مقالات

قراءة في كتاب: القرآن الكريم والتوراة والإنجيل والعلم، دراسة الكتب المقدسة في ضوء المعارف الحديثة (103)

بقلم: د. محمد طلال بدران - مدير دار الإفتاء والبحوث الإسلامية

الحمد لله وكفى، وسلام على عباده الذين اصطفى وبعد:
* ألتناسل الإنساني (4)
نذكر بالنقاط الأربعة الخاصة بالتناسل البشري والتي أشار إليها القرآن الكريم
1- يتم الإخصاب بفضل كمية من سائلٍ ضئيلة جدًا
2- طبيعة السائل المُخَصَّب
3- تعشش البويضة المخصبة
4- تطور الجنين
وكنا قد تحدثنا عن النقطتين الأولى والثانية وإليكم الحديث حول النقطة الثالثة والرابعة، أما النقطة الثالثة فهي:
3- تعشش البويضة المخصبة
تنزل البويضة لتُعشش في التجويف الرحمي بعد ان يتم تخصيبها، وذلك ما يسمى بتعشش البويضة، ويسمي القرآن الرحم الذي تتخذ فيه البويضة مكانًا: ﴿ونُقرّ في الأرْحامِ ما نَشاءُ إلى أجَلٍ مُسَمّى﴾ (الحج: 5) ويتحقق استقرار البويضة بالرحم بواسطة امتدادات حقيقية، وكما لو كانت بذورًا تضرب في الأرض، فإنها تنهل من جدار العضو ما يلزم لنمو الجنين، وهذه الامتدادات هي التي تجعل البويضة تتعلق بالرحم، ويرجع تاريخ معرفتها إلى العصر الحديث، ويشير القرآن خمس مرات إلى هذا التعلّق، أولًا في الآيتين الأولى والثانية من سورة العلق حيث يقول الله: ﴿ٱقۡرَأۡ بِٱسۡمِ رَبِّكَ ٱلَّذِي خَلَقَ* خَلَقَ ٱلۡإِنسَٰنَ مِنۡ عَلَقٍ﴾ وتشير كلمة “عَلَق” إلى ما يعلق بمعنى ما يتشبث بشيء… ويذكر القرآن تلك المعلومة في أربع آياتٍ أخرى تتحدث عن التحولات المتوالية ابتداءً من قطرة “الْمَنِيّْ” حتى تصل إلى نهاية الحمل ﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِن كُنتُمْ فِي رَيْبٍ مِّنَ الْبَعْثِ فَإِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن تُرَابٍ ثُمَّ مِن نُّطْفَةٍ ثُمَّ مِنْ عَلَقَةٍ﴾ (الحج: 5)
﴿ثُمّ خلَقْنا النُّطفةَ علَقَة﴾ (المؤمنون: 14) ﴿هُوَ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن تُرَابٍ ثُمَّ مِن نُّطْفَةٍ ثُمَّ مِنْ عَلَقَةٍ﴾ (غافر: 67) وقوله:
﴿أَلَمْ يَكُ نُطْفَةً مِّن مَّنِيٍّ يُمْنَى* ثُمَّ كَانَ عَلَقَةً فَخَلَقَ فَسَوَّى﴾ (القيامة: 37.38) وتجد في هذا السياق دقة القرآن المتناهية في وصف العملية، وهذا ما تم التعرف عليه واكتشافه فقط في العصر الحديث.
4- تطور الجنين في الرحِم
يقول الكاتب الباحث الناقد موريس بوكاي: يستجيب تطوّر الجنين في الرحِم كما يصفه القرآن تمامًا لما نعرفه اليوم عن بعض مراحل تطور الجنين، ولا يحتوي هذا الوصف على مقولة يستطيع العلم الحديث أن ينتقدها.
– إذ يقول القرآن إن الجنين بعد مرحلة التشبث وهو التعبير الذي رأينا إلى أي حدٍ هو مؤَسس على الحقيقة، يمر بمرحلة “المُضغة” (أي اللحم الممضوغ) ثم يظهر بعد ذلك النسيج العَظمي الذي يغلَّفُ باللحم ويعني لحمًا نضِرًا ﴿ثُمَّ خَلَقْنَا النُّطْفَةَ عَلَقَةً فَخَلَقْنَا الْعَلَقَةَ مُضْغَةً فَخَلَقْنَا الْمُضْغَةَ عِظَامًا فَكَسَوْنَا الْعِظَامَ لَحْمًا﴾ (المؤمنون: 14) المضغة تشير إلى ما يشبه اللحم الممضوغ.. ثم يتطور الهيكل العظمي في هذه الكتلة، وبعد تشكّل العظام، تتغطى بالعضلات، وعلى العضلات توافق كلمة لحم.. ويذكر القرآن ايضًا ظهور الحواس والأحشاء ﴿…وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ وَالْأَفْئِدَةَ…﴾ (السجدة: 9)
وكذلك يشير إلى الجنس ﴿وَأَنَّهُۥ خَلَقَ ٱلزَّوۡجَيۡنِ ٱلذَّكَرَ وَٱلۡأُنثَىٰ* مِن نُّطۡفَةٍ إِذَا تُمۡنَىٰ﴾ (النجم: 45.46)… ويختم بوكاي هذا الفصل بقوله: “إن مقولات القرآن عن التناسل البشري تُعبّر في ألفاظٍ بسيطة عن حقائق أولى أنفقت مئات السنوات لمعرفتها.
وانتظروا في مقالة الغد بمشيئة الله الحديث حول العنوان التالي: “القرآن والتربية الجنسية”
– مقالة رقم: (1695)
12. صَفَر. 1446 هـ
صباحكم طيب، ونهاركم سعيد، وجمعة مباركة
باحترام: د. محمد طلال بدران (أبو صُهيب).

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إغلاق