مكتبة الأدب العربي و العالمي

حكاية ثأر النّسوان من قصص بلاد الصعيد كوابيس الليل (حلقة 7)

إرتمى همّام على أوّل مقعد ، وقال لنعيمة : محاولا تخفيف توترها : لا شكّ أنّ عفريتا قد خرج لك من القبو !!! لم تضحك المرأة ،وردّت علبه : لقد حاول أحدهم قتلي، ولقد نجوت اليوم بطريقة مدهشة هل تتذكر تلك الجارة الغريبة الأطوار ؟ لقد هاجمتني الكلاب لكنها مدت يدها، وسحبتني إلى داخل دارها ،أخذ همّام يحملق فيها ،وهو يحاول أن يفهم ما جرى ،ثم قال :لا أرى سوى شخص واحد يفعل ذلك ،ثم نظرت إليه نعيمة وقالت ليس ذلك فقط فتفيد تقرأ أوراق التاروت ،وقالت أنه سيقع لك شيئ ،أنا أصدقها فهي عرفت أني حامل ،لكنه ربت عل كتفها وأجابها أن لا تقلق فسيذهب إلى المأمور ويقدم بلاغ ضد بدوي فهذا أمر لا يمكن السكوت عليه ،ثم قال :يريد الحرب ؟ سنرى من ينتصر في النهاية ،أما أنت فلا تغادري البيت ما دمت غائبا وسأعطيك شيئا أخفيه منذ أشهر طويلة إفتحيه لو أصلبني مكروه ،قالت نعيمة خذ لك إجازة بضعة أيام حتى نرى كيف تتطور الأمور ،أجابها المصنع ليس على أحسن ما يرام بسبب السلع المستوردة التي تملأ السوق ولا بد أن أشرف على كل شيئ بدوي له نفس المشكل وربما وضعه أكثر سوءا وهذا ما يفسر إصراره على شراء نصيبي المتواضع من المصنع .
سألته وبما سينفعه ذلك ؟ أجاب هذه قصة طويلة ،وستعلمين ذلك في الوقت المناسب،،والآن أريد أن اتعشى وأستريح فاليوم كان متعبا .وغدا ذهب همام للعمل رغم إلحاح إمرأته للبقاء معها فهي تحس بانقباض في نفسها ذلك الصباح ،ورغم محاولته لتطمينها إلا أن ذلك الإحساس كان قويا ولم تفلح كل محاولاتها لننسيان ما سمعته البارحة من جارتها ،ومر اليوم تريبا وهي تدعو الله أن يمر اليوم على خير فلو حدث لهمام شيئ فستضيع وهو من يفعل كل شيء دفع الإيجار ،والفواتير، صيانة المنزل لما حل المساء سمعت صوت إطلاق نار ،وأطل كل الجيران من نوافذ بيوتهم وهو يتساألون ما يحدث أما نعيمة فصاحت ربنا يستر ثم خ غطت رأسها ،وخرجت تجري ومن بعيد شاهدت سيارة متوقفة والناس يحيطون بها ويصرخون ولما إقتربت عرفت تلك السيارة فلقد كانت لهمام أما هو فكان هلى الأرض وأحد الأشخاص يحاول إسعافه ،لكن حرحه كان خطيرا ولم يلبث أن توفي بدأت نعيمة تندب وتمزق شعرها وحاول أهل القرية تهدأتها دون جدوى
وفي الأخير جاءت سيّارة الإسعاف ونقلتها للمستشفى مع زوجها وأعطوها حقنة مهدئة ثم جاء البوليس وسأها إن كان لزوجها أعدار ففكرت قليل ثم أجابت بالنفي وقالت أنه رجل لطيف ولا أعداء له وقفل الظابط المحضر وقيدت القضية ضدّ مجهول ،أما نعيمة فقالت في نفسها أعرف القاتل سيموت على يدي سأجعل إمرأته ليلى يبكي دما عوضا عن الدّموع ،لمّا رجعت نعيمة وجدت الجيران قد دفعوا السيارة أمام باب الدار وكان مقعد السائق ملطخا بالدّماء ومن الواضح أنّ المجرم أطلق عليه النار من النافذة فلم يكن على السيارة آثار رصاص .نامت المرأة حتى اليوم التالي ولم تستيقظ عادتها فلقد كانت تشعر بصداع عنيف وطول اليل لازمتها الكوابيس المرعبة وترى زوجها يفتح فمه ،ويمدّ لها محفظة صغيرة من الجلد البنّي ،ولما نهضت من فراشها ،وجدت أنّ الساعة تجاوزت منتصف النهار،ولم تكن ل ترغب لا في الأكل ولا الشرب ،ثم خطر لها أن تذهب لجارتها تفيدة ،لعلها تجد عندها بعض التسلية ،ولما رأتها فتحت لها الباب ،وأحضرت لها مشروبا ساخنا من الزنجبيل والليمون فترشّفته ،ثم هدأت قليلا وحكت لها عن الكابوس التي رأته في أحلامها ، وأنه يكاد يكون حقيقة .
أجابتها تفيدة أنّ بعض الأرواح تبقى معذّبة لأنّها لم تكمل مهمّتها ،وهي تعتقد أنّها مازالت حيّة ،ولم تمت وروح همام لن ترتاح إلا بعد أن تسلمك المحفظة ،أجابت نعيمة بخوف: هل تعنين أنه سيظهر لي من عالم الأموات ؟ قالت تفيدة : لا أعرف، ولكنه سيجد وسيلة للاتّصال بك .عادت نعيمة إلى الدار وفجأة تذكرت ما قاله همّام من أن أخاه يريد شراء حصّته من المصنع لسبب لم يفصح عليه، فهل محتوى المحفظة يتعلق بهذا الموضوع ؟ جائز جدا ،ثمّ تساءلت، وماذا يوجد فيها، لتقع جريمة بسببه ،ثم فكرت قليلا ،وضربت كفّا بكفّ ،وقالت :كم أنا مغفّلة !!! وهل يوجد ما يهتم به بدوي غير الثراء ؟ من الماكّد أنّ زوجي قد وجد شيئا تحت المصنع ،وهو يريده أن يكون من نصيبي ،رحم الله همّام إبن الأصول ،لقد فكر فيّ أثناء حياته ومماته ،ولا تريد روحه أن ترحل قبل أن تطمئن أنّه لا ينقصني شيئ …

يتبع الحلقة 8

ك

حكايا زمان

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إغلاق