مقالات

حوار | التربية والتعليم العربي بين إشكاليات الواقع واستشراف المستقبل

بواسطة البروفيسور خالد أبو عصبة

حاوره: سليمان أبو إرشيد
في مقدمة كتابه “التربية والتعليم في المجتمع العربي ما بين الواقع واستشراف المستقبل”، الذي صدر مؤخرا، كتب بروفيسور خالد أبو عصبة، أن عمليّة التربية والتعليم من الأُمورِ الأَساسيّة بل المصيريّة في حياةِ الشّعوب، وهي لا تقلُّ أَهميّة عن القضايا الأَمنيّة؛ مشيرا إلى أن الأمورُ الأمنيّة تحافظ على أمنِ وسلامة الشّعوب، بينما التّربية والتّعليم تعمل على بناءِ هذهِ الشّعوب وأَمنها بشموليته وتشكيلِ هويّتها وملامحها في الحاضر وآمالها في المستقبل، داعيا للنّظر إلى مراحلِ وسيرورة التّغيرات من الماضي إلى الحاضر، ومحاولة استشرافِ المستقبل بناءً على قراءة الماضي وما آلت إليه الأمورُ في الحاضر.

واعتبر كتابه عونًا مرجعيًّا لتشخيص معضلاتٍ تربويّة في واقعنا السّياسيّ، الاجتماعيّ، الاقتصاديّ، الثّقافيّ والتّربويّ، واقع يمكنُ الادّعاء أنّهُ خاصّ لمجتمع أقليّة أصلانيّة، وهذا يساهمُ في النّقاش حول قضايا تربويّة في مجتمعٍ يسعى لبناءٍ جديد، يلتقطُ أنفاسهُ بعد أن عصفت وما زالت تعصفُ بهِ أحداثٌ بنائيّة وبنيويّة في خضم نقاشٍ وجدلٍ دائر حولَ أينَ المسير؟

ويشير أبو عصبة، إلى أن عصر ما بعد الحداثة وعدم الاستقرار الاجتماعي والثقافي يجعل محاولة التنبؤ بالمستقبل تتميز على الدوام بانعدام اليقين بالرغم مما تفرضه من فهمِ الظّروفِ الّتي أحاطت بالماضي، وإِدراكِ الحاضر وظروفه بآليّاتٍ موضوعيّة تستندُ إلى معطياتٍ وبياناتٍ وقراءاتٍ عميقة ومركبة، كما يتميز بوجودُ قيمٍ متضاربة وعدم الإِجماع عليها كما كانَ الأمرُ في الماضي، ممّا يصعّبُ صياغةَ رُؤى تربويّة على المدى البعيد لعالمِ الغد، ويجعلُ التَّخطيط المستقبليّ أكثرَ تعقيدًا.

ويرى في هذا السّياق، أنَّ التّحديات المعقدة لا يوجدُ لها حل واحد واضح ومتفقٌ عليه، بالإضافة إلى أَنَّ التّحديات المُعقدّة والغامضة لا يمكن طرح حلول بسيطة لها؛ فكلّما زادَ الغموض والتّعقيد، ازدادت معها مجالاتُ وأشكال وأنواع الحلول، لأَنّ هناكَ فجوةٌ كبيرة بينَ الحقائقِ المثبتة بمعطياتٍ وبياناتٍ في الحاضر وبينَ التّنَبُؤ المستقبلي المتوقع.

كما أن أحد الأمور الّذي يعيقُ وضعَ التّخطيطِ الإستراتيجيّ ومحاولة طرحِ الحلول لمستقبلٍ يكتنفهُ الغموض، هو تشبّثنا بالتّركيزِ على المشكلاتِ الّتي قد تنتظرنا وليسَ على الفضاءِ والبيئة الّتي تطوّرت فيها هذهِ المشكلات، فالتّركيز على المشكلاتِ بغرضِ طرحِ حلولٍ لها قد يتناسبُ مع العصرِ الماضي وليسَ عصرَ المستقبل (عصرَ ما بعدَ الحداثة).

وفي كلّ الحالات، يقول أبو عصبة، سواءَ كانَ التّخطيط على المدى القريب أَو البعيد، هناكَ اتفاقٌ بينَ باحثي التّربية باعتبارِ كلّ موردٍ ماديّ في العمليّة التّربويّة بأنّهُ استثمار وليسَ استهلاك، فالتّعليم حقٌ لكلِّ طالب، وواجبُ كلّ دولة أَن توفّرهُ لمواطنيها.

بروفيسور خالد أبو عصبة

حول الكتاب وتحديات التربية والتعليم العربي في عصر النيولبرالية وما بعد الحداثة، والتي تضاف إلى تحديات واقع التمييز العنصري ومحاولات سحق الهوية التي نعاني منها منذ أكثر من سبعة عقود، كان هذا الحوار مع بروفيسور خالد أبو عصبة وهو محاضر وباحث ومدير معهد مسار للأبحاث الاجتماعية.

سليمان أبو إرشيد: اللافت أن الكتاب يتحدث عن التربية وليس عن التعليم ويسلط الضوء على التحديات العصرية التي يواجهها شبابنا في ظروف العولمة وثورة التكنولوجيا والمعلومات وسيادة النيولبرالية كنمط اقتصادي مهيمن، وما يشكله كل ذلك من أخطار على منظومة القيم الوطنية في مجتمع يتعرض أصلا لمحاولات تبديد هويته الوطنية في نطاق عملية أسرلة متواصلة؟

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إغلاق