئيس، التي تصرفت بشكل فردي ومن دون استشارة أحد، في إصدار هذا القرار، وذلك بصرفها للنظر عن جملة النصائح والتحذيرات المتكررة، التي كانت قد صدرت من بعض كبار مساعديها ومستشاريها في الوزارة، بخصوص منع اصدار هذا القرار، الذي قد يخالف نص القانون بشكل صريح . هاني الريس