مقالات

احتجاجات في فرنسا / محمد جبر الريفي

(في فرنسا ..احتجاجات في اطار ازمة النظام الرأسمالي العالمي) ما يحدث في فرنسا الآن من احتجاجات شعبية تميزت بعنف غير مسبوق على زيادة الضرائب على أسعار الوقود وعلى مجمل سياسات الرئيس ماكرون التي طالبته الجموع الشعبية الثائرة الغاضبة على الاستقالة وحل الجمعية الوطنية أي البرلمان والدعوة لانتخابات جديدة بهدف القضاء على الفساد الإداري ..هذه الحركة الشعبية العنيفة التي اجتاحت الشارع الفرنسي وشاركت فيها فئات اجتماعية عديدة من العمال والعاطلين عن العمل والمتقاعدين من الرجال والنساء وسكان الضواحي المهمشة هو دليل على الأزمة التي تعيشها حضارة القمع الغربية الرأسمالية بشكل عام وهي أزمة تشمل الحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية والأخلاقية ايضا حيث من مظاهر هذه الأزمات المتداخلة أن التعارضات الثانوية في الدول الراسمالية تتحول حسب القوانين التي تحكم النظام الرأسمالي العالمي إلى تناقضات تضج مضاجع السلطة السياسية إلبرجوازية الحاكمة وذلك كلما تحررت دول العالم الثالث من علاقات التبعية بكل أشكالها .. في القارة الاوروبية فرنسا تعتبر هي أسبق الدول الرأسمالية في تنظيم الاحتجاجات الشعبية على ما يحدث من مساوىء تطال في بعض الأحيان المصالح الاجتماعية في اطار المجتمع المدني الفرنسي حيث تعود الفرنسيون كما هو حال الشعوب الغربية في الدول الراسمالية على حياة الرفاهية وبحبوحة العيش بسبب عملية النهب الاحتكاري المنظمة التي تقوم بها الشركات والاحتكارات الراسمالية الامبريالية ..التاريخ السياسي الفرنسي زاخر بالانعطافات الكبرى كالثورة الفرنسية التي رفعت شعارات الإخاء والمساواة وحقوق المواطنة كما جاء بعد ذلك في العقد الاجتماعي لجان جاك روسو وهي شعارات إنسانية كان لها تأثيرها النهضوي في عموم القارة الأوروبية كما أن ثورة الطلاب في منتصف الستينات من القرن الماضي ما زالت ماثلة في الذاكرة الوطنية الفرنسية حيث يشكل الطلاب في الدول الرأسمالية بصفة عامة فئة ثورية كالعمال الكادحين والاجراء الذين ما زالوا يستخدمون جهدهم العضلي لأنهم يعيشون خارج نطاق الرفاهية وبحبوحة العيش الذي يوفرها النظام السياسي في الدول الراسمالية للطبقات والفئات الاجتماعية الأخرى وقد أطاحت ثورة الطلاب تلك بالرئيس ديجول الذي لم يعفيه تاريخه العسكري المجيد حين قاد المقاومة الفرنسية في الحرب العالمية الثانية ضد الاحتلال النازي الالماني .. هكذا فان فرنسا على الرغم من ماضيها الاستعماري الأسود البشع التي أكتوت به شعوب بلدان العالم الثالث في آسيا وأفريقيا وخاصة في الجزائر التي حاولت طمس هويتها الوطنية والقومية العربية والإسلامية إلا أنها أي فرنسا كانت تشكل عبر التاريخ السياسي الأوروبي قلعة النضال السياسي والثقافي ضد عصور الظلام التي سادت أوروبا في العصور الوسطى حين قاست شعوبها المظالم بسبب سلطة الاقطاع السياسي الاستبدادية والتي ترافقت مع موقف الكنيسة المسيحية الغربية المعادي للنشاط العقلي فقد كانت تلصق بالفلاسفة والعلماء تهمة الالحاد التي كان يتطلب للتخلص منها الحصول من الكنيسة على مايسمى بصكوك الغفران ؛؛؛…ان ما حدث في فرنسا سيحدث في دول أخري في النظام الرأسمالي العالمي الامبريالي لأن الرأسمالية ليست نهاية العالم فكما انهارت الاشتراكية في الاتحاد السوفيتي السابق وفي بلدان المعسكر الاشتراكي ستنهار الراسمالية ايضا كنظام اقتصادي لأن العامل الاقتصادي ليس هو العامل الوحيد في حركة التاريخ. ..

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إغلاق