نشاطات

مصريات يتحدثن عن الختان: أكره جسمي وأشعر أنه مستباح

000111245670

-همسة سماء ألثقافه -وكالات- الوجع الذي لا يفارق الأبدان .. ولا يفارق النفس .. ولا تروح ذكراه.  الجرح الذي لا يلتئم ولا يشفي ولا ينمحي أثر تشوهاته. هو الذكرى الدموية التي تحيا بين أضلعنا ونحمل ثقلها المضني علي أكتافنا ونمضي.. نسير وسط البشر ندعي التعايش والاعتيادية ونتوهم تحولنا إلي أشخاص أسوياء .. أخبرني كاذب يوما أن الوقت كفيل بكل شئ ويوما ما الماضي سينسحق بلا شك والذكريات تُنسي وكل الجميل والبشع يندفن في أرشيف الذاكرة هذه الحكمة لم تجدي نفعا مع عانين ختان الاناث …. يتمنين كل يوم أن ينكتم هذا الصراخ الداخلي ويخفت الضجيج ويخف الثقل المزعج  ولو قليلا .. ربما ببعض الحكي يحاولون تحرير أنفسهن.. أو مساندة بعضهن كناجيات من اعتداء مشؤوم. وفي محاولة للتحرر قررت عدد من الفتيات البوح بما لديهن وفتح باب الذكريات المظلمة لعلها تسقط مخلفة بعض البراح والقدرة على التقاط  الأنفاس.. هي محاولة للتخلص من الغضب الذي يقيد الأرواح إلي من كانوا سببا في الأذي. ماجدة: كرهت جسمي وحسيت انه شيء مستباح النتيجة مع ماجدة لم تكن سهلة بل تحول الأمر إلى أزمة نفسية عميقة تصاحبها حتى اليوم جعلتها “تكره جسدها” الذي استباحوه وقطعوا جزءا منه لمجرد أن آخرين يفعلون نفس الشيء.. وتروي ماجدة قصتها فتقول: ختنوني وانا ف تانيه ابتدائى .. كان عندى ٧سنين وقعدت فترة باعانى من التهابات وماما رافضه تودينى لدكتور.. ما لم تتمكن ماجدة من نسيانه هو أنها في وقت الختان كانت مدركة لكل شيء يحدث: “كنت صاحيه وفايقه لكل حاجه بتحصل البنج كان موضعى كنت صاحيه بس مش حاسه بحاجه لكن من رهبه الموقف غمضت عينى بالنسبة لك كل حاجه خلصت وتمام … بس ليا لأ” وتضيف معبرة عن ألمها المستمر: ” كرهت جسمى وحسيت انه شئ مستباح اى حد ممكن يتعدى عليه عادى خاصه وإن أول حد سمح بده هو أمى وابويا.. لدرجه انى كنت بدور على كتب من صغرى تفهمنى اللى اتقطع من جسمى دة يبقى ايه وطبعا لما كنت بسال اى سؤال يتقلي لما تتجوزى هتعرفى”. لم ينته الخوف من قلب ماجدة رغم أنها اقتربت من الزواج وخطيبها يدرك معاناتها ويتقبلها.. وتستكمل قصتها فتقول: “خايفة إنى أتجوز ومقدرش أكمل علاقه حميمبه للآخر لإنى بتعب من لمس الجزء دة عندي.. بافتكر كل حاجه حصلتلى ف ثانية” “خطيبى عارف ومتقبل دة جدا منى وهو عارف إنه هياخد وقت ومجهود معايا ف حاجة هو ملوش ذنب فيها..  مكدبش عليكى …. أنا بكرة المكان دة ف جسمى بسببهم حاسة إنى رخصيه أي حد يعمل فيا حاجه باسم الدين”. وعن خرافة الربط بين ختان الإناث والدين تقول ماجدة: “من الوجع النفسي كنت باقرأ كتب علميه ودينيه ولما اتأكدت إن مفيش دليل واحد على صحه اللى اتعمل فيا كرهت أوووووى اللى عملوه ولحد دلوقتى مش قادرة اسامحهم. أنا وخطيبي بنحب بعض جدا ومتفاهمين جدااا بس برضه خايفة يزهق منى لإن الموضوع دة عايز صبر.. أنا مش عارفه اساعد نفسي واتمنى اروح لدكتور نفسي.. بس في الصعيد الدكاترة النفسيين عندى بعافيه .. وصعب اروح القاهرة هقول للبيت مسافرة ليه؟؟” جي: عمري ما تخلصت من إحساسي بإني إنسانة مش كاملة لفترة طويلة جدا بعد مراهقتها (بعد إعدادى وثانوي) اعتقدت أن كل البنات مختنات وإن “دا العادي”, لاحقا اكتشفت “جي” أن الحقيقة غير ذلك وقالت: ” اكتشفت ان فيه بنات مش مختنات والعادي انهم ميكونوش مختنات.. مكنتش عارفة دا معناه ايه مختنة ومش مختنة اية الفرق؟؟” كانت تتجنب التفكير في تفاصيل التجربة نفسها.. إلى أن تكونت- على حد تعبيرها- “سحابة سودا” علي ذكري الحادثة في ذاكرتها.. وتضيف: “كنت باتجنب التفكير فيها علي أساس إن اللي حصل حصل.. بعدين شخص ما او شخصة مش فاكرة مين  (او فاكرة وباستهبل) فهمني إن المختونات ناقصات .. وفيهم حاجة غلط .. والرجالة مبتحبهمش” “كبرت والفكرة دى بتختمر ف دماغي .. حبة حبة فهمت ان في حاجة اتقطعت وراحت ..واللي فهمته وقتها إن الحاجة دى مهمة ف الجنس .. عشان كدا المختونات مش مرغوبات”.. واستطردت جي: “لما بدأت انضج واوصل للوعي النسوي الفطري ووقع ف إيدى كتاب المرأة والجنس لنوال السعداوي وبدأت اقرأ ف كتب تانية فهمت إن الإحساس والرغبة ف المخ مش ف الأعضاء التناسلية.. وهمت قد إيه العملية دى انتهكت فيا حاجات كتير.. وبدأت أدرك آثار العنف النفسي والجسدي لحادثة الختان في السنين اللي بعدها … لكن عمري ماتخلصت من إحساسي إني إنسانة مش كاملة.. وإني مش مرغوبة.. وف لحظة كدا فكرت . يعني هم الرجالة مش بيرغبوا او بيرغبوا فينا عشان المنطقة دي؟؟؟” عند وصولها إلى هذا السؤال, كان التحول التالي في شخصية “جي” وطريقة تفكيرها.. عندها قالت لنفسها: “طب ميتين أبوكم أنا أصلا مش عايزاكم.. ما الرجالة بيختنوهم اشمعني مش بيقولوا عنهم إنهم مش بيحسوا؟”.. وبدأت تقرأ عن الموضوع والفرق وبدأت تكتشف التفاصيل.. وتصف جي رحلتها في الاكتشاف فتقول:  “كنت بادق الباب علي كل كل جزء وكل حتة.. وفجأة.. إيه دا أنا باحس !! أنا طبيعية.. وبدأت أفهم, لكن عمري ما اتخصلت من فكرة إني إنسانة مش كاملة !! وعمري ما اتخصلت من إحساس الوجع والألم لما يكون فيه كلام أو ذكر للعضو الأنثوي.. وعمري ما تصالحت مع الجنس.. بسبب إحساس وهمي مش قادرة اتخلص منه (رغم يقيني بعدم صحته) إن هيبقي في طرف أعلي من طرف في العلاقة”. لا تتذكر “جي” كثير من التفاصيل.. لكن هناك شيئا مهما تتذكره جيدا: “الحقيقة مش هانكر إنها محسساني بالخجل لكني مصممة اقولها.. انا كنت مبسوطة بالاهتمام اللي كان حواليا من البيت .. الختان كطقس احتفالي للأولاد وعلي صعيد واسع وللبنات علي صعيد ضيق ( داخل العائلة فقط) الكل بيجي يهني ويبارك (مش فاهمة علي إيه) بس دا بيدى للطفل إحساس إن هو هي مهمة بالنسبة لهم” اعتقدت “جي “أن الأمر طبيعيا “زيه زي تبديل الأسنان وتخريم الودان ونزلات البرد الشتوية.. أمر ضروري والسلام .. لكن فكرة العادى المؤقتة وفكرة الفرح بالاهتمام وقتها .. حاليا مشيلاني إحساس بالذنب (عارفة إنه مالوش داعي) .. إحساس بالذنب إني معرفتش أساعد نفسي وقتها . إني حتي مقلتش لاء إني حتي معرفتش إن دا أذي .. وزعلانة من نفسي إني طاوعتهم وانا مش فاهمة هو دا إيه؟”

مقالات ذات صلة

إغلاق