الرئيسيةزاوية الاقتصاد
كورونا وآداب العمل من المنزل.. الملايين يجربون العمل عن ُبعد
ظلت فكرة “العمل عن بعد” راسخة في وادي السيليكون لعقود من الزمن. ومقابل كل المليارات التي أنفقتها شركات على غرار أبل وغوغل وفيسبوك، سيرحب العديد من مهندسي البرمجيات بفكرة تحويل مكاتبهم والعمل من أي مكان.
وحاليا، هناك الملايين من الأشخاص بصدد اختبار تجربة العمل عن بُعد. ذلك أن حظر التجول الذي فُرض جراء انتشار الفيروس التاجي “كورونا” في الصين، يمثل فرصة رائعة للعمل عن بُعد. وقال الكاتب تيم براتشو، في تقرير نشرته صحيفة فايننشال تايمز، إن الملايين من الأشخاص اضطروا إلى العمل من منازلهم لأسابيع، الأمر الذي أدى إلى ارتفاع شديد في مبيعات أجهزة الحاسوب المحمولة والأجهزة اللوحية في الصين.
إضافة إلى تصدر تطبيق “دينغ توك” بالتعاون مع شركة “علي بابا” المراتب الأولى في متجر التطبيقات الصينية. ولحسن الحظ أن معظم التقنيات التي تدعم العمل عن بُعد، مثل خدمة تطبيق “زوم” لتنظيم المؤتمرات بالفيديو وتطبيق الدردشة “سلاك”، أصبحت متطورة وموثوقة.
قد يلمح زملاء العمل عن بعد قطة تتجول في المنزل، وقد تضطر لتذكير من حولك أن لديك اجتماعا على الجانب الآخر (غيتي) |
آداب سلوك تكنولوجي
وهذا سمح لملايين الأشخاص بالتأكد بأنفسهم من أن إرسال الرموز التعبيرية الساخرة لا يؤخذ على محمل الجد، أو ما إذا كان من المقبول إبراز ثياب الغسيل في خلفية مكالمة فيديو يجرونها مع زملاء العمل. ومن الواضح أن الحديث مع العاملين المخضرمين في كل من الشركات الكبرى والشركات التي تدير أعمالها عن بعد، فضلا عن أولئك الذين يعملون بنجاح ضمن “فريق موزع”، تحول إلى “آداب سلوك تكنولوجي”.
والخطوة الأولى التي ينبغي أخذها بعين الاعتبار تتمثل في تذكّر مكان وجود الأشخاص لمراعاة اختلاف التوقيت. فقد عمل باتريك ماكنزي، مطور البرامج في طوكيو، مع ستريب في سان فرانسيسكو لأكثر من ثلاث سنوات، ورغم ذلك، يدعوه بعض الزملاء لاجتماعات في الساعة الرابعة صباحا بتوقيت طوكيو. وقال ماكنزي إن إنجاح العمل عن بُعد يتلخص في تأسيس معايير التواصل اللازمة.
وأفاد الكاتب بأن مؤسس شركة “برودكت هانت” ريان هوفر، وهي شركة تدير أعمالها عن بعد، تضم 20 موظفا من مختلف أنحاء العالم، يجمع كل الموظفين ضمن مكالمة فيديو عبر تطبيق “زوم” كل يوم اثنين.
وقال هوفر رغم أن الأمر لا يتجاوز نصف الساعة، فإنه يجعل الناس يدركون أنهم يعملون مع فريق ما ويضيف بعض السمات الشخصية إلى الجميع. وعلى سبيل المثال، ألمح بين الحين والآخر قطة بعض الزملاء تتجول في المنزل. ولن ينجح التعبير عن هذه الشخصية إلا إذا تمكن زملاؤك من رؤيتك.
في سترايب، استثمر الكثيرون في أجهزة إضاءة سطح المكتب. وفي هذا الإطار، قال ماكنزي إن مستوى السعادة الذي تكتسبه عند الدردشة عن طريق الفيديو يعتمد على الطريقة التي ينظر بها لك زملاؤك في العمل. وفي الحقيقة، يشبه الاتصال الهاتفي بالفيديو لحضور اجتماع عبور حقل ألغام. وعموما، ستواجه التأخير على الخط من جهة، وتذكير الأشخاص الجالسين قربك بوجود طرف آخر على الخط من جهة أخرى.
كورونا فرصة لشركات التكنولوجيا الصينية
وفي الواقع، وفّر تقرير سو لين وونغ المتعلق بفيروس كورونا الفرصة لشركات التكنولوجيا الصينية لمعالجة مثل هذه القضايا، الأمر الذي يجعل بعض الممارسين يعتقدون أنه يجب اعتماد العمل عن بُعد في جميع المهام، وليس فقط عندما يتعلق الأمر بالاجتماعات.
إذا كان لدى شركة بعض الموظفين في مكتب مركزي في حين يتوزع آخرون حول العالم، فإن الموظفين العاملين عن بُعد يفوتون فرصة اتخاذ القرارات بشكل رسمي. ولمعالجة هذه المشكلة، تفرض بعض الشركات الناشئة على جميع موظفيها التفاعل مع الرسائل المهمة عبر الإنترنت عبر تطبيق سلاك أو المستندات المشتركة، حتى لو كانوا يعملون في المكتب الفعلي نفسه.
أسلوب العمل “غير المتزامن”
وبالنسبة لكريس هرد، مؤسس شركة “فيرست بايز” المتخصصة في تزويد العاملين عن بُعد بالمعدات، فإن أسلوب العمل “غير المتزامن” أكثر أهمية من الأسئلة المتعلقة بـ”المكتب أولا” أو “العمل عن بعد أولا”.
أغلب الناس يعتقدون بحماس أن أماكن العمل غير المتزامنة -حيث نادرا ما يجتمع الموظفون ويتخذون القرارات عبر أنظمة اتصالات مركزية- تضاعف من الإنتاجية، الأمر الذي يسمح بالتركيز العميق بلا انقطاع.
فضلا عن ذلك، سيكون العديد من المديرين في الصين قلقين بشأن ما إذا كانت الإنتاجية ستتضاعف من خلال العمل من المنزل. ولكن بالنسبة للمبشرين في وادي السيليكون، فإن العمل عن بُعد أكثر من مجرد توقف في الأزمات، فهو يشكل تحسنا في الحياة المكتبية. وإذا استمر فيروس كورونا بالانتشار، فقد يلاحظ عدد أكبر من الناس هذا الفرق.
المصدر : فايننشال تايمز