التكنولوجيا

بعد عقد من وفاته.. المعادلة التي اخترعها ستيف جوبز لتكمل آبل مسيرتها من دونه

في 24 أغسطس/آب 2011، تنحى ستيف جوبز عن منصب الرئيس التنفيذي لشركة آبل (Apple)، وحلّ محلّ رجل الأعمال المشهور عالميًا، تيم كوك رئيس عمليات آبل الذي كان غير معروف حينها.

ويقول الكاتب آدم لاشنسكي في تقرير نشره موقع بيزنس إنسايدر (Businessinsider) أنه يتذكر هذا اليوم عندما علم بالخبر عن طريق مكالمة من موقع فوكس بيزنس (Fox Business)، تسأله عن رأيه في مستقبل آبل بعد تنحي قائدها “الملهم”.

ويضيف “أراد موقع فوكس أن أتطرق إلى السؤال غير المريح الذي يدور في أذهان الجميع في ذلك الوقت ولسنوات قادمة: هل تستطيع الشركة البقاء على قيد الحياة من دون قائدها؟”.

ويقول الكاتب إن الشكوك حول كوك كان لها ما يبررها، إذ لم يكن لديه أي من صفات جوبز التي جعلت آبل واحدة من أعظم شركات الأعمال الناجحة في العالم، حيث كان جوبز عبقريا مبدعا بينما كان كوك تكنوقراطيا.

فبينما كان جوبز يقوم بالاعتناء بالتفاصيل من دراسة الخطوط التي تظهر في الإعلانات، ومراجعة نص الإعلان بنفسه، وخرق قواعد العمل. كان كوك متخصصًا في الهندسة الصناعية، مع ماجستير في إدارة الأعمال، وقضى سنوات خبرته في تحسين سلسلة التوريد الخاصة بشركة آبل.

آيفون وآيباد لم يعودا المنتجين الوحيدين اللذين تعتمد الشركة عليهما في زيادة الإيرادات (مواقع التواصل)
لهذا أراد جوبز كوك
ويقول الكاتب إنه كان لديه سبب مهني ملح للتصارع مع هذا السؤال. فعندما مات جوبز في أكتوبر/تشرين الأول 2011، كان في آخر مرحلة من تأليف كتاب عن شركة آبل. وكان من المقرر أن يكون شرحًا للثقافة والعمليات التجارية التي وضعها خلال فترة حكمه الثانية في شركة التكنولوجيا الرائدة، بدءا من عام 1997.

ويضيف الكاتب أنه في ذلك الوقت، كان هناك سؤال واحد في عقل الجميع إجابته (نعم أم لا)، وهو: هل سترفض البقاء مع منتجات آبل في ظل نظام تيم كوك؟ وقد سعى الكاتب للحصول على آراء واضحة من الناس الذين لهم مكانة في عالم الأعمال، فأجرى مقابلة مع جاك ويلش الرئيس التنفيذي المتقاعد لشركة جنرال إلكتريك، والذي كان يعرف جوبز، وقد كان متأكدا أن أفضل أيام شركة آبل أصبحت من الماضي.

ومع ذلك، يقول الكاتب إن من استنتاجاته بعد هذا التقرير أن جوبز عيّن كوك لسببين، فقد كان يحب أن يُنظر إليه على أنه صانع القرار الذي يعرف كل شيء، لكنه أيضًا كان فخورًا جدًا بالأنظمة التي وضعها وجعلت شركة آبل تعمل كوحدة واحدة حتى من دون وجوده، لذلك توصل ذلك “الداهية” إلى معادلة جديدة كما يقول الكاتب.

ففي عهد كوك، إذا استمر في منصب الرئيس التنفيذي، لن تكون شركة آبل “رائعة بجنون” -وهي من العبارات التي يستخدمها جوبز لوصف منتجات آبل- ولكنها بدلاً من ذلك ستصبح رائعة فقط.

ويرى الكاتب أنه حتى لو عاش جوبز، لما كانت آبل ستمضي 15 عامًا أخرى مثل العقد والنصف الماضيين، وهي فترة ابتكارية متفجرة وفريدة من نوعها. فهذا الاندفاع من الطاقة الإبداعية والتجارية، ورغم كل شيء، شهد ظهور أجهزة آي ماك (iMac) وآي تيونز (iTunes) وآيفون (iPhone) وآي باد (iPad)، وهي أجهزة غيّرت مفاهيم كثيرة وأصبحت بحد ذاتها مكونات ثقافية خاصة للشركة. ولكن إذا صمدت هذه الثقافة بشكل معقول، فستكون آبل على ما يرام بقوة هذه المنتجات.

ويقول الكاتب إن محبي جوبز كانوا يستخفون باستنتاجاته، فقد نشر جورج كولوني الرئيس التنفيذي لشركة فوريستر (Forrester) المتخصصة في مجال التكنولوجيا، مقالًا توقع فيه أن شركة آبل ستحذو حذو شركة سوني (Sony) التي تراجعت عندما توفي قائدها الكاريزمي واختفى من المشهد.

البعض توقع أن شركة آبل ستحذو حذو شركة سوني التي تراجعت عندما توفي قائدها الكاريزمي (الفرنسية)
هل تحققت النبوءة؟
بالفعل كانت شركة آبل تتراجع من حيث الإبداع، فتطبيق سيري (Siri) كان متوسط الجودة، كما كان تطبيق خرائط آبل أسوأ من منافستها خرائط غوغل، وباختصار أصبحت منتجاتها مثل منتجات أي شركة أخرى.

ولكن كيف استطاع كوك النجاح في الرهان برفع قيمة الشركة؟ فقد زادت القيمة السوقية للشركة 7 أضعاف، من 350 مليار دولار إلى 2.5 تريليون دولار.

وبينما يتلاشى الوهج الخاص بجهاز آيباد ومعه آيفون، أنشأ كوك شركة خدمات (أغانٍ واشتراكات وتخزين وأفلام وبرامج تلفزيونية وألعاب وما إلى ذلك)، وكان ذلك بمثابة منتج آخر أضاف 3 مليارات دولار في الإيرادات، و54 مليار دولار اليوم، بحسب ما ذكره الكاتب في التقرير.

صحيح أن آبل لم تعد الآلة المبتكرة كما كانت من قبل، فأفضل منتجاتها مثل آبل واتش (Apple Watch) وإير بودز (AirPods)، متواضعة بالنسبة إلى سابقاتها. ولكن بصفته رجل أعمال، فقد ارتقى كوك إلى مستوى عمله.

لقد جعل شركة آبل أكثر انفتاحًا على بقية العالم، مع الاحتفاظ عمومًا بخصوصية لمجتمعها الخاص. وبعد أن كان متحدثًا خشبيًا ومديرًا تنفيذيًا يركز على الداخل، حول نفسه إلى متحدث ماهر وسياسي بارع.

فعلى سبيل المثال، طريقة تعامله مع الرئيس الأميركي دونالد ترامب لسنوات ستدرّس لطلاب الأعمال كـ”دراسة حالة”، لكيفية تعامل الرئيس التنفيذي الذي يفترض أن لديه مجموعة معينة من المعتقدات السياسية الخاصة به، مع مسؤول حكومي مخالف لمعتقداته من أجل مصلحة شركته.

ويرى الكاتب أن الذين شككوا في أهلية كوك لإدارة آبل في الغالب اعترفوا بالهزيمة، ولكن لن تتبخر الشكوك تمامًا. فآبل اليوم لم تعد رائعة بجنون، وتيم كوك ليس ستيف جوبز، لكن شركة آبل هي الشركة الأكثر قيمة في العالم، ولم يحدث ذلك النجاح الممتد لعقد من الزمن تحت إشراف كوك بالصدفة.

المصدر : بيزنس إنسايدر

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إغلاق