أخبار عالميه

عودة الإتحاد السوفيتي

عودة الإتحاد السوفيتي

تحدث رئيس الدولة الإنفصالية عن أوكرانيا، وقال بكل وضوح: إن أوكرانيا دولة صناعية إفتعلها الغرب وهي جزء من “روسيا الأم” ويبدو أن هدف الحرب هو “عودة الإتحاد السوفيتي” وإن الحرب لن تنتهي عند المسألة الأوكرانية، إنما ستمتد إلى السيطرة على جميع جمهوريات الإتحاد السوفيتي.

ويبدو كذلك أن الطريق مفتوح لروسيا فأمريكا لن تخوض أي حرب بعد هزيمتها المُذلة في أفغانستان، وهي ليست كأمريكا ما بعد الحرب العالمية الثانية، فهي الآن منهكة من كل جانب، والإتحاد الأوروبي كذلك يعيش حياة الرفاهية، ولا يريد خوض أي حروب، ولا يستطيع تحمل تكلفتها، والأهم من ذلك لا يجد رجال أشداء تقاتل على الأرض. ولا تملك أمريكا ولا الإتحاد الأوروبي شيئاً سوى العقوبات الإقتصادية، ويبدو أن روسيا مستعدة لهذه العقوبات، وتحاول التقليل من آثارها بالتبادل التجاري مع حلفائها بالعملة المحلية، وبأنظمة دفع مالية خاصة بها. حتى الإدانة في مجلس الأمن الدولي لن تستطيعها بسبب حق روسيا والصين في الفيتو، ومن ثم سيُعاد تشكيل العالم والنظام الدولي مرة أخرى على أسس قديمة جديدة: أمريكا والإتحاد الأوروبي من جانب، والإتحاد السوفيتي والصين من جانب آخر. وربما ستشجع هذه الحرب الصين على ضم تايوان كذلك، وإستعادة السيطرة كاملة على بحر الصين الجنوبي. فهذه المرة لا يوجد أسس أيديولوجية تسوق بها “روسيا الأم” نفسها، فقد تحدث رئيس الإنفصاليين وكذلك بوتين رئيس روسيا عن الدين أكثر من مرة ومن ثم فلا أيديولوجية “شيوعية إشتراكية” كالتي كانت في السابق، وأمريكا والإتحاد الأوروبي قد أفلس من مزاعمه حول الحرية والديمقراطية وآخرها وليس آخرها فضيحة خطف الأطفال بالسويد. وعليه فلا ندري ما هي القيم الأخلاقية والفكرية التي سيقدم بها النظام الدولي نفسه، فلا يوجد شيء غير الإقتصاد في ظل إنفجار متوقع لفقاعة “الربا” التي تنذر بكارثة إقتصادية عالمية، حتماً سيواجهها جيل من الأجيال.
وتداعيات هذه الحرب على عالمنا العربي والإسلامي هو: إرتفاع أسعار الغذاء والطاقة وقد إرتفع بالفعل الغاز الطبيعي في العقود الآجلة إلى 31% بالإضافة إلى هزة كبيرة في العملات الضعيفة، والبورصات. وهذه تداعيات اليوم الأول فقط. وأحسب أن هاجس الجميع سيكون الإقتصاد وتوفير الموارد. وربما قد يسبب كذلك حروباً بين الدول الضعيفة على هذه الموارد وإغراء البعض بسهولة خوض الحروب في ظل إهتزاز النظام الدولي، وانشغاله بنفسه. أما العائلات الخليجية الحاكمة حيث لا يوجد نظام سياسي ستجني ثروات طائلة من وراء إرتفاع أسعار الطاقة، لكن هذه الثروات الفائضة قد تكون لعنة عليها ومحل طمع فيها. في ظل الأزمات الإقتصادية ومحاولة توفير قوت الشعوب التي هي مستعدة للثورة مرة أخرى عندما لا تتوفر مقومات الحياة في الدولة العربية الفقيرة. وستحاول أمريكا والإتحاد الأوروبي الحفاظ على مصالحهم في العالم العربي، وستحاول روسيا إيجاد موطن قدم لها كما سبق لها أن فعلت في سوريا وليبيا، وبعض دول إفريقيا. وفي حال دعمت روسيا الحكومات قد تدعم أمريكا قيام ثورات جديدة، وفي حال دعمت روسيا الثورات، قد تدعم أمريكا الحكومات. أما الحديث عن الحرية والديمقراطية سيصبح حديثاً مستهلكاً لا قيمة له فأمريكا وأوروبا لم تكن تروج للديمقراطية على أساس أنها فلسفات وآليات إنما مشروع حضاري ليبرالي رأسمالي في مقابل المشروع الحضاري الاشتراكي الشيوعي وقد إنهارت كل هذه المشروعات، وانكشف زيفها لذا سيكون التركيز كله إقتصادياً، حول ضمان توفير الموارد. خاصة بعد أزمة كورونا، والأزمة الإقتصادية العالمية وأزمة الديون التي كانت قبل كورونا، وزادتها كورونا حدة وعنفواناً، وبالطبع مصلحة الأمة المسلمة ليست مع أمريكا والإتحاد الأوروبي، ولا مع روسيا والصين. مصلحة الأمة المسلمة في إسلامها لله وتخلصها من الطغاة والمفسدين وتوحدها أمام جميع أعدائها حتى تتمكن من مواجهتهم مجتمعة موحدة، فتكون محترمة ومرهوبة الجانب أمامهم.
وليس أمامنا إلا الدعاء وهو عند الله مخ العبادة أن يُهلك الظالمين بالظالمين، وأن يبصرنا طريقاً رشدا نتحرر فيه من عملاء وخونة وأئمة مضلين تسلطوا على هذه الأمة ليُفسدوها وليلبسوا عليها دينها وأمنها ورسالتها. وقد تأتي الفرصة لهذا الخلاص، فعسى الله أن يرزقنا القيادة الراشدة التي تأخذنا بالحق للحق، إنه ولي ذلك، والقادر عليه سبحانه.

#بيت_الأحباب

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إغلاق