أخبار رياضيةالرئيسية

إطلاق أول دوري في كرة القدم للسيدات في السعودية

أعلنت السعودية هذا الأسبوع عن إطلاق أول دوري في كرة القدم للسيدات على أن يبدأ فعليا في مارس الجاري ويشمل ثلاث مدن كبرى وهي الرياض وجدة والدمام، وذلك تماشيا مع حملة الانفتاح المتسارعة التي تشهدها المملكة وتجسيدا لـ”رؤية 2030” التي يقودها ولي العهد الشاب الأمير محمد بن سلمان.
وكشف خالد بن الوليد آل سعود، رئيس الاتحاد السعودي للرياضة للجميع، خلال حفل تدشين أقيم بالعاصمة السعودية الرياض الثلاثاء الماضي عن إطلاق أول دوري لكرة قدم السيدات على المستوى المجتمعي.
وقال آل سعود إن الموسم الأول من الدوري سيكون مخصصا للسيدات من عمر 17 عاما وما فوق وسيتضمن جولات أولية في كل مدينة من المدن الثلاث بهدف تشكيل الفرق قبل الانتقال إلى مرحلة التصفيات ما قبل النهائية. وأضاف أن ذلك ستتبعه مباراة نهائية سيتم خلالها تسليم لقب البطولة، كما سيتم تخصيص جائزة قدرها 500 ألف ريال (133 ألف دولار) للفريق الفائز.
وأعلن اتحاد الرياضة للجميع عن توفير ملاعب كرة القدم لبدء الدوري الشهر الجاري مع وجود فرق تنظيمية وفنية نسائية بالكامل من أجل إدارة اللجان المختلفة.
ونقلت صحيفة “الرياضية” عن المديرة التنفيذية للاتحاد شيماء الحصيني قولها إن “تمكين المرأة يكون عبر تبني برامج كهذه، مثل دوري كرة القدم للسيدات الذي له انعكاس شديد الإيجابية على صحة المرأة ولياقتها البدنية”.
وأكدت الحصيني في تسجيل صوتي بث على موقع اتحاد الرياضة للجميع أن “ما يحفزنا على إطلاق هذا الدوري أنه تتوفر لدينا الإمكانيات والرغبة، فقط ما كان ينقصنا ربما هو المساواة والأهم من ذلك أن يكون هناك اعتراف حكومي بالموضوع”.
ويلفت محللون رياضيون إلى قيمة هذا الحدث الرياضي الذي سيوفر فرصة مناسبة للسعوديات المهتمات بممارسة رياضة كرة القدم ويرون أن أثره سيكون إيجابيا على المدى المتوسط والبعيد في ما يخص النشء والمواهب التي ستنتجها هكذا برامج ورؤى استثمارية في دولة تتوفر على كل ممهدات النجاح.
وأكدت مصادر مطلعة أنه تم الاستعداد بشكل مثالي لبدء الدوري في مارس 2020 ليكون في مستوى الحدث من توفير ملاعب كرة القدم والتجهيزات ومختلف المستلزمات الرياضية مع وجود فرق تنظيمية وفنية نسائية بالكامل من أجل إدارة اللجان المختلفة. وقالت المصادر إن الفرق المخصصة والمسؤولة عن التجهيزات للدوري ستقوم بمعالجة كافة المتطلبات الإدارية والفنية والطبية والأمور المتعلقة بالتحكيم.
ومن بين الأشياء المهمة في برنامج الدوري أنه سيتم تنظيم دورات تدريب وتحكيم من قبل اتحاد الرياضة للجميع، للمساعدة في كل ما تحتاجه المرأة في مجال الرياضة كما سيتم تدريب السيدات على اللعب وعلى التحكيم.
وقالت الحصيني “الحمد لله نحن كاتحاد قمنا بتجربة العام الماضي عن طريق إطلاق دوري مصغر توقفنا خلاله على الاحتياجات والنواقص وكان من بينها المدربون والحكام، وقمنا ببرامج تدريبية وتأهيلية للجميع بمن في ذلك المدربون والحكام”.
وشهد معهد إعداد القادة بالهيئة العامة للرياضة الشهر الماضي (من 10 إلى 13 فبراير) دورة تطوير في كرة القدم للسيدات بمشاركة 25 مدربة سعودية وبإشراف المدربة السويسرية ماي كروز بلانكو، والتي تشغل أيضا خطة مديرة تطوير كرة القدم للسيدات في الاتحاد الدولي لكرة القدم “فيفا”، قدمت خلالها بلانكو دروسا نظرية وتطبيقية في تطوير كرة القدم.
وقالت المدرّبة السويسرية “نريد أن نعرف ما هي الاحتياجات المطلوبة من أجل تنفيذها وتطبيقها على أرض الواقع، وسنعمل على هذا المشروع وتوفير كل ما يتعلق بهذه الرياضة، وكذلك نتعرف على دور المرأة السعودية في المجال الرياضي، وبالتحديد رياضة كرة القدم، التي تعتبر اللعبة الشعبية الأولى جماهيريا، ونتعرف على الطريقة التي تساعد في نشر هذه اللعبة على نطاق واسع، ويجب أن نغتنم هذه الفرصة حتى تستطيع المدربة السعودية الإلمام بالجانب التدريبي والفني”.
وأضافت “لا بد من نشر الوعي بين الفتيات في المدارس، وإيجاد مرافق وملاعب يستطعن التدريب فيها ولعب رياضة كرة القدم. فالبيئة تحتاج إلى مثل هذا المجال ودعمه بشكل كبير”.
وما يشد الانتباه إلى هذه التجربة الفريدة أنها تزامنت مع إطلاق “قناة 24” السعودية أول أستوديو تحليلي لكرة القدم تديره مجموعة من المذيعات المحترفات. وخصصت القناة السعودية برنامجا رياضيا نسائيا سعوديا لتحليل المباريات بعنوان “الكورة عندنا” في سابقة هي الأولى من نوعها. وخلال إحدى الحلقات استضاف البرنامج المحللة الرياضية نجود الزهراني وكذلك لمى العنزي.
وتناولت الحلقة مباراة الكلاسيكو بين الهلال والاتحاد حيث علقت الزهراني على أسباب خسارة الاتحاد فيما أشارت العنزي إلى أن إلغاء هدف الاتحاد في المباراة سبب حالة من الإحباط للفريق.
واستطاعت الرياض بفضل العديد من القرارات الجريئة والخطوات الموثوقة المتعلقة أساسا بإعطاء المزيد من المكاسب للمرأة تبديد حملة التشكيك التي تجاهر بها بعض المنظمات الحقوقية وتذويبها تماما. وبدأ هذا الأمر يتأكد شيئا فشيئا على أرض الواقع وخير مثال على ذلك ما تم الإعلان عنه بشأن إطلاق أول دوري كرة قدم للسيدات.
حلم يتحقق
في أول تعليق لها أكدت الحكمة السعودية آلاء الزهراني أن تدشين الدوري النسائي لكرة القدم هو حلم تحول إلى حقيقة.
وقالت الزهراني إن “تدشين الدوري النسائي كان حلما وأصبح حقيقة، وهذا شيء جميل للغاية ولا يصدق، كوننا نطمح إلى ذلك منذ فترة طويلة”.
وأضافت “التحكيم بدأ منذ سنتين تحديدا وحصلنا على دورات تحكيمية من الاتحاد الدولي لكرة القدم ‘فيفا’ وكذلك الاتحاد السعودي، ونطمح للحصول على الاعتماد الدولي”.
وقدمت الحكمة السعودية التي أدارت العديد من المباريات محليا وخليجيا شكرها للمسؤولين السعوديين على دعمهم الكبير للرياضة النسائية قائلة “نعدهم بالأفضل والوصول إلى العالمية سواء كحكمات أو كلاعبات كرة قدم”.
ويرى متابعون أن التحولات التي يشهدها القطاع الرياضي في السعودية تَعد بملامح تجربة استثنائية تعمل المملكة على ترسيخ أسسها انطلاقا من نماذج محلية لتعانق مستويات قطرية ويبلغ صداها المستوى العالمي.
ويذهب البعض إلى القول إن الاستثناء الرياضي في السنوات الأخيرة يبقى سعوديا منذ أن قررت الدولة الخليجية الانفتاح على ما يعيشه العالم من تجارب رائدة وخصوصا الرياضية منها.
وعملت الدولة الخليجية على الاستثمار في القطاع الرياضي بكافة تخصصاته وتوجيه الدعم لتوفير بنية تحتية متكاملة (قاعات كبرى، ملاعب كرة قدم.. إلخ) ملائمة وتستجيب لقيمة التغيرات التي تشهدها المملكة وعانقت بفضلها العالمية بعد نيل حق استضافة العديد من التظاهرات الرياضية الهامة على غرار رالي دكار الدولي الذي أقيم لأول مرة في اسعودية وكأس السوبر الإسباني والسوبر الإيطالي وغيرها من المحافل الدولية.
ويرى متابعون أن هذا التحول نحو دعم حق المرأة في ممارسة أنشطتها الرياضية السعوديات هن من أقدمن على إثباته بفضل إصرارهن وتمسكهن بحقهن في ممارسة أنشطتهن المختلفة في جميع الرياضات وليس فقط رياضة كرة القدم.وبعد محاولات حثيثة لإثبات وجودها على الساحة المحلية والآسيوية بدأت المرأة السعودية تشق طريقها نحو الساحة العالمية. وكان العام 2012 شاهدا على دخول السعوديات الساحة الرياضية الدولية عندما شهدت أولمبياد لندن 2012 مشاركة أول لاعبتين من السعودية وهن العداءة سارة عطار ولاعبة الجودو وجدان شهرخاني، لتبدأ المرأة السعودية في ممارسة العديد من الرياضات كالفروسية والمبارزة والملاكمة.
وفي المقابل تأخر دخول المرأة السعودية رياضة كرة القدم إلى العام 2014 الذي شهد ظهور أول ناد نسائي لرياضة كرة القدم في العاصمة السعودية الرياض ويحمل اسم (نادي الرياض للسيدات).
بداية الطريق
كانت البداية لهذا النادي بخمس لاعبات فقط قبل أن يرتفع العدد على مدى ثلاث سنوات إلى 28 لاعبة يخضن التدريبات في مقر النادي أسبوعيا ليشكل النواة الأولى لبروز كرة القدم النسائية في السعودية في مراحل متتابعة.
وأكدت مديرة نادي الرياض رحاب المفلح في تصريحات صحافية تداولتها مواقع إخبارية أن المرأة السعودية بدأت تتقبل فكرة ممارسة كرة القدم شيئا فشيئا “وجدنا أثناء الإعلانات من الحسابات الإلكترونية لدعوة اللاعبات للانضمام إلى نادينا أن هناك توجها إيجابيا من قبل الفتيات للعب كرة القدم، ولاحظنا أيضا امتلاك غالبيتهن مهارات كروية عالية”.
وظلت أندية كرة القدم النسائية تعاني من نقص المنشآت الرياضية وأيضا قلة عدد المدربات اللاتي يمتلكن الخبرة الكافية في مجال كرة القدم النسائية ويعود السبب إلى عدم وجود تخصصات رياضية متاحة للدراسة الجامعية، لكن هذه الصعوبات سرعان ما تم تذليلها بفضل الاهتمام الواسع الذي توليه المملكة للرياضة النسائية.
ولم تقف هذه الصعوبات حائلا أمام سعي العديد من اللاعبات الطموحات إلى رسم مستقبل كرة القدم النسائية بثبات وواصلن العمل وشق طريقهن سواء داخل بعض الفرق أو بمفردهن حتى أن بعضهن يحضرن إلى التدريب ليلا.
وقالت الحصيني “عندما توفرت البيئة المناسبة قمنا بإطلاق هذا الدوري لكي تكون الفرصة مناسبة أمام الجميع للتسجيل والدخول في خوض هذه التجربة الجديدة”.
بدأت الفكرة من منطلقها بعدد محدود للبطولات والمباريات داخل المملكة في محاولات جادة للترويج لرياضة كرة القدم النسائية واستقطاب المزيد من اللاعبات بانتظار حلم تأسيس دوري السيدات رسميا أسوة بدول الخليج العربي.
وشهدت مدينة جدة السعودية في أكتوبر من العام الماضي انطلاق النسخة الأولى من دوري جدة النسائي، وثاني دوري نسائي مناطقي في السعودية بشكل عام بعد دوري الرياض الذي تأسس في 2009.
وشاركت في النسخة الأولى من دوري جدة ستة فرق نسائية على غرار جدة إيغلز، وستورم، وكينغز يونايتد، والليث الأبيض، وموج جدة، ومِراس تنتمي إلى نفس المدينة.
جدة سباقة
تعد مدينة جدة سبّاقة في الرياضة النسوية، فقد بادرت منذ سنوات طويلة بعض السيدات المهتمات إلى تأسيس فرق لكرة القدم وأخرى لكرة السلة ورياضات أخرى، لكن دون مظلة رسمية من الاتحاد السعودي. وكانت المدينة في العام 2011 تضم نحو 30 فريقا نسويا (سلة وقدم) بعضها يندرج تحت مظلة تعليمية وبعضها مستقل.
ومع أن جميع الفرق المشاركة في البطولة تنتمي إلى مدينة واحدة (جدة) إلا أن طابع المحلية ظل طاغيا على هذه البطولة، فيما كان شح التمويل هو السبب وراء اقتصار المشاركة على جدة وسط أمل يحدو المشاركات بأن تتم التوسعة لتشمل مدنا أخرى، وهو ما تأكد رسميا بتوسعة الدوري في نسخته الجديدة ليشمل مدنا أخرى بخلاف جدة.
ورغم أن الرياض أقامت بطولة كرة قدم للسيدات العام الماضي، إلا أنه لم يكن رسميا ولم يحظ بتصريحات حكومية.
وقدم الاتحاد الدولي لكرة القدم “فيفا” حينها تهنئة لسيدات السعودية بهذه البطولة مؤكدا أنه “تاريخ جديد” كما دعا إلى متابعة الحساب الرسمي للبطولة تحت وسم #بتقدري.
عتبر مدينة جدة مهد كرة القدم النسائية بتوفرها على حوالي تسعة فرق نسائية تعتمد على التمويل الذاتي وتضم العديد من اللاعبات الموهوبات.
وشهدت السعودية منذ آخر خمس سنوات تنظيم بطولات نسائية تحت رعاية مختلف الشركات المحلية بحكم غياب البطولات الرسمية من اتحاد كرة القدم.
وعرف العام 2019 تنظيم أول بطولة كرة قدم نسائية للقاعات جمعت العديد من الفرق من مختلف مناطق السعودية مع بعض الفرق الخليجية حملت اسم “الكرة تجمعنا” واحتضنتها مدينة الدمام وانتهت بحصد فريق الرفاع البحريني للقب.
كما شهد الصيف الماضي ظهور أول منتخب سعودي نسائي ولكن تحت رعاية الاتحاد السعودي للرياضة المجتمعية وتوج أول ظهور له بالمشاركة في كأس العالم للأهداف المستدامة 2019 للخماسي في الدنمارك والتي شهدت بلوغه دور ربع النهائي.
وكالة اخبار المراة

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إغلاق