الدين والشريعة

أهل الكتاب بين جدلية الكفر والارهاب / وحيد راغب

أهل الكتاب بين جدلية الكفر والارهاب
من رؤيتنا الواقعية أن من أسباب , بل يكاد يكون سبب الطائفية ,أو التحارب بين مجموعة من المسلمين , الذين لم يتعمقوا فى فهم معنى كلمة أهل الكتاب التى ذكرها الله كثيرا فى كتابه الكريم القرآن العظيم , وهو الكتاب الخاتم الذى لامرجعية بعده .. هو أن أهل الكتاب مشركون وكفار متساوون مع الوثنيين وارباب الاصنام .. ولكن الحقيقة ما توجد آية فيها اليهود والنصارى الا ذكرنا الله عز وجل بأهل الكتاب , ولم يخرج عن هذا الوصف الى الكفر أو الشرك , وذلك لأنهم فى الأصل أهل توحيد , وستظل طوائف منهم على التوحيد , وان لم يعترف بها من أهل التثليث الأخير , كما أن أهل التثليث الأخير مختلط عليهم الفهم فى الاقانيم الثلاثة ( الآب والابن وروح القدس ) أو اختلط على البعض أن عيسى “ع” إله وأمه مريم إله , هى عقائد ليست يقينية , لذلك تخبطوا فى المفهوم هل الثلاثة أقانيم ثلاثة آلهة , فهم يقولون بالنفى , وانما هى واحد مع اختلاف الطبيعة , اى فلسفة جدالية غير يقينية أو مفهومة ,أو مايسمونه التقاء الناسوت متمثلا فى جسد عيسى الارضى المخلوق والمولود مع اللاهوت وهو الاله الحق اله السماء والارض واندماج الطبيعتين , وهذا من قبل الفلسفة ايضا الغير يقينية , اما ان عيسى اله وامه مريم اله فهنا تعددالآلهة وكأنهم رجعوا الى الآلهة اليونانية والرومانية التى تقول ان امن البشر آلهة ونصف آلهة , فهو خلط بين العقيدة الصحيحة والاساطير التى نادت بتعدد الآلهة .
ولكن الحقيقة التى يبينها الله لنا هنا والتى تقطع الشك عند المسلمين أن أهل الكتاب لم ينزع الله عنهم كلمة أهل الكتاب الى الكفرية والشركية حتى بعد اختلاط الامر عليهم وسوء فهمهم لعقيدة التوحيد أو انحرافهم عن التوحيد , وليفهم ذلك المتطرفون والذين دائما ما يسببون التحارب مع أهل الكتاب وازدرائهم ونشر الطائفية تعالوا الى الايات لنفهمها جيدا :قال تعالى :
” يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لا تَغْلُوا فِي دِينِكُمْ وَلا تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ إِلاَّ الْحَقَّ إِنَّمَا الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ رَسُولُ اللَّهِ وَكَلِمَتُهُ أَلْقَاهَا إِلَى مَرْيَمَ وَرُوحٌ مِنْهُ فَآمِنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ وَلا تَقُولُوا ثَلاثَةٌ انتَهُوا خَيْراً لَكُمْ إِنَّمَا اللَّهُ إِلَهٌ وَاحِدٌ سُبْحَانَهُ أَنْ يَكُونَ لَهُ وَلَدٌ لَهُ مَا فِي السَّمَوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ وَكَفَى بِاللَّهِ وَكِيلاً (171) لَنْ يَسْتَنكِفَ الْمَسِيحُ أَنْ يَكُونَ عَبْداً لِلَّهِ وَلا الْمَلائِكَةُ الْمُقَرَّبُونَ وَمَنْ يَسْتَنكِفْ عَنْ عِبَادَتِهِ وَيَسْتَكْبِرْ فَسَيَحْشُرُهُمْ إِلَيْهِ جَمِيعاً (172) فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ فَيُوَفِّيهِمْ أُجُورَهُمْ وَيَزِيدُهُمْ مِنْ فَضْلِهِ وَأَمَّا الَّذِينَ اسْتَنكَفُوا وَاسْتَكْبَرُوا فَيُعَذِّبُهُمْ عَذَاباً أَلِيماً وَلا يَجِدُونَ لَهُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَلِيّاً وَلا نَصِيراً (173) يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَكُمْ بُرْهَانٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَأَنزَلْنَا إِلَيْكُمْ نُوراً مُبِيناً (174)النساء
فاختلاط التوحيد على اهل الكتاب اعتبره الله غلوا فى الدين ” يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لا تَغْلُوا فِي دِينِكُمْ”ولم يخرج الغلو أو التطرف فى فهم التوحيد الى الكفر أو الشرك , وبناء عليه كان حسابهم على الله فى الآخرة ( لاننا كمسلمين نعيش معهم ونأكل من أكلهم ونتزوج منهم ونتعايش معهم فى الوطن طالما لم يعتدوا علينا ويحاربونا كأهل كتاب وأصحاب ذمة وعلمنا ذلك رسول الله “ص” فى أحاديثه أنه خصيم من يقتل معاهدا وذميا , وانه لا يشم رائحة الجنة من يقتل ذميا , وتزوج رسول الله “ص” من مارية القبطية واوصانا باقباط مصر لانهم اهل صهر ونسب , وتزوج كثير من الصحابة الكتابيات يهود ونصارى ومنهم شاعر الرسول حسان بن ثابت تزوج باخت مارية القبطية امنا )
فالله عز وجل المحاسب لهم وليس نحن كبشر , فلم يطلق الله للمسلمين محاسبة أحد على عقيدة فى الدنيا “) فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ فَيُوَفِّيهِمْ أُجُورَهُمْ وَيَزِيدُهُمْ مِنْ فَضْلِهِ وَأَمَّا الَّذِينَ اسْتَنكَفُوا وَاسْتَكْبَرُوا فَيُعَذِّبُهُمْ عَذَاباً أَلِيماً وَلا يَجِدُونَ لَهُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَلِيّاً وَلا نَصِيراً (173)
ولهذا حتى فى عقيدة الصلب والصليب يبين لنا المولى عز وجل انها عقيدة ليست يقينية وانما اختلط عليهم الصلب لما ألقى الله عز وجل صورة المسيح على يهوذا وغيره من الحواريين , فهم قتلوا شبيه المسيح “ع” وانما رفع المسيح , اذن الامر اختلاط والقاء شبه , ولهذا ضل الكثير فى عقيدة الصلب هذه قال تعالى :
” وَقَوْلِهِمْ إِنَّا قَتَلْنَا الْمَسِيحَ عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ رَسُولَ اللَّهِ وَمَا قَتَلُوهُ وَمَا صَلَبُوهُ وَلَكِنْ شُبِّهَ لَهُمْ وَإِنَّ الَّذِينَ اخْتَلَفُوا فِيهِ لَفِي شَكٍّ مِنْهُ مَا لَهُمْ بِهِ مِنْ عِلْمٍ إِلاَّ اتِّبَاعَ الظَّنِّ وَمَا قَتَلُوهُ يَقِيناً (157) بَلْ رَفَعَهُ اللَّهُ إِلَيْهِ وَكَانَ اللَّهُ عَزِيزاً حَكِيماً (158) وَإِنْ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ إِلاَّ لَيُؤْمِنَنَّ بِهِ قَبْلَ مَوْتِهِ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكُونُ عَلَيْهِمْ شَهِيداً (159)النساء
اذن عقيدة الصلب ظنية وشكية وليست يقينية نتيجة القاء شبه المسيح على كثير من الحواريين ” وَمَا قَتَلُوهُ وَمَا صَلَبُوهُ وَلَكِنْ شُبِّهَ لَهُمْ وَإِنَّ الَّذِينَ اخْتَلَفُوا فِيهِ لَفِي شَكٍّ مِنْهُ مَا لَهُمْ بِهِ مِنْ عِلْمٍ إِلاَّ اتِّبَاعَ الظَّنِّ وَمَا قَتَلُوهُ يَقِيناً (157
ولكن عقيدة الرفع وعدم الصلب ايمانية غيبية , لهذا ما نجا منها الا القليل المؤمن الذى أراه الله الحق بالرفع وعدم الصلب : “وَإِنْ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ إِلاَّ لَيُؤْمِنَنَّ بِهِ قَبْلَ مَوْتِهِ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكُونُ عَلَيْهِمْ شَهِيداً (159)النساء
نستخلص من اللف والدوران من أجل الطائفية والتحارب وجعل الدنيا قتال وشر , ناتج من عدم فهم ما قلناه آنفا .. ان الله لم يخرج اهل الكتاب الى الكفر والشرك مع الغلو والظن وانما ناداهم بيا أهل الكتاب . هل فككت الشفرة عن عقول لم تفهم الايات جيدا وتسببت فى التطرف والارهاب ظنا منهم انهم يمتلكون الفهم الصواب اليقينى فى الايات . الآن وضح الأمر وليرجع عن فهمه الظنى من تمسك به فأهلكه وأهلك غيره .
واتمنى أن من قرأ المقال هذا ينشره للكل ليفهم ويرتدع من أدى به خطأ فهم الى مزيد من الطائفية والقلقلة وسفك الدماء .
الشاعر وحيد راغب

مقالات ذات صلة

إغلاق