اقلام حرة
نحن بحاجة إلى رجال دولة وليس إلى قيادات حزبية نحن بحاجة إلى رجال كهؤلاء ولكن أين نجدهم! رجال السياسة والدبلوماسية!!! (أ.د. حنا عيسى)
(نحن بحاجة الى رجال حلول لا رجال عقد.. نحن بحاجة الى رجال سياسة يتحملون مسؤولية الدولة وشعبها. نعم، حاجة البلد لرجال دولة لا رجال سلطة رجال يبحثون عن نجاح المشروع الوطني وتحقيق تطلعات الشعب لا رجالا يبحثون عن نجاح مشاريعهم الشخصية وتطلعات حاشيتهم ومريديهم)
ومن مستحدثات النظام الديمقراطي كذلك في مجال الدبلوماسية إقدام رجال السياسة على ممارساتها بتوليهم شخصيا المفاوضات مع الدول الاخرى أو اشتراكهم فيها. صحيح أن هناك حالات يكون فيها ضرورياً أو مفيداً حضور رئيس الوزراء أو وزير الخارجية أو غيرهم من رجال الحكم المسؤولين في اجتماعات أو مؤتمرات معينة لها أهمية أو ظروف خاصة. لكن قد يكون الافضل في الظروف العادية أن تترك الدبلوماسية للدبلوماسيين المحترفين من رجال هذه المهنة فالتسويات ولا شك تكون أسهل نسبيا والتفاهم أيسر بين أشخاص تجمع بينهم تقاليد مشتركة ويعرفون بعضهم من زمن طويل ويلتقون بحكم عملهم من حين لأخر، ولديهم من الوقت ما يسمح لهم بالتأني والصبر وعدم الاندفاع أو التعجل في البت فيما يتفاوضون فيه، والتفكير فيه تفكيرا هادئاً، والرجوع الى حكومتهم أولا باول لاستطلاع رأيها وتلقي تعليماتها. ولهذا البطأ ولا شك ان مزاياه، فهو يعطي الفرصة للتأمل والتدبر ووزن الامور بميزان دقيق، فضلا عن أنه يحسن دائماً أن يكون هناك بين الوزير المسؤول والطرف الاخر مفاوض وسيط حتى لا يستقيل الوزير من أول أمر بوضع معين وحتى تتاح له الفرصة لمراجعة ما ينتهي اليه وكيله، إذا من الممكن أحيانا الا يقر الوزير تصرف الوكيل، ولكن من الصعب دائما أن يرجع فيما يكون قد ارتبط به شخصياً.
ومع ذلك يتحدثون كثيراً في الاوساط السياسية عن قيمة الاتصالات الشخصية بين رجال الحكم المسؤولين. وهذه الاتصالات وإذا كانت تفيد احيانا يحسن عدم الالتجاء اليها الا إذا اقتضتها ظروف خاصة، لان تكرار الزيارات الشخصية التي يقوم بها رئيس وزراء بلد ما أو وزير خارجيتها لرئيس وزراء بلد اخر أو وزير خارجيته، فضلا عما يثيره من تكهنات لدى الجهود، قد يؤدي أحيانا الى سوء الفهم ويخلق التباسا في الامور.
فالأشخاص الذين في هذا المركز كلما يكون لديهم الوقت الكافي للتداول الهادئ في صبر وأناة، والحفاوة بالوزير الذي يزور بلدا اجنبيا إلى جانب انها تستنفذ الكثير من وقته ونشاطه، قد تثير غروره أو تبلبل حكمه. وقد تؤدي الرغبة في عدم إحراج مضيفه إلى التردد في إثارة الموضوعات الدقيقة أو النقاط الحساسة التي كان يزمع التفاوض فيها، فتكون النتيجة انه يعود من زيارته دون أن يحقق الغرض منها ودون أن يستطيع تدبير موقفه وتصرفاته فتتزعزع الثقة به بين زملائه ويخيب أمل الجمهور في كفايته وذكائه. هذا في حين أن زيارة الدبلوماسي لوزير الخارجية أو لغيره من أولي الشأن في البلد الذي يعمل فيه من الامور الطبيعية التي لا تثير تكهناً لدى الجمهور أو توحي بافتراضات لدى الصحافة. وعلى فرض أن هذه الزيارات لم تكن منتجة ابتداء، فأنها لا تؤدي الى خيبة امل لان لدى الدبلوماسي المقيم فسحة من الوقت لتكرارها في فترات منتظمة وللإعادة الكرة فيها يسعى اليه، ولاستخدام مختلف الوسائل الذي يرى بخبرته وحنكته انها قد توصله إلى غرضه، دون أن يعوقه في ذلك تكريم أو تؤثر عليه مجاملة.