الرئيسيةثقافه وفكر حر

حكايا من القرايا حدثني أبو عنتر الجنيني، قال:

بقلم : عمر عبد الرحمن نمر

حكايا من القرايا
حدثني أبو عنتر الجنيني، قال:
كان لي خال يسكن في قرية على أطراف مرج ابن عامر، في بيت على تلّة تطل على المرج، الذي يحمرّ شتاءً، ويخضرّ ربيعاً، ويصفرّ صيفاً… وكان خالي يعشق الزراعة، فهي تجري في جسده كما الدم، فعلاوة على زراعته في أرضه في المرج، كان يزرع حاكورة منزله… ما أن ترشرش الدنيا وتنشف، حتى يبذر بضعة عرامات من الفول، ويلقط تلميْن من الثوم، وتلميْن من البصل، ومربعاً للسبانخ والبقدونس… كان يردد دائماً ” مِسْعد من أخذ حاجته من أرضه طازة ” فالفول طازة، يحبه باللبن، ويقرُط البصل الأخضر بمتعة متناهية، يُزنّر اللقمة بورقة بصل، ويغفّها، وأقراص السبانخ المثلثة لم تكن لتغيب عن طابونه…
لم تكن مشكلة مزروعات خالي أبو طالب في دودة تأكل الورقة، ولا في فطر يبقّعُها، ولا طفيل يتعربشها ويستهلكها، ولا في (اخلند) يعشق البصل والثوم، قيقحف على الشروش وينيخ النبتة… لا… لا… لم تكن هذه هي المشكلة، وإنما كانت في جحش أبو دوّاحة، جحش لا يحلل ولا يحرم، كان إذا غزا الحاكورة، خلّفها قاعاً صفصفاً… وكم اشتكى خالي لصاحب الجحش أبو دوّاحة، وكان أبو دوّاحة يراضيه، ويعده بعدم تكرار الحادثة… وتتكرر الحادثة، وتذهب وعود أبو دوّاحة هباءً منثوراً… وخالي لا يحب زعل أحد، وخصوصاً جيرانه، وخصوصاً أبو دوّاحة… فقال خالي في نفسه ” تعْ على حالك ولا تيجي في الناس” فسيّج الحاكورة بشيك سلكي شوكي، حتى إذا وصله الجحش، وقف عنده مندهشاً بلا حيلة… ونجح موسم خالي، وأكل فوله طبخاً وسلقاً وشوياً… وسبانخه مرقاً وأقراصاً…
شعر خالي أنه نجح في حماية مزروعاته، لكن أبو دوّاحة، مش ناوي يجيبها البر، في الموسم التالي، اقتنى الجار عشر دجاجات وديك… دجاجات زراعيات ترباية بركسات، وقال بدّو (يبلّدهن)، يطعمهن من خشاش الأرض، وهاجمت الدجاجات زرعات خالي، قفزن فوق الشيك، بقيادة الديك، نادى خالي الجار: ورأى الجار دجاجه يعيث فساداً في الأرض، قال خالي: الجار للجار يا ابو دوّاحة، ولا ضرر ولا ضرار، أيرضيك ما ترى؟ ولم يخجل الجار: وقال: كلهن عشر جاجات يا رجل، شو بدهن يسوّين… قال خالي: والله لو (اتفلتْهن) ع المرج الا يخربنو يا رجل… حرام عليك… وتابع خالي: عندي حل… شو هو؟ سأل ابو دوّاحة… تبيعني اياهن… قال الجار: غاليات والله… كم؟ سأل خالي… وطلب الجار ثمناً غالياً غير معقول… فاجأه خالي: وأنا اشتريت… اشتراهن خالي وذبحهن… واشتغل قور المفتول بين جمعة وأخرى… باختصار خالي اشترى هداة باله… وراحته… وكسب صحته وزرعاته… ولو غير خالي وحصل الذي حصل، لصارت طوش لها أول ولا آخر لها… ويا خيل شدّي وارتشبي…

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إغلاق