مكتبة الأدب العربي و العالمي
مقهى شيروز في آغرا
انطباعات بعض سياح شيروز بـ آغرا نقلها إلى العربية عبد الحفيظ الندوي

كنا نسير حول تاج محل في جولة ممتعة، وشعرنا بالجوع، فاقترح أحدنا قائلًا:
“لنذهب إلى شيروز! لا توجد فاتورة هناك… يمكنك تناول ما تريد ودفع ما تشاء. إنه مقهى تديره مجموعة من الفتيات.”
كان في كلماته شيء من التحدي، وكأنه استفزاز لنا، فقال آخر:
“لنذهب إذن… سنأكل حتى لا يبقى فيه شيء، وبضعة أيام فقط وسيغلق هذا المطعم. نحتاج إلى سبعة أشخاص فقط مثلنا… سبعة في ثلاثة، أي واحد وعشرون شخصًا… هذا كافٍ لإنهاء هذا المشروع!”
وبهذه الفكرة، انطلقنا نحو شيروز، ونحن نردد في أنفسنا:
“شيروز، نهايتك اقتربت!”
وصلنا إلى مبنى جميل مؤلف من طابقين، مزين بجدران تحمل رسومات رائعة.
“انظروا، هناك إنترنت مجاني أيضًا! هل جنّ هؤلاء؟”
في الطابق السفلي، كان هناك عدد من السياح الأجانب فقط، فتوجهنا إلى الطابق العلوي. جلسنا حول إحدى الطاولات، لكننا لاحظنا أن قائمة الطعام لا تحتوي على أي أسعار! تبادلنا النظرات والابتسامات، ثم جاءت النادلة وسألتنا بلطف:
“سيدي، ماذا تودون أن تطلبوا؟”
لكن عندما التفتنا لرؤيتها، صُعقنا!
كان وجهها يحمل آثار حروق شديدة… وجنتاها وشفاهها ورقبتها قد تشوهت تمامًا.
رغم ذلك، لم يكن هناك أي أثر للخجل أو الحزن في ملامحها، بل وقفت تبتسم بثبات.
بقينا صامتين. لم نستطع النطق بكلمة. غادرت الفتاة إلى الداخل، ونظرنا إلى اللافتة أسفل اسم المطعم:
“مقهى تديره ناجيات من هجمات الأسيد.”
في تلك اللحظة، اختفى شعورنا بالجوع والعطش تمامًا.
طلبنا ثلاثة أكواب من القهوة الباردة وبعض الباكودا فقط.
حينها، أدركنا أن هؤلاء النساء لسن ضحايا، بل محاربات!
لقد حاول أحدهم تدمير أحلامهن بحمض حارق، لكن قلوبهن كانت أقوى من أي مادة كيميائية. قاومن بأرواح مشتعلة رغم الندوب التي حفرت على وجوههن.
بعد أن أنهينا القهوة، نزلنا إلى الطابق السفلي. رأينا خمس فتيات يعملن في المقهى، جميعهن ناجيات من هجمات الأسيد.
على أحد الجدران، عُلّقت صورهن بابتسامات مفعمة بالثقة، دون أن يخفين وجوههن بأي وشاح.
وعلى الجدار المقابل، كانت هناك رفوف مليئة بالكتب، معظمها عن قضايا المرأة والفكر النسوي.
في أحد الزوايا، كان هناك مرشد سياحي يتحدث بصوت مملوء بالمشاعر الحساسة، يسرد قصص الناجيات للسياح الأجانب الجالسين بصمت دامع:
رُوبا، التي تعرضت للهجوم في الرابعة عشرة من عمرها على يد زوجة أبيها…
ريتو، أصغر أفراد عائلتها، تعرضت لاعتداء من إخوتها بسبب خلاف على الميراث…
غيتا، التي ألقى زوجها الأسيد عليها لأنها أنجبت بنتا للمرة الثانية، مما أدى إلى احتراق طفلتها الصغيرة التي كانت في حضنها حتى فارقت الحياة…
وأخريات، هوجمن فقط لأنهن رفضن عروض الحب!
كانت القصص مستمرة…
خرجنا من المقهى بصمت، لكن في داخلنا كان هناك ضجيج من المشاعر…
شعرنا بجفاف في الحلق، وبثقل في الصدر…
بالقرب من الباب، جلست إحدى الفتيات، فاقتربت منها وسألتها بصوت متردد:
“كم الحساب؟”
ابتسمت وقالت بهدوء:
“كما تشاء.”
أخرجنا ما تبقى معنا من أوراق نقدية، كلها من فئة المائة روبية، وأعطيناها إياها.
وفي طريق العودة، لم ينطق أحد منا بكلمة.
كل ما كان في أذهاننا هو وجوههن، وأصواتهن، وقصصهن…
أولئك اللواتي أرادت الحياة أن تهزمهن، لكنهن اخترن أن يهزمن الحياة!
أولئك اللواتي يثبتن للعالم أن الجمال الخارجي مجرد لحظة زائلة، أما القوة الحقيقية، فهي ما يسكن القلوب.