الرئيسيةشعر وشعراء

قراءة نقدية لنصوص شعرية أ د عبد الله السلمي . قراءة الدكتورة فاطمة ابوواصل اغبارية

المقطع الأوّل: 

أنتِ قصيدتي / بحر الجمال

النص يقوم على استعارة كبرى واحدة متماسكة:

المرأة = القصيدة = البحر = الجمال = القدر = المعاناة اللذيذة

الشاعر لا يمدح فقط، بل يُقيم نفسه داخلها:

هو الكاتب والمسجِّل، لكنه في الحقيقة مكتوب بها.

  • “في بحركِ فأسوق كلّ قواربي”
    → هو لا يملك البحر، بل يملك فقط قواربه الصغيرة فيه؛ أي أنه يسير في فيضها ولا يسيطر عليه.
  • “وزني وقافية السطور مصائبي”
    → قلب جميل للدلالة: أدوات الشعر (الوزن والقافية) ليست زينة بل أوجاع منظَّمة.
  • “بمجادف الآهات”
    → صورة حسّية عالية: الحركة في هذا البحر لا تكون بالقوة، بل بالأنين.
  • “بحر الجمال مزلزل بنوائب”
    → الجمال هنا ليس مريحًا، بل مزلزل، عاصف، امتحان روحي.

 الخلاصة: هذا نص عشق وجودي، لا غزلي؛ الجمال فيه امتحان لا نعمة فقط.

 المقطع الثاني: 

الغياب / الرؤية / الحجاب

هنا ينتقل النص من البحر والكتابة إلى الرؤية والوجه والحضور:

  • “إذا لم ألقَ وجهكِ والمحيّا”
    → الوجه هنا ليس شكلاً، بل حقيقة اللقاء.
  • “ليس بيني وبينكِ أي ستر”
    → الرغبة ليست جسدية بل روحية شفافة: لا حواجز نفسية، لا خوف، لا أقنعة.
  • “سناكِ يضيء حقًّا ذا عليّا”
    → الحبيبة تتحوّل إلى نور هادٍ، لا فقط محبوب.
  • “فكيف وكيف نحوك بالقدوم”
    → العجز هنا ليس عن الوصول المكاني بل عن الطريق الوجودي.

 الخلاصة: هذا ليس شوق جسد لجسد، بل شوق ذات إلى ذات أعلى منها.

الجمع بين النصّين

النصّان معًا يصنعان حركة واحدة:

من البحر (التجربة، الاضطراب، الألم الجميل)

→ إلى الوجه (الصفاء، الحقيقة، النور).

أي أن الشاعر:

يتألّم ليكتب، ويكتب ليصل، ويصل ليهدأ.

خلاصة القراءة:

  • اللغة عالية ولكن غير متكلّفة.
  • الصور متماسكة في المقطع الأول (بحر/سفن/مجاديف/أمواج).
  • والمقطع الثاني أنقى، أهدأ، أقرب إلى المناجاة الصوفية.
  • العاطفة صادقة، لا استعراضية.
  • الأنثى هنا ليست جسدًا، بل مقامًا.

هذا شعر شوق ناضج، لا يطلب الامتلاك بل القرب، ولا يطلب اللذة بل النور.

نص جميل… ويستحق التأمّل لا المرور فقط 

إغلاق