ثقافه وفكر حر

ظِلّ الحُسَين (وحديثي عن الظّل)

د. محمد بدران

وُلد الضوء في العتمة، ومشى على الأرض بلا درعٍ ولا راية، إلّا يقينه، كان البحر يعرف خطاه، وكانت الريح تحفظ اسمه، وكانت الجدران تصغي لنبضه كأنها تعرف أن النهاية قريبة.
وحين جاء الموعد، لم ينكسر، بل صعد، صعد كالسهم من ارض كربلاء، يترك خلفه صمتًا يجلجل في المدن، ويكسر زجاج النوافذ في قصور ملوك الطوائف ليخلع عن الأمة أقنعتها، وكشف سواد قلوبها، وجعلها ترى نفسها في مرآة الدم.
لم يطلب ثأرًا، بل ترك دمَه يسيل على وجوهنا، حتى نعرف أننا العار، على مدار التاريخ، ولم يصرخ، بل صارت صمته خطبة، ودمه نشيدًا، وغيابه كتابًا يقرأه الأحرار في كل زمان.
وإذا ما وصل إلى الملكوت، فليلقِ دمعة واحدة على هذه الأرض؛ لتصفع جبين أمةٍ أهدرت عمرها في المؤتمرات، وضيّعت وطنًا بين فنجان قهوة وخطاب خافت.
مضى… لكنه بقي، بقي في هدير البحر، في دمعة الأمهات، في عيون الأطفال الذين عرفوا أن الرجولة دمٌ يسيل لا كلمة تُقال، وأن الرحيل بصمت أقوى من هدير البحار، وثوَران البراكين، وقوّة الزلازل، ففي الصمت تُختصر المشاهد..
بقلمي العاجز عن التعبير
فمعذرة من أدباء النصوص
باحترام: د. محمد بدران

إغلاق