مكتبة الأدب العربي و العالمي

أختي_المتوفية الجزء الخامس والجزء السادس الاخير

.بينما كنت وضعت يدي على قبعة الطفلة ونزعتها عنها حتى كانت صدمتي حين رأيت أختي الصغيرة التي توفيت منذ أكثر من ثلاثة عشر سنة
خرجت أركض هارباً من تلك الحديقة تاركا أختي وفطيرتها اللعينة على ذلك المقعد الخشبي العتيق ثم بدأت أجوب المدينة بحثا عن تفسير لكل ما يحدث

وصلت الى الشارع الرئيسي الذي كان مكتظا بالناس كنت أبحث عن أي شي يخرجني من تلك الأجواء الشيطانية ولكنني بعد بحث لا جدوى منه وقعتُ يائسا أبكي على حافة الطريق بين المارة وما أقسى المارة حين لا يكترثون لمجنون مثلي وبين بكاءٍ منهمر وخوفٍ دفين شعرت بكفّ سيدةٍ عجوز قد انحنت تواسي حالتي اليائسة

نظرت في وجه تلك العجوز فكانت ملامحها مألوفة لي وكأنني قد رأيتها من قبل انحنت العجوز لي ممكسة بعكازها الخشبي ثم أردفت تقول: انهض يا ولدي مع ذكر إسمي

كنت أنظر لها بشيءٍ من الاستغراب نهضت من مكاني متسائلاً في ذهني عمن تكون هذه العجوز وكيف عرفت اسمي رغم أنني غريب عن هذه المدينة ورغم الخوف الذي احتل كياني إلا أنني سِرت مع تلك العجوز بكامل إرادتي

أدخلتني العجوز الى بيتها الواقع على أطراف تلك المدينة ثم ذهبتْ تصنع لي كوبا من الشاي  بالنعناع الساخن أما أنا فكنت منغمسا في مشاهدة الرسومات المعلقة على جدران المنزل

كان في ذهني آلاف الأسئلة التي لم أجد لها جوابا واحدا منذ انتقالي الى هذه المدينة ولعل هذه العجوز تنقذني مما أنا فيه وليتها فعلت ذلك.

بعد قليل من الوقت عادت تلك العجوز ممسكة بكوب النعناع وطلبت مني الجلوس على الطاولة الرخامية الواقعة في منتصف ذلك البيت الضخم جلسنا على الطاولة وكان سؤالي الأول لتلك العجوز هو: كيف عرفت اسمي؟

تنهدت العجوز وكأنها تنفث من زفيرها تاريخاً من الألم ثم قالت: أنا عمتك يا بني أنا الأخت الكبرى لوالدك
نظرت الى تلك العجوز والى تجاعيد وجهها التي تحكي سنين العذاب الذي تعرضت له كنت في صدمة مما أسمعه حتى أنني نسيت كل ما كان يخزنه عقلي من أسئلة مكتفيا بسؤال واحد وهو: لماذا أخفى عني أبي أمركِ يا عمّة؟

كانت ليلة مليئة بالصدمات بالنسبة لي اخبرتني عمتي كل الأسرار التي تتعلق بموت أختي الصغيره وكم كان صعبا علي معرفة بأن قات.ل أختي هو أبي

#أختي_المتوفية الجزء السادس__الأخير
.كان أبي من عبدة الشيطان  وكما أخبرتني عمتي أنه قد قدم أخته الصُغرى كأُضحية للشيطان أتذكر مرة أنني سألته عن عائلته وقال لي أنهم قد توفوا إثر حادث سير لقد كذب أبي علي وعلى أمي وعلى الجميع

وأخبرتني عمتي أن روح أختي ستظل مسجونة في ذلك القبو الى أن نضحي بدم.اء أحدهم بدلا منها
خرجت من منزل عمتي وكانت الشمس تلوح في الأفق البعيد وتوجهت مسرعاً نحو منزلي القديم لأنقذ صديقتي من روح أختي التي تتمثل بجسدها

وصلت المنزل مع غروب شمس ذلك اليوم وبدأت أقرع الباب بطريقة همجية وأنا أنادي عليها بصوت مرتفع
فتحت صديقتي الباب وقبل أن تنطق بحرف واحد أمسكت بيدها وأخذتها من المنزل

ذهبنا الى أحد فنادق المدينة وهنالك بدأت أسرد لصديقتي كل ما يحدث وفي مساء ذلك اليوم اتصلت بوالدي وطلبت منه المجيء الى المدينة بحجة أنني قد تعرضت لحادث أليم وطلبتُ منه أيضا عدمَ اخبار أمي كي لا تقلق علي وكانت غايتي الوحيدة من طلبي هي الإنتقام من أبي كي ترتاح روح أختي الصغيرة

في صباح اليوم التالي خرجنا من الفندق وذهبنا الى منزلي القديم كنت قد خططت لكل شيء برفقة صديقتي التي وضعت بعضا من الشاش الطبي حول رأسي وجلسنا ننتظر قدوم أبي الى ذلك المنزل

كانت الساعة تقارب الواحدة بعد الظهر حين وصل أبي للمنزل حيث نزلت صديقتي وفتحت له باب المنزل وبعد أن القى التحية عليها صعد أبي لغرفتي وحاولَ التخفيف عني

كنت أعلم أنه سيدخل الى ذلك القبو وخاصة بعد أن يلاحظ بابه المفتوح استأذن مني والدي قائلا لي ولصديقتي بأن نجهز أمتعتنا للرحيل ثم تركنا في الغرفة ونزل ليتفقد القبو

أما أنا فلحقت به ممسكا بعصا خشبية متينة وقمت بضربه من الخلف على رأسه وألقيته داخل القبو حتى ينال شر أعماله الشيطانية

كنت أسمع صوت جسده الذي يرتطم بجدران ذلك القبو المخيف وكأن الشياطين تلعب بجسده كما يلعب الأطفال بالكرة المطاطية بكيت كثيرا في ذلك اليوم بكيت على أختي وعمتي اللواتي ضحى بهن أبي للشيطان الذي يعبده وبكيت حتى على أبي الذي أسمع صوت تحطم عظامه داخل القبو

وها أنا الآن أتم عقدي الواحد والعشرين من السجن وكأنني أدفع ثمن جرائم أبي وشياطينه اللعينة وهل يفنى الأمل من غد أفضل

عن قصص وحكايات العالم الاخر

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إغلاق