مكتبة الأدب العربي و العالمي

الحطاب_والقرد النصف الثاني

ومن يدريني أنّك لم تسرق ذلك الذّهب ،فليس لك شيئ من طباع السادة والأشراف !!! ثم ذهبت لأبيها لتشكوه …

أحس الحطاب بالحرج ،ولم يعرف ماذا سيجيب لو سأله الملك، فهو يعرف سطوته وغضبه ،وربّما شكّ فيه ،فلم يجد حلا سوى أن ينادي صديقه القرد وأخبره بالحكاية ،ففكّر قليلا ،ثمّ همس له بشيئ في أدنه ،فقال: الحطاب يا لها من فكرة لا تخطر على بال !!! وراح من حينه إلى قصر الملك ،في أبهى زينة، ،ولمّا مثل في حضرته أتاه الخدم بآنية من الفضّة فيها شراب جوز الهند ف،نظر إليه باستعلاء وقال أنا لا أشرب إلا في الذّهب يا غلام!!!

فزاد غضب الملك، واحمرّت عيناه ،وصاح: أرى أن وقاحتك قد زادت عن حدّها، بالأمس تسخر من ابنتي، واليوم من آنيتي !!! أجابه: أعزّ الله الملك إنّما ضحكت البارحة لأنّك كنت تطلب وزن الأميرة ذهبا ،وهذا لا يليق بمقامها ،ولو كنت أنا مكانك لطلبت قصرا من الذّهب تعيش فيه !!! دهش الملك، وسأله لكن هل توجد قصور الذّهب ؟ أجابه : نعم يا مولاي، وفي القرية التي كنت أسكن فيها الناس أغنياء لدرجة أنّ الفضّة لا يشرب فيها إلا العبيد والخدم ،فنظر الملك إلى ابنته : وقال : لقد ظلمنا زوجك ،هيّا اعتذري منه ،وهو على صواب ،فلم نعطك حقّ قدرك !!!

لمّا رجعت الأميرة إلى قصر زوجها ،قالت : في نفسها: ما هذا الرّجل إلاّ كذّاب ،ولقد أحرجني عند أبي ،لكني سأنتقم منه على خبثه ،فذهبت لأيها، و،قالت له : أطلب من ذلك الرّجل أن يحملني إلى قصر من الذهب ،وسنرى إن كان صادقا في زعمه أم لا !!!فناداه الملك ،وطلب منه تحقيق رغبة ابنته ،وإلا ضرب عنقه على كذبه ،فجاء الحطاب إلى القرد وقال له :إني في ورطة لا مخرج منها ،فهيا نهرب،قبل فوات الأوان!!! لكن القرد قال له: هل تريد البقاء مع الأميرة أم لا ؟ أجاب الحطاب : إنها صغيرة وجميلة ،لكنها تشكّ في أمري ،قال القرد حسنا : هذه المرّة سننهي شكوكها ،وسيأدّبها أبوها ،ثم قال له : هل سمعت بالمدينة الذهبية التي كان يسكنها الكهنة ؟

أجابه الحطاب :ومن لم يسمع بها؟ فلقد كان بها أعظم آلهة النوبة لكنّها خرافة ولا وجود لها ،قال القرد :هاذا ما تعتقدونه !!! ،والآن استعد أنت وامرأتك للرّحيل ،فسآتيك غدا صباحا ،جرى القرد إلى الجبال القريبة ،ودخل إلى مغارة مليئة بالقرود ،وقال لهم سآتي صحبة الحطاب و إبنة ملك النّوبة ، وأريد الهدوء ،فهم ليسوا من الأعداء ،ولن يلأخذوا شيئا هنا .

وفي الصّباح سار جملان وسط الصّحراء ،حتى وصلا الجبل ،وطبعا كانت الأميرة تسخر طول الطريق من الحطاّب ،ولمّا دخلت المغارة إنعقد لسانها من الدّهشة ،لقد كان هناك منجم كبير من الذهب ،والعروق تتدلى من السقف حتى الأرض مشكّلة أعمدة ،ذهبية وكاتت الجدران الصخرية تلمع ببريق يخطف الأبصار، أما القرود فكانت تقفز وتصيح ،وتجيئ تحت أقدام تمثال كبير برأس أسد ،وتضع قطع الذهب والأحجار الكريمة ،حتى أصبح كومة كبيرة ،قال الحطاب للأميرة: هل صدّقت ما قلته لك ؟ و الآن سأتركك في مدينتك ،وأمشي ،فترجته أن يحملها معه فلن تطيق مئات القرود التي تقفز أمامها ،همس القرد للحطاب: مع الأسف لا يمكنك أن تأخذ شيئا من هذا المال، فمن أقدم الزمان تحرسه القرود ،فسأله الرجل وكيف علمت بأمر هذا المكان ؟ أجاب القرد : لأني ملكها ،وقد خرجت يوما للغابة ووقعت في شباك ذلك الصياد ،وبقية الحكاية تعرفها ،والآن سأوصلك إلى قصرك ،وأعود إلى مملكتي بعدما زوّجتك من الأميرة كما وعدتك ،ولن تراني بعد ذلك ،أما المغارة فستسقط الحجارة من أعلى الجبل وتسدّ بابها ،ولن يدخلها أحد حتى آخر الزمان..

النهاية

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إغلاق