اخبار العالم العربي
دولة الإنسان عند إلامام علي (عليه السلام) “عهده لمالك الأشتر إنموذجا “
الكاتب والإعلامي د. علي موسى الموسوي
أشعر قلبك الرحمة للرعية، والمحبّة لهم ، واللطف بهم ، ولا تكونن عليهم سبعاً ضارياً تغتنم أكلهم فإنّهم صنفان : إمّا أخ لك في الدين أو نظير لك في الخلق يفرط منهم الزلل ، وتعرض لهم العلل ، ويؤتى على أيديهم في العمد والخطأ ، فأعطهم من عفوك وصفحك مثل الذي تحب وترضى أن يعطيك الله من عفوه وصفحه ، فإنّك فوقهم ، ووالي الأمر عليك فوقك ، والله فوق من ولاك وقد استكفاك أمرهم ، وابتلاك بهم ؛
نجد أنه أختصر المواطنة وهذا تعبير واضح عن التعايش السلمي فتجلت دولةالإنسان بأجمل صورها مابين السلوك الاجتماعيّ والقيم الحضاريّة لانه تقاس الحضارات برقي إنسانيتها وثقافتها وتطورها وسعيها الحثيث نحوّ أقامة العدالة الاجتماعية بين الناس فيكون الحاكم والمحكوم امام تطبيق العدالة في كل شيء فنرى الأسس التي وضعها الامام علي لتأسيس الدولة في ممارسته اليومية
بين المجتمع او من خلال عهده لولاته بتطبيق تلك المبادئ ليسود العدل والإنصاف ولا تكوّن هنالك دولة عادلة إن لم يضع لها قانون عادل يُطبق على القوي والضعيف بدون مجاملة وبدون تمييز حيث نرى أن الامام علي حيث جلس وهو الخليفة والحاكم امام يهودي وقبل بالحكم ضده لصالح اليهودي
كان الإمام كعادته يسير في الأسواق فشاهد في يوم من الأيام تاجراً يهودياً يبيع درعاً حربياً، نظر الإمام علي إلى الدرع جيداً، تعرف عليه، هو درعه الذي فقد منه في إحدى المعارك قال لليهودي: هذا الدرع درعي رد اليهودي: لا ليس لك، وإذا أردت أن تشتريه فاشتره. فقط كان رده الوحيد: الدرع درعي وأنا لا أكذب.. ومع هذا لم يقتنع التاجر بالجواب، فكان أن طلب من الإمام أن يحتكما إلى القضاء، وفي دار القضاء أمر القاضي شريح خليفته أن يقف إلى جانب خصمه وقال له: ما هي قضيتك ؟ . قال الامام : ان هذا الدرع لي رد اليهودي: لا، هذا الدرع أنا اشتريته، وأريد أن أبيعه. قال القاضي: يا أمير المؤمنين، أعندك من يشهد لك. قال الامام : نعم، عندي ولدي الحسن . رد القاضي: لا نقبل شهادة الولد لأبيه، هل عندك شاهد آخر قال: لا. قرر القاضي ان الدرع ملك للتاجر اليهودي .فيما التاجر لم يصدق ان خصمه خليفة المسلمين ، وان القاضي يحكم له وليس لصالح الخليفة ؛
ليعطي الصورة الواضحة والجلية عن دولة الإنسان دون تمييز بين المواطنين كلهم على مسافة واحدة لهم حقوق وعليهم واجبات وليس الحاكم مهما علا شأنه إلا وينقاد للقضاء ويرضخ لحكمه ونرى واقعة أخرى وهو يتجول في أسواق الكوفة
مرّ شيخ مكفوف كبير يسأل ، فقال أمير المؤمنين ( عليه السلام ) : ما هذا قالوا : يا أمير المؤمنين أنه نصراني ، فقال أمير المؤمنين ( عليه السلام ) : استعملتموه حتّى إذا كبر وعجز منعتموه ، أنفقوا عليه من بيت المال
هكذا كانت دولة الإنسان عند علي هذه العظمة التي يحملها بين طياته هي دروس لمن بعده ان الإنسان اكرم المخلوقات يجب الحفاظ على كرامته بغض النظر عن انتمائه وعقيدته ولونه وعلى الحاكم ان يكون عادلاً وقضية أخيه عقيل خير مثال
ذات يوم جاء للامام اخوه عقيل فرحب به الامام ولما حان وقت العشاء لم يجد عقيل على المائده غير الخبز والملح فتعجب وقال ليس الا ماارى فرد الامام اوليس هذا من نعمة الله وله الحمد كثيرأ وطلب عقيل منه مبلغا من المال لسداد دينه فقال الامام اصبر عني يخرج عطائي فانزعج عقيل وقال بيت المال في يدك وانت تسوقني الى عطائك فقال الامام ماانا الابمنزلة رجل من المسلمين فكان عقيل يلح على الامام ان يعطيه من بيت المال فقال الامام ان شئت اخذت سيفك واخذت سيفي وخرجنا معا الى الحيره فان بها تجارا مياسير فدخلنا على بعضهم فاخذنا مالهم فقال عقيل مستنكرا :اوسارقا جئت عندها اجابه الامام تسرق من واحد خير من ان تسرق من (بيت مال) المسلمين جميعا ثم احمى الامام حديده وقربها من اخيه واخذ عقيل يصرخ من حراة دخانها فقال له الامام اتأن من حديدة احميتها للعب وتجرني لنار سجرها خالقها لغضبه .
هو ذلك الدرس الكبير لنا وللانسانية جمعاء
هكذا كان طرح مشروع انساني عام كفكرة ونظرية، وقدرته على طرح نموذج تطبيقي بقي حيا في نفوس الاجيال التي مضت وتستلهمه الاجيال التي ستاتي فكان هو المشعل الدائم التوهج في تكامل المعرفة والواقع، وتكامل النظرية والتطبيق .