مقالات

طريق درب الآلام في القدس

أ.د. حنا عيسى – أمين عام الهيئة الإسلامية المسيحية لنصرة القدس والمقدسات

كيلو متر واحد من المساحة زخر بقدسية وتاريخ كبيرين، درب بين أزقةالقدس القديمة عبقت بقدسية مدينة الديانات، وسار بها الآف من الزواروالحجاج على درب المسيح عليه السلام، مبتهلين ومتضرعين بالدعاء،لتنقش على الحجارة صلواتهم وفي تاريخ القدس آمالهم وأدعيتهم.

طريق الآلام هو طريق لا يتعدى طوله كيلومتر واحد، وبحسب المعتقدالمسيحي هي الطريق التي سلكها السيد المسيحعليه السلاممنالمحكمة إلى جبل الجلجثة حيث تم صلبه، وقد سميت بهذا الإسمنسبةً للآلام التي عاناها المسيح في الطريق. وتبدأ من باب الأسباطوتنتهي في كنيسة القيامة، وتحوي الطريق 14 مرحلة 9 منها فيالطريق نفسه، وآخر 5 مراحل داخل كنيسة القيامة، وهو طريق مليءبالكنائس والمزارات.

تبدأ مراحل درب الآلآم المعروفة أيضا بدرب الصليب أو طريق الجلجلة،من حارة باب حطة حيث تقع المدرسة العمرية المعروفة تاريخيا باسمالمدرسة الجاولية، وتنتهي في داخل القبر المقدس بكنيسة القيامة،وتنقسم المراحل إلى قسمين: القسم الأول خارج كنيسة القيامة ويتألفمن تسع مراحل، في حين أن المراحل الخمسة المتبقية تقع داخلالكنيسة نفسها.

تعتبر طريق الالام مقدسة في نظر المسيحيين في العالم، لأنهميعتقدون أن هذه الطريق هي التي سلكها السيد المسيحعليه السلاموالصليب مربوط على ظهره إلى أن بلغ المكان المعد لصلبه وسطجنود الرومان اللذين كانوا يقتادونه.

وترجع الجذور التاريخية لطقوس درب الآلآم وفقا لبعض المؤرخين إلىالفترة الفرنجية التي بدأت بعد احتلال القدس في سنة 1099م، فيحين أن مصادر سجلات المحاكم الشرعية في القدس لم تعرج على ذكرطريق الآلآم في أي من وثائقها، واكتفت بالإشارة إلى عقبة الظاهريةوالتي تعرف اليوم باسم عقبة الآلآم أو عقبة المفتي أو المراحل.

والظاهرية هي زاوية من العصر المملوكي ما زالت قائمة في منتصفهذه العقبة، وقد عادت تسمية الطريق من جديد بدرب الآلآم من خلالمشاهدات وكتابات المستشرقين الأوروبيين في النصف الثاني منالقرن التاسع عشر الميلادي.

وتشهد مدينة القدس بعد ظهر كل يوم جمعة من أيام الصوم عندالنصارى طقوسا يشارك بها سكان المدينة وزوارها والحجاج النصارىالقادمين من الخارج، حيث تنظم حراسة الأراضي المقدسة للآباءالفرنسسكان مسيرات على درب الآلآم يحمل خلالها المشاركون صلباناخشبية كبيرة تيمنا بالسيد المسيح عليه السلام.

مراحل الآلام:

المرحلة الأولى:

تبدأ من مقر الوالي تيطس الذي أصدر منه حكم الصلب على السيدالمسيح، ويعتقد معظم المؤرخين أن هذا المقر كان يوجد في مكان ما فيالبقعة التي تقوم عليها الآن مدرسة الروضة ومدرسة راهبات صهيونوما بينهما، وأنه هناك تتم تتويج السيد المسيح بإكليل من الشوك.

المرحلة الثانية:

ويعتقد النصارى أن الجند قاموا بتحميل الصليب إلى السيد المسيح،وأنه في هذا المكان قام الوالي بمخاطبة اليهود المجتمعين قائلا لهمEcceHomo أي هذا هو الرجل، لهذا فقد أقيم في هذا المكان قوسيسميه المسيحيون بهذا الاصطلاح EcceHomo، وهوجزء من العمارةالتي تملكها راهبات صهيون.

المرحلة الثالثة:

وهي تقع عند الزاوية القائمة عند مفترق الطريقين، طريق الآلآموالطريق التي تصل بين الواد وباب العمود، حيث يقوم دير الأرمنالكاثوليك، وهنا يعقتقد المسيحيون أن السيد المسيحعليه السلاموقع مغشيا عليه.

المرحلة الرابعة:

وهي على بعد أمتار من المرحلة التي سبقتها، ويعتقد المسيحيون أنهفي هذه المرحلة التقى السيد المسيحعليه السلاممع أمه مريمالبتول.

المرحلة الخامسة:

تقع عند الزاوية الكائنة عند ملتقى طريق الواد بأول العقبة المعروفةبعقبة المفتي، ويعتقد المسيحيون أن في هذه المرحلة شعر السيدالمسيح  بثقل الصليب وكاد يسقط على الأرض، فقام سمعان القيروانيوساعده في حمله.

المرحلة السادسة:

وفيها قامت المرأةفيرونيكابمسح عرق السيد المسيح، وفي هذاالمكان يوجد منزل القديسة فيرونيكا وقبرها.

المرحلة السابعة:

وتقع عند ملتقى درب الآلآم بالطريق التي تربط باب خان الزيت ببابالعمود، ويعتقد أنه في هذه المرحلة خرج السيد المسيح من المدينة،وسقط مغشيا عليه للمرة الثانية.

المرحلة الثامنة:

وتقع في عقبة الخانقاه عند الدير المعروف بدير مار لامبوس للرومالأرثوذكس، وهنا يعتقد المسيحيون أن السيد المسيح خاطب المرأة التيكانت تسير من خلفه باكية: “لا تبكي علي بل ابك على بلدكنالقدسالتي ستؤول إلى خراب“.

المرحلة التاسعة:

تقع عند دير الأقباط إلى الشرق من كنيسة القيامة، حيث رزح المسيحتحت الصليب من شدة التعب.

المرحلة العاشرة:

وهي داخل كنيسة القيامة نفسها وتتضمن تعرية المسيح.

المرحلة الحادية عشر:

وتم فيها وضع المسامير في يدي السيد المسيح على الصليب.

المرحلة الثانية عشر:

وتشمل موت السيد المسيج على الصليب.

المرحلة الثالثة عشر:

وهي إنزال السيد المسيح عن الصليب، ويرمز إليها بالمغتسل أو حجرالتحنيط في كنيسة القيامة، وهناك يقف المؤمنون ويحاولون تلمسالحجر.

المرحلة الرابعة عشر:

وتشمل دفن السيد المسيح وقيامته، ويرمز لها بالقبر المقدس.

وتمثل المشاركة في هذه الدرب معنى اجتماعي ـــــ ديني عميق. فهورفض للزمن وإعادة إحياء لواقعة حدثت قبل ألفي عام، إيماناً بأن هذاهو الدرب الذي سلكه المسيح، فمثّل إلهاماً لأعداد لا تحصى منالبشرية طوال قرون، إذ يأخذ طابعاً خاصاً في عيد الفصح، فيسيرونفيه فرادى أو مجموعات قبل عيد الفصح وبعده. ومثل باقي أزقة بلدةالقدس القديمة وشوارعها، فعلى طول هذا الدرب وضعت سلطاتالاحتلال كاميرات مراقبة، تنقل كل ما يحدث إلى غرفة عمليات يديرهاحتلال جاثم على قلب المدينة المقدسة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إغلاق