مقالات
على متن طائرة (قصة ملبارية) ترجمها أ .د. عبد الحفيظ الندوي

أخبر مَجِيد أصدقاءه في مجموعة الواتساب بأنه عاد من السفر إلى الوطن، فقال أحدهم ممازحًا:
– “يا جماعة، لما نكون مسافرين، الأفضل ألا نتابع الأخبار أبداً!”
فسألوه:
– “ولماذا؟”
قال مجيد:
– “كنت في المطار، أتممت إجراءات الدخول، وجلست بانتظار صعودي إلى الطائرة. وفجأة انهالت الرسائل في المجموعة، والكل يتحدث عن خبر عاجل: حادث طائرة لإيرإنديا، والسبب؟ إطفاء مفتاح تزويد الوقود في المحرك! بل إن أحدهم اتصل بي شخصيًا وقال: ” انتبه! إنت ماشي بإيرإنديا، خليك حذر!””
– “وماذا حصل بعد ذلك؟”
قال مجيد:
– “بصراحة، بدأت أفكر كثيرًا وأتخيل كل السيناريوهات، حتى شعرت بالخوف والعرق يتصبب مني.”
– “ثم؟”
قال:
– “جاء وقت الصعود، وأنا بدون أي راحة نفسية، فذهبت مباشرة إلى ذاك الشاب الذي يقف بجانب باب الطائرة، يرتدي زيًا أبيض وأزرق، وسألته: “عفوًا، حضرتك الطيار؟””
فقال لي الشاب مبتسمًا:
– “نعم، أنا قائد الطائرة.”
قلت له بقلق:
– “مفتاح البنزين شغال، صح؟ ما نسيتوش؟”
فقال:
– “أي بنزين؟”
قلت:
– “المحركان الموجودان مثل حبَّتي الأومكا، البنزين يدخل فيهما، صح؟ لو انطفأ المفتاح، بنطيح يا كابتن!”
فقال لي:
– “لا تخف، كل شيء يعمل على ما يرام.”
قلت له:
– “بس بالله، توريني المفتاح.. علشان أرتاح شوي..”
ضحك وقال لي: “ممنوع يا سيدي.”
لكنّ سؤالي هذا سبّب لي مشكلة!
فجأة بدأ الطاقم كلهم ينظرون إليّ بريبة. ظنوا أنني مشبوه أو عندي نية غريبة! حاولوا أن ينزلوني من الطائرة!
فقلت لهم بسرعة:
– “والله أنا بس خايف! آسف! والله آسف!”
فأعادوني إلى مقعدي بعد تدخل الطاقم.
قال لي أحدهم:
– “في أحد يسأل الطيّار عن مفتاح البنزين؟!”
قلت:
– “والله لما فكرت كثير، أحسست بألم في معدتي! مع إني سافرت أكثر من مرة، لكن ما أدري ليش هالمرة كنت خايف جدًا.”
قال أحد الأصدقاء:
– “كويس إنهم ما نزلوك..”
وفجأة، جاءت مضيفة جميلة، تحمل دفترًا وورقة، وسألتني:
– “مستر، ليش بدك تشوف مفتاح البنزين؟”
فقلت لها:
– “يا أختي، بصراحة أخاف إنو المفتاح اللي صار فيه الحادث، يكون موجود تحت المقعد، أو حدا أخذه بالغلط من الطيارة الثانية.. تعرفين شو؟ خليني بس أقرأ سورة يس وأنا مطمئن، اتركوني بسلام في مكاني..”
تلك الفتاة ابتسمت، وكتبت شيئًا في الدفتر، ثم ذهبت، لكنها ظلت تمرّ بين الحين والآخر، وتنظر إليّ وتطمئن عليّ.
قلت في نفسي:
– “أنا مثل أنبوب معجون الأسنان، ما أعرف وين بروح بالضبط!”
ولم أشعر بالراحة إلا عندما وصلت إلى مطار كوتشي، ونزلت من الطائرة، وشعرت أني خففت وزني على الأقل كيلوَين من شدة التوتر!
فقال أحد الأصدقاء:
– “يا مَجِيد، السفر بالطائرة من أكثر وسائل النقل أمانًا، لا داعي للخوف!”
فردّ مجيد متنهّدًا:
– “راحت الشجاعة القديمة.. المرة القادمة، إن شاء الله، أبحث عن سفينة للعودة.”
فقالوا له مازحين:
– “وإذا هاج البحر وغرقت السفينة؟!”
بعد لحظة صمت قصيرة، قال مجيد بجديّة:
– “إذا مُتنا في البحر، فلن يقول الناس إننا متنا بلا ماء!”
(قصة لأحد المسافرين الهنود بعد تحطم طائرة)

