اقلام حرة
النهوض الوطني الحر وإما تسليم المفاتيح للإحتلال والخيار بين أيديهم
بقلم الكاتبة : تمارا حداد.
.
تتسارع الأحداث ولم يبقى إلا شهراً واحداً على ضم الأغوار وقرابة أربعون بالمئة من أراضي الضفة الغربية ستُضم إلى الكيان الصهيوني دون إدراكه إن عملية الضم ستكون آثارها السلبية أكثر من الإيجابية ولو بقي الوضع الحالي كما هو لكان أفضل للجميع.
لم يتوقف نتينياهو في الكف عن الحديث عن عملية الضم ولو للحظة واحدة رغم تسلُمه التقارير الاستخباراتية بإن عملية الضم في الوقت الحالي ليس لصالحه ولا حتى لرئيس البيت الابيض “ترامب” ولا لشركاء الكيان الصهيوني، إلا أنه ما زال حازماً في الإستمرار بعملية الضم وذلك لتحقيق اهوائه ومساعيه نحو إيصال ترامب إلى سدة الحكم الأمريكي مرة أخرى وارضاءً للصهاينة الإنجليين والذي يقدمون الأصوات بطبق من ذهب لترامب وذلك خلال شهر تشرين الثاني من العام الحالي، لكن نتينياهو لم يفكر للحظة أن ترامب وبادين حالياً متساويان في الأصوات “اربعون بالمئة” لكل منهما ولم يبقى سوى عشرون بالمئة تعتبر أصوات عائمة هي التي ستحسم الأمر بشكل نهائي من هو القادم، ولعل الصحف الأميركية مؤخراً أظهرت ارتفاع أصوات بادين من الحزب الديمقراطي على ترامب وذلك نتيجة الأحداث التي حدثت مؤخراً من تفشي فيروس ” كوفيد 19″ بشكل سريع في الولايات المتحدة الاميركية وأيضاً تردي الوضع الإقتصادي الحالي في اميركا، هذا التردي قد يؤدي إلى نهاية حكم ترامب وتحول الأصوات العائمة والتي تقدر “بعشرون بالمئة” لصالح بايدن الديمقراطي، وبالتالي الوضع الاقتصادي في أميركا هو من سيحسم من القادم ويتراس الحكم الأمريكي.
ومن هذا المنطلق لا يوجد علاقة بما يقومه نتينياهو بضم الاغوار والانتخابات الاميركية، فالأمران منفصلان وهناك عوامل أخرى ستساعد وليس الضم بانجاح ترامب او غيره، لذا ما يقومه به نتينياهو حاليا سيؤدي إلى خسارته لصديقه ترامب واصدقائه من الدول العربية المجاورة.
وعلى ما يبدو أن نتينياهو سيخسر الدول المجاورة له ومنها الأردن وبالتحديد اذا تم سحب بساط الوصاية الأردنية على المقدسات الاسلامية والمسيحية، وهذا ما خرجت به الصحف الاسرائيلية صباحاً بان هناك اتصالات سرية بين ” الكيان الصهيوني ” والسعودية لحصول السعودية على دور في القدس، من خلال ضم مندوبيها الى مجلس الأوقاف الإسلامي في الحرم القدسي، هذا الأمر سيؤجج الصراع العربي الإسرائيلي والبدء بعمليات الفلتان الأمني على المستوى المحلي والاقليمي والبدء بفوضى خلاقة وانتفاضات شعبية في منطقة الشرق الاوسط، بالرغم أن سحب البساط من الأردن هو غير قانوني حسب اتفاقيات السلام الموقعة بين اسرائيل والاردن.
سيناريو انتفاضة ثالثة أم فلتان أمني مخطط:
تحدث هنا وهناك بعض حالات الفلتان الأمني في مناطق الضفة الغربية وعلى ما يبدو أن هناك من يدعم ويُعزز هذا الفلتان سواء بقصد أو بغير قصد، لكن توقيت حدوث هذه الأحداث في الوقت الحالي قُبيل عملية الضم تشير إلى سوء النية وحدوثها بشكل عمد، لان الكيان الصهيوني يسعى تأجيج حالة الفوضى لتقول للعالم ان السلطة لا تستطيع الاستمرار في الحفاظ في عملية الاستقرار والامن الداخلي، وبالتالي حل السلطة برضى دولي واستبدالها بمنظمات اخرى يتم تجهيزها لما بعد السلطة لإدارة المناطق، وعلى ما يبدو يسعى الكيان الصهيوني بعمل تهيئة شعبية فلسطينية برفض السلطة ومؤسساتها لما يخرج بين الفينة والاخرى ان السلطة تعاني من ترهل وفساد وبحاجة الى اعادة هياكلها وظيفياً وادارياً.
هذا الامر بحاجة الى ان ترى السلطة الفلسطينية بنظرة مستقبلية بهل تستطيع اعادة اصلاح مؤسساتها قبل فوات الآوان واعادة ثقة الشعب الفلسطيني بها والاستمرار بالمشروع الوطني؟ وهل سيبقى الوضع الحالي دون ارساء لعمليات الوحدة الوطنية وارساء عملية التداول السلمي للسلطة؟ ام سنشهد مرحلة قادمة لا يوجد رئيس فلسطيني ما بعد ابو مازن واعادة روابط المدن وكل محافظة يديرها ضابط عسكري ؟
من هنا على السلطة ان تفكر ملياً بمفاتيح تخرجها من الوضع الراهن فلا وقت لديها فاما الاستسلام وتسليم المفاتيح للاحتلال واما النهوض والتمحور حول اليات تساعدها على النهوض ويقيناً الشعب الفلسطيني سيعاونها على ذلك.
أربع مراحل نحو الانتفاضة الثالثة:
يستعد الجيش الاسرائيلي حسب ما اشار اليه لسيناريو تدهور امني خطير ستندلع خلاله” انتفاضة ثالثة” على خلفية تصريح رئيس الوزراء نتينياهو بتطبيق السيادة في واحد يوليو خلال زيارة لرئيس الاركان لفرقة الضفة وتم تقديم له سيناريوهات التعامل مع التصعيد المحتمل وفق 4 مراحل وهي حوادث رمي الحجارة والتعامل مع المواجهات عنيفة تشمل الدهس والطعن، وعمليات فردية تشمل اطلاق النار والرابعة تنفيذ منظم وتفجيرات على نطاق واسع، لكن لم يضع الجيش سيناريو اكبر ان هذه العمليات داخل الضفة الغربية قد تكون بداية الشرارة في الدخول لحرب اشمل شمالاً جنوباً وشرقاً وبحرا، وهنا الصراع العربي الاسرائيلي لن يتوقف، وبالتالي وقف الضم هو الحل الانسب قبيل انطلاق هذه الشرارات لانها ستحرق الاخضر واليابس.
الاردن والشعب:
عندما اشار الملك عبد الله الثاني بان عملية الضم ستؤدي الى نتائج سلبية هذا الامر رفع من شعبيته في المجتمع الاردني لانه يعتبر ان مشاكل الضم ستُسيء للاردن قبل الضفة الغربية، وبالتالي استطاع الملك كسب ورقة شعبية لتفادي اي انقلاب قد يحدث للاردن، وحتى المعارضين للنظام الاردني يعلموا تماما وجود النظام الملكي افضل بكثير من اي نظام آخر لتعزيز الاستقرار والامن الداخلي، واسرائيل تعلم ذلك بان النظام الاردني الحالي هو البؤرة الامنة الحالية والذي ينعكس ايجاباً عليها ايضا.
ختاما:
اسرائيل بشكل عام تحكم جميع فلسطين ضمن الأطر العسكرية ولكن الإطار القانوني حتى الآن غير مطبق لعدم قانونية قرار الضم ولعدم الرضا الشعبي والاقليمي والدولي لذلك، لكن بيد السلطة الفلسطينية الحل بان تعيد الثقة بينها وبين الدول العربية، والاهم اعادة ثقة الشعب الفلسطيني بها عبر تجديد الشرعيات واعادة هيكلة المؤسسات وهندرة العمليات الادارية بالشكل الصحيح واختراع الحكومة بما يتلائم مع التطورات التكنولوجية والتحديات الادارية الحديثة، والبدء باصلاح جذري لكل المؤسسات بما فيها الوزارات ومنظمات الرسمية والاهلية والمحلية حتى تستطيع السلطة اعادة وظيفتها بالشكل المطلوب وبما يتلائم مع الوضع الراهن قبل فوات الاوان، واذا لم تحدث عملية الاصلاح الجذري فان الشعب الفلسطيني سيفقد الثقة بالسلطة حينها، واذا تم تخييره بين بقاء السلطة الفلسطينية واسترجاع الاحتلال، فما بالكم ماذا سيختار الشعب الفلسطيني حينها؟؟؟