الرئيسية

قراءة في قصيدة عيناك لشاعر الأمة محمد ثابت بقلم: الأديب الكويتي / خالد المويهان (مدير مركز الشاعر الإعلامي)

شاعر الأمة محمد ثابت

قراءة في قصيدة عيناك
لشاعر الأمة محمد ثابت
بقلم: الأديب الكويتي / خالد المويهان
(مدير مركز الشاعر الإعلامي)

قصيدة «عيناك» للشاعر محمد ثابت هي رحلة وجدانية متكاملة، تنسج بين الحب والحنين والفقد، وتكشف عن عالم داخلي معقد، حيث تصبح كل كلمة مفتاحًا إلى الأعماق النفسية للشاعر. العين هنا ليست مجرد عضو من أعضاء الجسد، بل رمز الرؤية والذاكرة والحب الصافي، ومصدر الضوء الذي يفتح أبواب المشاعر كلها.

من البداية، يقدم الشاعر عيني الحبيبة كمفتاح لكل شيء، وكأنهما محور الكون الشعوري:

“عَيناكِ مِفتاحُ القصيدةْ
هى كلُ أيامي السعيدةْ”

هذا التقديم يضع القارئ مباشرة في قلب التجربة العاطفية، حيث الحب والكتابة يتحدان في وحدة متكاملة، فتصبح العين ليست فقط مصدر الإلهام، بل بوابة لكل الذكريات واللحظات السعيدة والحزينة على حد سواء.

تتجلى القصيدة في صراع دائم بين الحب والفقد، بين الرغبة في الاستعادة والوعي المستحيل بغياب المحبوبة:

“وأخذتِ من جنبي الفؤادَ
فكيف لي أن أستعيدةْ”

الاختيار الدقيق للكلمات مثل “عتيدة” و”عنيدة” يعكس التوتر بين القلب والعقل، بين الرغبة والحرمان، بين الماضي الحي والحاضر المؤلم، وهو صراع يجعل النص ينبض بالحياة، ويمنح القارئ القدرة على التفاعل العاطفي العميق مع التجربة.

لغة الشاعر غنية بالصور الشعرية المركبة والرمزية المزدوجة، حيث يمزج بين الحسية الصافية والرمزية الوجدانية:

“… لم تبق ِ لي غيرَ الردى
وحطامِ ِأشواق ٍ وئيدةْ
أنا والظنونُ وحُرقتي
وفتاتُ أحلامٍ زهيدة”

هنا يتحول الألم الفردي إلى مادة جمالية، يصبح الحزن والاشتياق جزءًا من تجربة إبداعية متكاملة، ويبرهن النص على قدرة الشعر على تحويل الانكسار النفسي إلى لغة فنية خالدة.

تبلغ القصيدة ذروتها حين يصف الشاعر تأثير الغياب:

“أنت التي يوماً حجبتِ
الشمسَ واغتلتِ القصيدةْ”

الحبيبة الغائبة تتحول إلى قوة متحكمة في النص كله، حضورها يمتد رغم غيابها الجسدي، يسيطر على كل صورة وكل كلمة، ويجعل القارئ يشعر بسلطتها على قلب الشاعر، كما لو أن الحب والفقد أصبحا وحدة واحدة لا يمكن فصلها. هذه اللحظة هي رمزية الغياب والحضور المتزامن، وتجعل النص تجربة وجدانية لا تُنسى، إذ تكشف عن قدرة الشعر على تحويل الألم الفردي إلى تجربة جمالية شاملة.

القصيدة أيضًا تبرز وعي الشاعر بالزمن والذاكرة، فهي ليست لحظة شعورية عابرة، بل سرد مستمر للذكريات والأحداث التي شكلت إحساسه بالحب والفقد. هذا الوعي يجعل النص متعدد الطبقات: طبقة وجدانية شخصية، طبقة رمزية، وطبقة فلسفية تتعلق بالزمن والموت والغياب.

خلاصة القراءة:

قصيدة «عيناك» تجربة شعرية متكاملة، حيث ينجح شاعر الأمة محمد ثابت في المزج بين العاطفة والحكمة، بين الذكرى والحاضر، وبين الفقد والاستمرارية. النص يمنح القارئ تجربة مباشرة مع المشاعر، ويتيح له التأمل في ذاته وفي معاني الحب والغياب، مؤكّدًا أن الشعر قادر على تحويل الألم الفردي إلى تجربة جمالية ووجدانية عامة، تبقى في الذاكرة وتترك صدى دائمًا في النفس.

القصيدة هي نداء للحياة والمشاعر، وتجربة شعورية تؤكد على قدرة الشعر على توثيق الأحاسيس الإنسانية في أبهى صورها، وتجعل القارئ يعيش كل كلمة وكل صورة، وكأنه جزء من القلب الذي كتبها
—-
بقلم: الأديب الكويتي / خالد المويهان
(مدير مركز الشاعر الإعلامي)
——
عيناك قصيدة لشاعر الأمة محمد ثابت
——-
عَيناكِ مِفتاحُ القصيدةْ

هى كلُ أيامي السعيدةْ

يا من تركتِ لمهجتي

ذكرى على قلبي عتيدةْ

وأخذتِ من جنبي الفؤادَ

فكيف لي أن أستعيدةْ

ومحوتِ كلَّ قصائدي

حتى القصائدِ يا عنيدةْ

… لم تبق ِ لي غيرَ الردى

وحطامِ ِأشواق ٍ وئيدةْ

أنا والظنونُ وحُرقتي

وفتاتُ أحلامٍ زهيدة

سنظلُ نذكرُ حرَّّ إحسا

سي وقتلي بالبرودةْ

أنت التي يوماً حجبتِ

الشمسَ واغتلتِ القصيدةْ

—–

قصيدة لشاعر الأمة
محمد ثابت
مؤسس شعبة شعر الفصحى باتحاد كتاب مصر

إغلاق